خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضاته وأخطاءه - ج1
في كتاب "الإتقان في علوم القرآن" لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (باب "النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه") نقرأ ما يلي: "أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم أبو عبيدة، وأبو عمر الزاهد، وابن دريد. ومن أشهرها كتاب العزيزي، فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرره، هو وشيخه أبو بكر بن الأنباري.
ومن أحسنها المفردات للراغب. ولأبي حيان في ذلك تأليف مختصر في كراسين.
قال ابن الصلاح: وحيث رأيت في كتب التفسير: (قال أهل المعاني) فالمراد به مصنفو الكتب في معاني القرآن، كالزجاج، والفراء، والأخفش، وابن الأنباري. انتهى.
وينبغي الاعتناء به فقد أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا: أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه.
وأخرج مثله عن عمر، وابن عمر، وابن مسعود موقوفا.
وأخرج من حديث ابن عمر مرفوعا: من قرأ القرآن فأعربه، كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن قرأه بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات.
المراد بإعرابه معرفة معاني ألفاظه، وليس المراد به الإعراب المصطلح عليه عند النحاة، وهو ما يقابل اللحن؛ لأن القراءة مع فقده ليست قراءة، ولا ثواب فيها.
وعلى الخائض في ذلك التثبت والرجوع إلى كتب أهل الفن، وعدم الخوض بالظن فهذه الصحابة - وهم العرب العرباء وأصحاب اللغة الفصحى ومن نزل القرآن عليهم وبلغتهم - توقفوا في ألفاظ لم يعرفوا معناها، فلم يقولوا فيها شيئا.
فأخرج أبو عبيد في الفضائل، عن إبراهيم التيمي: أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: وفاكهة وأبا [عبس: 31]. فقال أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلني، إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وأخرج عن أنس: أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر وفاكهة وأبّا. فقال هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه، فقال: إن هذا لهو الكلف يا عمر.
وأخرج من طريق مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت لا أدري ما (فاطر السماوات)، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها.
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير: أنه سئل عن قوله: وحنانا من لدنا [مريم: 13]؟ فقال: سألت عنها ابن عباس فلم يجب فيها شيئا.
وأخرج من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال: لا والله، ما أدري ما حنانا.
وأخرج الفريابي: حدثنا إسرائيل، حدثنا سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربعا (غسلين) [الحاقة: 36] (وحنانا) [مريم: 13] و(أواه) [التوبة: 114] (والرقيم) [الكهف: 9].
وأخرج ابن أبي حاتم عن، قتادة قال: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما قوله ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق [الأعراف: 89] حتى سمعت قول بنت ذي يزن: (تعال أفاتحك). تقول: تعال أخاصمك.
وأخرج من طريق مجاهد، عن ابن عباس، قال: ما أدري ما الغسلين! ولكني أظنه الزقوم."
من يقرأ ما تقدّم لا يمكن أن يفوته التناقض في كلام السيوطي، فمن ناحية هو يستشهد بمن يقول بوجوب معرفة معاني ألفاظ القرآن ومن ناحية أخرى يورد بعض الأحاديث عن الصحابة في عدم فهمهم لبعض عبارات كتابهم، رغم أنّهم أقرب لزمن "الجاهلية" (التي يزعمون أن القرآن أتى كمعجزة ليثبت عجز شعرائها على الإتيان بمثله) من جلال الدين السيوطي ومنّا نحن وعاصروا محمّد بن آمنة وكانوا معه... فإذا كان هؤلاء الذين عاشوا زمنا في "الجاهلية" وأدركهم الإسلام فدخلوا فيه وكانوا مع محمّد لا يعرفون معاني ما يسمّى "غريب القرآن" ولم يسألوا عنه محمّدا ولم يتبيّنوا منه معناه، فكيف سيعرف المسلم، في زمن السيوطي أو بعده، معنى تلك الألفاظ؟ وإذا لم يعرف معناها، فعن أيّة "معرفة" يتحدّث السيوطي؟ ألا يصبح كلامه مجرّد لغو وتكرار ببغائي؟ ألا تصبح قراءة كل المسلمين للقرآن، بما فيهم الصحابة والسيوطي نفسه، بلا ثواب؟ فهو يقول ذلك صراحة: "لأن القراءة مع فقده ليست قراءة، ولا ثواب فيها"... والإعتراف حاصل في ما يلي تلك الجملة من أحاديث الصحابة.
يقول القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (قوله تعالى فاستمسك بالذي أوحي إليك): "قوله تعالى فاستمسك بالذي أوحي إليك يريد القرآن، وإن كذب به من كذب، فإنك على صراط مستقيم يوصلك إلى الله ورضاه وثوابه. وإنه لذكر لك ولقومك يعني القرآن شرف لك ولقومك من قريش، إذ نزل بلغتهم وعلى رجل منهم، نظيره : لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أي : شرفكم. فالقرآن نزل بلسان قريش وإياهم خاطب، فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم كل من آمن بذلك فصاروا عيالا عليهم ; لأن أهل كل لغة احتاجوا إلى أن يأخذوه من لغتهم حتى يقفوا على المعنى الذي عني به من الأمر، والنهي وجميع ما فيه من الأنباء، فشرفوا بذلك على سائر أهل اللغات ولذلك سمي عربيا".
إذن، حسب القرطبي، القرآن كان بلهجة قريش. وبالتالي، من المفروض أن قريش كانت تعرف معنى تلك الكلمات الغريبة، لأنها من لهجتها. فكيف نفسّر أن الصحابة، وأعداد القرشيين منهم كثيرة، لم يكونوا يعرفون معانيها؟
ولنقل أن القرآن فيه كلمات دخيلة من لهجات قبائل أخرى (جرهم، كنانة، طيء، هذيل، إلخ) وأن لهجته الرئيسية هي لهجة قريش. ألم تكن للصحابة ألسنة ليسألوا محمّدا عمّا عجزوا عن فهمه من كلام "كتاب الله"؟
ثمّ، ألا يبيّن كلّ هذا أنّ القرآن أصبح (بفعل مرور الزمن وموت محمّد والإبتعاد عن زمن تعدّد اللهجات في شبه جزيرة العرب وإندثار هذه اللهجات بعد سيطرة لهجة قريش وتطوّرها وإدخال التنقيط والتشكيل في مرحلة لاحقة)، مجرّد لغو فارغ لا معنى له؟ هذا إذا فرضنا أنّه كانت لهذه الكلمات المجهولة معان عند "نزوله"، حسب الخرافة الإسلامية.
وكيف يقبل المسلم أن يقرأ كلاما لا يفهمه؟ بل حتى أجداده وصحابة رسوله لم يكونوا يفهمونه؟
هذا غيض من فيض أسئلة كثيرة تستوجب التوقّف والتفكير فيها وفي تداعياتها بمنطق وعقل، بعيدا عن ثقافة الحشو ولغة الببغاوات. فهل ستستفيق من سباتك يا عزيزي المسلم وتستعيد عقلك الذي صادره الإسلام وتسترجع إنسانيتك وتبدأ في التفكير؟