Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
3 octobre 2013 4 03 /10 /octobre /2013 04:50

لقد أعزّ الله المسلمين بالإسلام وأذلّ الكفّار بكفرهم

بقلم: مالك بارودي

 

membres-de-l-organisation-internationale-animanaturalis-pro.jpg


"في مدريد، تظاهر مئات الناشطين من منظمات الدفاع عن حقوق الحيوانات، يوم الأحد 2 ديسمبر 2012، عراة، في ساحة مزدحمة في وسط مدريد للاحتجاج على ذبح الحيوانات لصنع الملابس والفراء. رجال ونساء، أجسادهم مغلفة كليا بطلاء أحمر يشبه الدم، تمدّدوا بجانب بعضهم البعض على الأسفلت. وللعلم فإن ساحة إسبانيا حيث وقع الحدث، توجد حولها العديد من دور السينما والمقاهي والمطاعم. وكانت الشمس في الموعد، لكن المحتجين لم يستطيعوا المكوث على ذلك الحال أكثر من نصف ساعة بسبب درجة الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء والتي كانت ثمانية درجات يومها. وقال سيرجيو غارسيا توريس  (Sergio Garcia Torres)، المتحدث باسم الفرع الإسباني لمنظمة "أنيماناتوراليس" (AnimaNaturalis) المنظم لهذا الحدث: "نريد أن يعي المستهلكون المعاناة الفضيعة التي تسبّبها هذه الصناعة القاسية واللاإنسانية للحيوانات". "في حين أن هناك العديد من الحلول البديلة للباس، سواء كان ذلك بالقطن والكتان والصوف أو الألياف القطبيّة أو الميكرو-ألياف، من الحماقة استخدام جلد الحيوان لصنع الملابس التي يمكن صنعها بطرق أخرى". وقالت منظمة "أنيماناتوراليس" أنّ هناك أكثر من ستة ملايين حيوان، كل سنة، بما فيها الثعالب والمنك والدببة والوشق، يتم تربيتها في الأسر أو يقع أسرها للحصول على فرائها. إسبانيا واليونان وألمانيا وإيطاليا هي أهم الدول التي تختصّ في صناعة الفراء. وهذا هو العام السابع على التوالي الذي تقوم فيه "أنيماناتوراليس" بتنظيم هذا الحدث في إسبانيا مع نشطاء عراة تنديدا بصناعة الفراء."

 

هذا مقال وجدته اليوم وأردت أن أنشره على الملأ لكشف ما يسمّى "حضارة الغرب". هذه عيّنة بسيطة من حياة "الفسق والفجور والنجاسة" التي لا يتوانى المسلم عن التنبيه منها وتقديم النصائح لـ"إخوانه في الإسلام" بالإبتعاد عنها، دون أن ينسى "حمد الله الذي أعزّه بالإسلام". إذ ماذا نجد في المقابل؟ نجد كلّ ما يمكن أن يقرّب المسلم من ربّه أكثر فأكثر ويمنعه عن الفحشاء والمنكر. فالمسلم دائما سبّاق لفعل الخير. فقتله لمن إرتدّ عن الإسلام، والذي يعتبره من لا همّ لهم إلاّ حياكة المؤامرات لزعزعة "خير أمّة أخرجت للنّاس" إعتداء على حقّ ذلك الإنسان في الحياة، هو تطبيق لحديثين نبويّين: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (رواه مسلم) و"من بدّل دينه فأقتلوه" (رواه البخاري ومسلم). وأيّ قدوة له أحسن من رسوله، خاتم الأنبياء والرّسل، الذي قال عنه القرآن: "وإنّك لعلى خلق عظيم" (القلم - آية 4). فالمسلم هنا يحمي دينه ويحمي إخوانه في الإسلام من خطر العيش مع شخص "كفر بعد أن عرف الإسلام ودخل نوره في قلبه"، وتفريطه في هذا الواجب قد يجعل إخوانه يألفون الكفر المنكر فيزول من قلوبهم بغضه ثم ينتشر ويسري فيهم وتغرق سفينة المجتمع. فهو يطبّق شرع ربّه ورسوله الذين جعلاه وصيّا على نفسه وعلى الآخرين ومسؤولا عنهم أيضا. فهل هناك دين أحلى وأجمل من هذا الذي يجعلك تقتل العالم كلّه من أجل أن تدوم كلمة الله؟ فالله ورسوله هما اللذان فوّضا لكلّ مسلم حقّ إنتزاع حياة أيّ إنسان، والله ورسوله لا يخطئان.

 

وتفجير المسلم لنفسه في "بلاد الكفار" نعمة من عند ربّه لا يعرف معناها إلا من تشبّع بالقرآن والسّنة والأحاديث وعرف أنّ أحسن وأضمن طريق لدخول الجنّة هي تفجير النّفس مع أكثر عدد من الضحايا "الكفّار". فهو هنا يقوم بما أوصاه به ربّه في الكثير من آيات كتابه، المحفوظ في الصّدور واللوح منذ بداية الخلق، ويمكن أن نذكر منها: "قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين" (سورة التوبة ـ آية 14) و"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" (سورة البقرة ـ آية 206) و"وقاتلوا في سبيل الله وإعلموا أن الله سميع عليم" (سورة البقرة ـ آية 244) و"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" (سورة البقرة ـ آية 251) و"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (سورة التوبة - آية 29) و"فإذا إنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" (سورة التوبة ـ آية 5) و"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز" (سورة الحجّ ـ آية 40) و"الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا" (سورة النساء ـ آية 76) و"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن إنتهوا فإن الله بما يعملون بصير" (سورة الأنفال ـ آية 39) و"يا ايها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين" (سورة الصّف ـ آية 10)... والاحاديث أيضاً كثيرة في هذا الإطار، فلا يكاد يخلو كتاب حديث من أبواب خاصّة عن الجهاد والغزوات. وكل الجماعات الإسلامية تستمد شرعيّة ما تقوم به من هذه الاحاديث، ومن بين تلك الأحاديث يمكن أن نسوق ما يلي: "أتسمعون يا معشر قريش أمّا والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح" (هذا في صحيح إبن حبان وقد صحّحه الشيخ الألباني في صحيح السّيرة النبوية) و"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم) و"من قاتل في سبيل اللَّه من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة" (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح) [الفواق : ما بين الحلْبتين] و"وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة" (ورد في "تحفة الأحوذي" للمباركفوري)... فأيّ كلام أحلى من هذا وأيّ دين أحسن من الإسلام الذي سهّل الأمور وبسّطها فجعل طريق المسلم إلى الجنّة سهلا يسيرا. إذ يكفي أن تفجّر نفسك بين الكفّار حتّى تكون لك الجنّة. وأيّ جنّة؟ لقد رفع ربّ الإسلام منزلة مفجّر نفسه المستشهد في سبيل الإسلام درجات لا يصلها إلاّ رسوله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ‏ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على ‏رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج إثنتين وسبعين زوجة من ‏الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه" (رواه الترمذي). كلّ هذا النّعيم في الآخرة مقابل تفجير المسلم نفسه وقتل "الكفّار" الذين لا ينفعون بشيء والذين سخّرهم الله للمسلمين فجعلهم يصنعون ما يستعمله المسلم المؤمن الصّادق في حياته اليوميّة للتّقرّب من ربّه أكثر وما يستعمله لقتلهم شرّ قتلة أيضا، جزاء كفرهم وإنكارهم لدين الحقّ. فالمسلم هنا "خليفة الله في الأرض" ويجب أن يعي مكانته الإستثنائيّة والمميّزة بين كلّ المخلوقات الأخرى بل وبين بني آدم أيضا، ذلك أنّ "الكفار" الذين لم يذوقوا حلاوة الإسلام سواء عن جهل أو عن تكبّر هم "كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا" (الفرقان - آية 44). أنظروا الحكمة الإلهية في تشبيه "الكفار" بالأنعام، وهذا التّشبيه الجليل يتكرّر مرّات ومرّات في القرآن للتّأكيد على أنّ الكفّار يجب أن يكونوا كالحيوانات وكالدّواب في نظر المسلم الصّادق مع ربّه ورسوله، أي أنّه يجب على كلّ مسلم أن ينتفع بما ينتجونه ولكن دون التّشبّه بهم إذ عليه ذبحهم وقتلهم مثلما يذبح ويقتل الدّواب. وتلك قمّة الحكمة الإلهية التي جعلها في مخلوقاته وقمّة التّكريم الإلهي لعباده المسلمين، خلفائه في الأرض. فأيّ تكريم أكثر من هذا؟ أن يكون المسلم وصيّا ومسؤولا، لا على إخوانه في الإسلام فقط، بل على العالم كلّه، بل جعله كالرّاعي، له كلّ الحقوق على إخوانه المسلمين وعلى "أنعامه" من الكفّار، بما لا يخالف شرع الله. ولولا معرفة ربّه بالمفاسد التي قد تصيب العالم وتصيب الإسلام أيضا بسبب ترك الكفّار أحياء وأحرارا لما أمره بقتلهم. ولله في خلقه شؤون. ثمّ أنّنا لا نجد وصفا يليق بهذه الشّريعة الإلهيّة لوصف إنسانيّتها وعظيم رحمتها. ولو كان الله لا يحبّ المسلمين لما جعل الجنّة وحور العين بهذه السّهولة، أي جزاء للإستشهادهم في سبيله. ألم يقل ربّ الإسلام في القرآن: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"؟ (سورة البقرة - آية 185)

 

نتوقّف هنا، أعزّاءنا القرّاء، فالحديث عن حلاوة الإسلام وجماله وإنسانيّته وما يحسّ به المسلم من عزّة وفخر لكونه ولد مسلما وتربّى على الإسلام أو عرف الإسلام فدخل إليه وأصبح مستعدّا لبذل الغالي والنّفيس من أجل إعلاء رايته على جثث العالم الكافر، هذا الحديث لا يمكن أن نستنفد الكتابة فيه وإن بقينا ألف سنة نحبّر الأوراق ونسرد الأحاديث والآيات ونروي درر السّيرة النّبويّة التي جعلت الأرض تشرب من دماء غير المسلمين. فلا عزّة للمسلم إلاّ بالإسلام ولا حياة إلا لمن إختار الموت في سبيل ربّه ورسوله. ألا ترون الفرق الواسع والشّاسع بين "إنحطاط ونجاسة وضلال الكفّار" وبين "السلام والرّحمة والعزّة والكرامة والطمأنينة والإنسانيّة التي في الإسلام"؟

 

 spj1bOjlhw.jpg

 

----------------

ملاحظة هامّة: نظرا لأنّ موقع "الحوار المتمدّن" محجوب في الكثير من البلدان العربية بسبب جرأة مواضيعه والكمّ الهائل من الحرية التي في النصوص التي تنشر عليه، يمكن لمن يريد إرسال هذا المقال أو غيره لأصدقائه أن يعتمد على رابط مدوّنة الكاتب الشخصيّة:

http://chez-malek-baroudi.blogspot.com

أو المدوّنة الجماعيّة "يوتوبيا-666" الموجودة على العنوان الآتي:

http://utopia-666.over-blog.com

في إنتظار تغيّر العقليّات الفاسدة والمتحجّرة التي نعاني سلطتها الحمقاء في هذه البلدان العربية.

 

 

Partager cet article
Repost0
2 octobre 2013 3 02 /10 /octobre /2013 07:38
Iraqi Author 'Aref 'Alwan: The Jews Have an Historic Right to Palestine

Carte israel

 

In an article posted December 7, 2007, on the leftist website www.ahewar.org,[1] 'Aref 'Alwan, an Iraqi author and playwright who resides in London and is the author of 12 novels,[2] states that the Jews have an historic right to Palestine because their presence there preceded the Arab conquest and has continued to this day.

In the article, titled "Do the Jews Have Any Less Right to Palestine than the Arabs?" 'Alwan called on the Arab world to acknowledge the Jews' right to Palestine, because justice demanded it and also because doing so would end the violence and the killing of Arabs, as well as intra-Arab strife. He added that such a move would also open up new avenues for the Arab world that would be more consistent with the values and needs of modern society.

'Alwan writes that the Arab League is to blame for the refusal to recognize the 1947 U.N. partition plan, for starting a war to prevent its implementation, and for the results of that war, which the Arabs call the Nakba (disaster). He points an accusing finger at the Arab regimes, the Arab League, and the educated circles in the Arab world, saying that they had all used the term "nakba" to direct popular consciousness toward a cultural tradition that neither accepts the other side nor recognizes its rights – thereby promoting bigotry, violence and extremism. He also claims that there have been attempts to rewrite Palestinian history, in order to deny any connection between it and the Jewish people.

'Alwan contends that the "Nakba mentality" among Arabs has boomeranged, giving rise to tyrannical rulers, extremist clerics, and religious zealots of every description. In his view, the Arab world will never shed the stigma of terrorism in the West unless it abandons this concept and all that it entails.

To boost his claim that the Jews have an historic right to Palestine, 'Alwan provides an overview of Jewish history in the land of Israel. He questions the validity of the Islamic traditions underpinning the Arab claim to Palestine, Jerusalem, and the Temple Mount, and presents evidence that religions that preceded Islam had conducted rituals on the Temple Mount.

As an example of the traditional Arab mentality that does not accept the other or recognize his rights, 'Alwan discusses the Arabs' abuse of the Kurds in Iraq and of the Christians in Egypt and Lebanon.

The following are excerpts from the article:

The Nakba: A Great Lie

"When the Salafi mob in Gaza tied the hands and feet of a senior Palestinian official and hurled him, alive, from the 14th floor, I asked myself: What political or religious precepts must have been inculcated into the minds of these young people to make them treat a human life with such shocking cruelty?

"Earlier, I had watched on TV as the bodies of two Israeli soldiers were thrown from the second floor [of a building] in a Palestinian city. Whether or not it was the same Salafi mob behind that incident, [one asks oneself]: What language, [or rather,] what historic linguistic distortion could have erased from the human heart [all] moral sensibilities when dealing with a living and helpless human being?

"Arabs who are averse to such inhuman behavior must help me expose and eliminate the enormous lie that has for 60 years justified, extolled, and supported brutality. [Such behavior] is no longer limited to the expression of unconscious [impulses] by individuals, but constitutes a broad cultural phenomenon, which began in Lebanon, [spread to] Iraq and Palestine, and then [spread] – slowly but surely – to other Arab states as well.

"This enormous lie is what the Arabs called the Nakba – that is, the establishment of two states in Palestine: the state of Israel, which the Jews agreed to accept, and the state of Palestine, which the Arabs rejected.

"In our times, when science, with its accurate instruments, can predict climatic changes that will lead to drought or the movement of tectonic plates that causes earthquakes, it is inconceivable that a modern man can, without making a laughingstock of himself, attribute the destruction of cities ancient or modern to the wrath of Allah. Nevertheless, today, 80% of Arabs claim this to be the case. They are neither embarrassed nor afraid of being laughed at.

"This high percentage includes not only the illiterates who densely populate rural areas, villages, and small and large cities, but also students, teachers, lecturers, graduates of institutions of higher education, scientists, technology experts, physicians, graduates of religious universities such as Al-Azhar, historians, and politicians who have held or are currently holding public office.

"It is those numerous educated elites who have forced the Arab mentality into a narrow, restrictive, and deficient cultural mold, spewing violence, terrorism, and zealotry, and prohibiting innovative thought... All this was done to instill a false sense of oppression in the hearts of the Arabs, and to destroy them with the infectious disease of despair and confusion.

"[This attitude] is rooted in the 1947 Arab League resolution stating that Palestine is a 'stolen' land and that none but a Muslim Arab is entitled to benefit from it as an autonomous [political entity], even if another's historic roots there predate those of the Muslims or the Arabs."

The Nakba Boomerang   

"[The upshot] of this confusion in [Arab] mentality is that the lie has boomeranged on the Arabs. [Thus] appeared [on the scene] Saddam Hussein, Hafez Al-Assad, Bashar Al-Assad, Osama bin Laden, Ayman Al-Zawahiri, Abu Mus'ab Al-Zarqawi, Hassan Nasrallah, Nabih Berri, Khaled Mash'al, Isma'il Haniya, and Mahmoud Al-Zahar, whose young [thugs] threw the senior Palestinian official from the 14th floor. Finally, from the foot of the eastern mountains bordering the Middle East came Ahmadinejad, who is committed to preparing the way for the anarchy and destruction that accompanies the advent of the long-awaited Mahdi, who will resolve the Palestinian problem.

"Today, owing to the ideological distortions that have afflicted the Arab popular consciousness since the so-called Nakba, and [also owing] to the lies that have accumulated around this notion, [the label of] 'terrorism' has become attached to Arabs, wherever they are.

"Despite the great political and cultural efforts by large and important Arab states such as Egypt, Saudi Arabia, Jordan, and some Gulf states to restore Arab ties with the rest of the world, and to curb the culture of terrorism in Arab societies, they have all failed. This is because these attempts to rectify [the situation], from both within and without [the Arab countries], both stemmed from and were a logical extension of the concept of the Nakba.

"This proves that the Arabs have no hope of extricating themselves from the cultural and political challenge of terrorism unless they come up with [new] and different [fundamental] premises, and with an outlook completely free of the fetters of the religious ritual that they have devised in modern times and called the Nakba.

"Although Palestinian senior officials, leaders, educated circles, and public figures, whose patriotism is beyond doubt, have come to terms with the existence of the State of Israel, the aforementioned 80% of Arabs... do not accept this view, and consider it religious apostasy. Leaders of the [Arab] states in the region, and party leaders, inflame sentiment, entrancing them with the drumbeat of extremism.

"With the strident chorus of its secretaries, the Arab League ensures that every car crash in Gaza or the West Bank is interpreted as an Israeli conspiracy against the Arab future. This is because the Arab League... was established as a pan-Arab entity whose main function was to write reports and studies rife with distortions of fact so as to quell the conscience of any Arab who dared think independently and expunge [the concept of] the Nakba from his consciousness. [It has done] this instead of devising creative strategies for cultural and economic development, so as to improve the deteriorating standard of living in the Arab societies."

The Nakba is Rooted in a Culture that Does Not Recognize the Right of the Other

"Why did the partition resolution, which gave a state in Palestine to the Jews and one to the Arabs next to it, become the Nakba – [the star] that rises and sets daily over the Arab lands without emitting even the tiniest ray of light to illuminate the path for their peoples?

"Did the Jews have any less right to Palestine than the Arabs? What historic criteria can be used to determine the precedence of one [nation's] right over that of the other?

"Refusing to recognize the right of the other so as to usurp his rights was a governing principle of the Islamic conquests from the time of 'Omar bin Al-Khattab; during that historical period it was the norm. [But] at the turn of the [20th] century, this principle was abandoned and prohibited, because it sparked wars and [violent] conflict. The international community passed laws restricting the principle of non-acceptance of the other, in the founding principles of the League of Nations in 1919. Subsequently, with the U.N.'s establishment, these laws were developed [further], with appendices and commentary, to adapt them to the current historical era and to express the commonly accepted values of national sovereignty and peoples' right to self-determination.

"But because of their sentimental yearning for the past and zealous adherence to [old] criteria, the Arabs purged their hearts of any inclination to adjust to the spirit of the age. They thus became captives of the principle of non-acceptance of the other and of denying the other [the right] to live, [among] other rights.

"As a result, damage was done to the rights and interests of non-Arab nations and ethnic groups in the Arab lands – among them the Kurds, the Copts, and the Jews. [Thus,] the Arabs still treat the numerous minorities that came under their dominion 1,400 years ago in accordance with the laws from the era of Arab conquest.

"Despite the consequences of denying the other the right to exist, not to mention other rights – that is, [despite] the oppression, conflicts, wars, and instability [resulting from this]... the Arabs have steadfastly clung to their clearly chauvinist position. All problems in the region arising from minorities' increasing awareness of their rights have been dealt with by the Arabs in accordance with [the principle of non-acceptance]... [even] after the emergence of international institutions giving these rights legal validity, in keeping with the mentality and rationale of our time."

Refusing to Accept the Other: The Kurds in Iraq; the Christians in Egypt and Lebanon

The Kurds

"The denial of the Kurds' national rights by the Iraqi government, and the Arab League's support for it, has brought on wars lasting 50 years – that is, three-quarters of the life span of the state that arose in Iraq...

"After fabricating arguments to justify the [1921] combining of the Basra region with the Baghdad region in order to establish a new state in Iraq, British colonialist interests demanded that a large area historically populated by Kurds be added to the new state. [This was done] to satisfy the aspirations of King Faisal bin Al-Hussein [bin Ali Al-Hashemi], who had been proposed as head of state in return for protecting British interests in the region.

"In his persistent refusal to grant the Kurds their rights, from 1988 through 1989 Saddam Hussein murdered approximately 180,000 Kurds, in an organized [genocidal] campaign he called 'Al-Anfal.' He then used mustard gas against one [Kurdish] city (Halabja), killing its residents (5,000 people). The Arab conscience silently acquiesced to this human slaughterhouse, while Arab League secretary-general (Shadhli Al-Qalibi) called the international press coverage of these events 'a colonialist conspiracy against the Arabs and the Iraqi regime.'

"Syrian Kurds are considered second-class citizens, and are banned from using their language or [practicing] their culture in public."

The Christians in Egypt and Lebanon

"The ethnic oppression of the Kurds [in Iraq] was echoed by sectarian extremism against the Copts [in Egypt]. In both cases, the Arabs used the principle of denying the existence of the other so as to strip him of his rights.

"The Copts, who [initially] assimilated Arabs into their society, but who have over time themselves assimilated into Arab society, discover time and again that this assimilated state is but a surface shell, which quickly cracks whenever they demand equality... As a result, Egypt, as a state, is gripped by constant social tensions that keep rising to the surface and threatening to undermine its stability...

 "Sectarian extremism in Egypt took the form of an organized party with the 1928 emergence of the Muslim Brotherhood, with the aim of splitting Egyptian society into two mutually hostile and conflicting parts. This was in line with the Arab religious and political principle of denying legitimacy to all non-Muslims or non-Arabs, [a principle practiced] since the Muslim armies reached Egypt in 639 [CE]...

"In Lebanon, the presence of armed Palestinian militias – which was in accordance with the decision of the Arab states – encouraged the formation of Lebanese militias, both Sunni and Shi'ite. Chanting slogans proclaiming Palestinian liberation, they frightened Christians by appearing armed in streets swarming with Lebanese [citizens] and tourists.

"This eventually led to a confrontation with Christian militias, which had also armed themselves out of fear of the pan-Arab slogans and fear for the [preservation of] the rights of the Christian sects.

"Lebanon was engulfed by an ugly 15-year civil war, that ended only after Syria, which had played an ignominious role as instigator [of the hostilities], attained full protectorate status over Lebanese affairs and the Lebanese people – [and this] took on the nature of colonialist hegemony...

"After the Lebanese were liberated from this [Syrian] control, in 2005 the clouds of civil war – albeit of a different kind – reappeared on the Lebanese horizon. The Arab League is making no effort to prevent the eruption [of this civil war] for two main reasons. First, the Syrian regime still supports ethnic tension, in order to regain control of Lebanon; and second, the current majority government, which opposes the renewed Syrian influence, is predominantly Christian...

"We had hoped that the Arab national conscience would recover from the illness afflicting it since the time of the Nakba, and that it would adopt [views] which, if not ahead of their time, would at least be appropriate to our time. But a group of journalists, writers, and several Arab historians guided by the principle of non-acceptance of the other has twisted the facts and concocted a false and gloomy history of the region – thereby trampling these dreams to the ground."

Jews Have a Rich and Ancient History in Palestine

"The Arabs see the Palestinian problem as exceedingly complicated, while it actually appears so only to them – [that  is], from the point of view of the Arabs' emotional attitudes and their national and religious philosophy. The Arabs have amassed false claims regarding their exclusive right to the Palestinian land, [and] these are based on phony arguments and on several axioms taken from written and oral sources – most of which they [themselves] created after the Islamic, and which they forbade anyone, Arab or foreigner, from questioning.

"When the Arabs agreed to U.N. arbitration... to resolve the Palestinian problem, it transpired that their axioms clearly contradicted reliable historical documents [that] this new international organization [had in its possession]. As a result, they wasted decades stubbornly defending the validity of their documents, which do not correspond to the officially accepted version of the region's history – which is based on concrete and solid evidence [such as] archaeological findings in the land of Palestine, the holy books of the three monotheistic religions, accounts by Roman, Greek, and Jewish historians...  and modern historical research..."

Jewish and Christian Ritual Sites in Jerusalem Predate Muslim Sites

"[A look at] the story of Al-Aqsa is now in order – a site considered holy by Muslim Arabs, who call it 'Al-Haram al-Qudsi al-Sharif' [The Noble Sanctuary] and [believe that] it was set aside for them by Allah since the time of Adam.

"[This site] contains several places of worship, including the Dome of the Rock, built by the [Umayyad Caliph] 'Abd Al-Malik bin Marwan in the seventh century CE – that is, 72 years after the Muslim conquests. This religious public gathering place was erected over a prominent [foundation] stone at the peak of 'Mount Moriah.' [Mount Moriah] contains three ancient Jewish public worship sites, as well as [some] Christian sites...  The octagonal structure of the Dome of the Rock Mosque was constructed on the site of an ancient Byzantine church, adjoining Solomon's Temple, destroyed by the Romans in 70 AD.

"Since the majority of Muslims claim that the Temple Mount is an Islamic site to which no one else is entitled, they do not acknowledge the presence of Jewish and Christian places of worship predating the Dome of the Rock within its walls...

"The Arabs take great pride in their tolerance of and benign treatment of the Jews and Christians who lived under the Muslim rule since the Muslim conquests. This account is part of the distortions underpinning the edifice of the Arabs' religious and national culture. [Arab] writers and historians keep eulogizing this epoch... while the truth is the opposite of what they claim. [Indeed,] the Pact of 'Omar [compelled] the Jews and the Christians to choose between either abandoning their religion and embracing Islam, or paying the [poll] tax in return for being permitted to reside...  and receive protection of life and property in their homeland. [The Pact of 'Omar] allowed them to practice their religion, build new houses of worship, and repair the old ones [only] with the permission of a Muslim ruler, and subject to numerous conditions.

"In subsequent historical periods, the Muslims imposed [additional restrictions] on the members of [these] two religions: They forbade them to raise their voices during prayer; [they forced them] to conduct their prayers and religious ceremonies in closed areas so as not [to disturb] passersby; they forbade them to carry weapons, ride saddled horses, or build houses taller than those of the Muslims. [Christians and Jews] were required to show respect for the Muslims, e.g. by giving up their seat to a Muslim if he wanted it. They were banned from holding government posts or from working in 'sensitive' public places.

"The Koranic verses cursing the Jews and casting doubt on [the veracity of] their Holy Book [the Torah] promulgated a desire among Arabs to set themselves above the Jews who lived in their midst, humiliating and persecuting them even without pretext. In time, this treatment made large numbers of Jews abandon their cities and their land and emigrate... while those who stayed [in Palestine] until the 19th century remained marginalized, living among the Arabs like criminals in a foreign land...  

"The Arabs claim that the 'Wailing Wall' has been their property since the Prophet Muhammad tied his horse Al-Buraq to one of its supports when Allah transported him by night from the Holy Mosque in Mecca to pray at the Al-Aqsa Mosque in Jerusalem...  Although this night-journey story seems dubious, Arab historiography after the advent of Islam contains such oddities as giving a horse the prerogative of making a wall weighing more than 2,000 tons into Muslim property. This is only one of thousands of examples of tales concocted by zealots, with which they swept away the Arab imagination.

"...When the U.N. resolution on the partition of Palestine was issued on November 29, 1947...  the Arabs refused to recognize it. They thereby rejected the state set out by the resolution as the right of the Palestinians and the Arabs, with the aim of establishing legal and historical equity. The Arabs called this resolution the Nakba, while their new states, formed several years before the State of Israel, launched the first war against Israel, in which regular military operations were combined with local attacks by gangs comprising Palestinians and Arabs from Arab regions near and far. [That war] ended in [the Arabs'] defeat. Persisting in their error, the Arabs established refugee camps for the Palestinians who had fled during and after the war...

"Chairman Mahmoud 'Abbas...  was the first Palestinian leader to acknowledge that the Christian church in Gaza plundered by Hamas gangs had stood there 'before [we] came to Gaza.' By this he meant 'we the Palestinians' – particularly the current Gaza residents, [the descendants of] Bedouins from the Sinai and the Arabian Peninsula and of others, of unknown origin. [These people were] attracted by the wealth of the new Islamic state that extended from Persia to Southern Ethiopia, and came after the Muslim conquests and set themselves up over the local population – Christians, Jews, Phoenicians, Byzantines, and the remnants of the Sumerians...  

Arabs Must Recognize the Jews' Right to Palestine

"In order to prevent more bloodshed among the innocent [population]...  and in order to keep the deteriorating situation in Lebanon, Iraq, Gaza, and the West Bank from making [these regions into] a quagmire that will spread to engulf all Arab states and societies, the Arabs must reassess the question of the Nakba and come up with a new, courageous vision for the region and for the future of its residents.

"[This vision] must involve public recognition of the Jews' legitimate right to their state – which is based on historical fact – instead of [recognition] of the writings filled with anger and demagogy produced and formed into an ideology by the confused [Arab] consciousness – a consciousness built upon lies, myths, and distortions stemming from the principle of non-acceptance of the other.

"The most important factor in strengthening such a new vision is [the adoption of] a principle [requiring] official condemnation of all individuals, groups, companies, religious and political parties, and totalitarian regimes that built their glory and hollow leaderships upon the notion of the Nakba, and which are always ready to absorb other false claims and fabrications.

"This must be done, so that a modern Arab face is turned to the world – [a face reflecting] ethical values that will not allow any Arab, under any pretext, to oppress his son or his brother who differs from him in religion, ethnicity, or ideology."

Endnotes:

[1] www.ahewar.org (formerly www.rezgar.com), December 7, 2007.

[2] 'Aref 'Alwan is the first Arab author to publish his novels on the Internet. His doing so was the subject of his January 20, 2005 interview in the London daily Al-Sharq Al-Awsat.

The original article: http://www.memri.org/report/en/0/0/0/0/0/0/2729.htm 

Partager cet article
Repost0
2 octobre 2013 3 02 /10 /octobre /2013 07:09

هل حق اليهود في فلسطين أقلُ من حق العرب؟

 مقال بقلم: عارف علوان 


israel flag


ما هي الأصول التاريخية لسكان غزة الحاليين الذين يخطفون ويذبحون باسم حقهم في فلسطين؟

 

 

يعتبر زمن الإنسان أول زمن مدوّن لفئة واحدة من بين بلايين الأحياء التي تشكلت ونمت وتطورت وعاشت ثم انقرضت من كوكبنا الأرضي ولن يتكرر نموذجها إلى الأبد.

 

وقد بدأ الإنسان بحفظ ثم تسجيل حركة زمنه متأخراً بالقياس إلى نشوئه الذي استغرق ملايين السنين. وتعود أقدم ألواح التدوين إلى ثلاثة آلاف سنة فقط، وأطلقت كلمة (تاريخ) على الأحداث والوقائع التي مثلت حركة زمن الإنسان في هذه الفترة القصيرة.

 

وكان التاريخ يكتب بالإزميل ثم بالقلم والحبر، وفي الحالتين صيغ بلغة تسجل الوقائع من وجهة نظر صانعها، وظل يذاع في المجالس وأماكن العبادة والبيوت بهدف التذكير والتخويف (العبرة) لذلك اعتمد التفخيم والكذب، وبقي كذلك حتى ظهور العلوم الإنسانية الحديثة التي لجأت إلى الحفريات (الجيولوجيا) في دراساتها المقارنة لفحص ما قاله التاريخ على ضوء ما تقدمه الشواهد المطمورة تحت الأرض من براهين.

 

وحتى قبل مرحلة التدوّين كانت معتقدات الإنسان تمليها ظروفه البيئية، وأدق متطلبات حاجاته اليومية التي تسمح له بالبقاء، حاجات مادية تساعده على العيش، وثقافية تساعده على التماسك والأمل. ولأن الدين هو لغة قبل أي شيء آخر، حسب براهين ليفي شتراوس الانثربولوجية، كانت الأديان تظهر في فترات ازدهار اللغات التي تساعد على ظهور الأفكار الجديدة، حيث يبرز من ينادي بها، ساحر القبيل في البداية، ثم (النبي) في المجتمعات الأكثر تحضراً. ولأهميتها الثقافية وجدت الأديان لها مساحة أكبر في التدوّين سواء في المراحل البدائية (رسوم الكهوف) أو المرحلة المتقدمة (الألواح المكتوبة على الطين ثم البردي أو الجلد وأخيراً الورق)

 

وإلى يومنا الحاضر، ورغم غزارة ما أعطته مدن ومقابر الأموات المدفونة والمنظورة من شواهد عينيّة باتّة، ما زال التاريخ أشبه بحجر البازلت الأسود، كلما زدتَ في حكّ سطحه الأملس، كشفت لك عروقه الكونتورية(  [1]  ) عن تركيبة جديدة ومختلفة في أشكالها ولونها وعرض خطوطها عما هي عليه في الأعلى. مع ذلك، وهذا مهم، لم يعد تاريخ الأديان أو تاريخ الثقافات والفتوح مغلقاً على الفهم كما كان قبل مائتي سنة!

 

عندما قام خفافيش السلفية في غزة بتقييد المسؤول الفلسطيني من يديه وقدميه، ورموه حياً من الطابق الرابع عشر إلى الأرض، تساءلت: أي كلمات دينية أو سياسية حُقنت بها رؤوس هؤلاء الصبية وجعلتهم يتصرفون تجاه الحياة بهذه الوحشية المريعة؟

 

لقد شاهدت بنفسي من قبل، وعلى شاشات التلفزيون، جثتي جنديين إسرائيليين ترميان من الطابق الثاني في إحدى المدن الفلسطينية إلى الأرض، وسواء كان نفس خفافيش السلفية وراء هذا العمل أو غيرهم، ما هي اللغة، أو الكذبة اللغوية (التاريخية) الكبيرة التي تمحو من قلب الشخص في هذا العصر أي نبل أخلاقي في التعامل مع إنسان آخر مغلوب على أمره وهو في حالة جثة، أو نَفس بشرية ما زالت حية؟

 

أعتقد أن العرب، الذين ينأون بأنفسهم عن أعمال كلبية كهذه، مطالبون بمساعدتي على كشف وسحق الكذبة الكبرى التي بررت وطبلت، ودعمت، منذ ستين عاماً، حيوانية لم تعد تمثل تصرفات فردية لا واعية، بل أصبحت ظاهرة ثقافية واسعة بدأت في لبنان ثم العراق وفلسطين، وتزحف بمثابرة عنيدة إلى بقية الدول العربية. والكذبة الكبرى هي ما يعتبره العرب "النكبة" أي قيام دولتين في أرض فلسطين، الأولى: دولة إسرائيل التي قبلها اليهود. والثانية: دولة فلسطين التي رفضها العرب.

 

ففي زمن الإنسان الحالي، إذ يستطيع العلم بآلاته الدقيقة رصد التغيّرات المناخية المسببة للجفاف (القحط) وزحف الطبقات الأرضية المؤدية إلى الهزات السطحية، لا يمكن لشخص من هذا العصر أن يعزو دمار المدن، قديماً وحديثا،ً إلى غضب الله دون أن يعرّض نفسه للسخرية. لكن 80% من العرب الحاليين يفعلون! يفعلون ولا يخشون السخرية أو يخجلون منها! ولا تمثل هذه النسبة الضخمة الأميين فقط ممن تزخر بهم الأرياف والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة، بل بينهم طلاب جامعات، ومدرسو تعليم، وأساتذة، وخريجو معاهد عليا، وخبراء علم وتكنولوجيا، وخريجو طب، وخريجو جامعات دينية مثل الأزهر، وأساتذة تاريخ، وسياسيون تصدروا ويتصدرون المسؤولية.

 

هذه النخبة الكبيرة من المتعلمين هي التي حشرت الوعي العربي العام ضمن ثقافة ضيقة، منغلقة، معلولة، أفرزت عقلية العنف، والإرهاب، والتعصب، وحرمت أي فكرة جديدة من شروطها الجدلية، لكي يبقى الشعور الوهمي بالظلم يتحكم في النفسية العربية ويرديها في السقم الملازم واليأس والتخبط، كل هذا انصياعا لقرار الجامعة العربية (1947) الذي اعتبر فلسطين أرضاً "سليبة" لا يحق لغير العربي المسلم التمتع بكيان فيها، حتى لو كان من أهلها الأقدم جذوراً من المسلمين والعرب!

 

ومن أضغاث الوعي اللاحق، انقلبت الكذبة على العرب، فظهر صدام حسين، وحافظ الأسد، وبشار الأسد، وبن لادن، والظواهري، والزرقاوي، وحسن نصر الله، وبري، ومشعل، وهنية، والزهار الذي رمى صبيته المسؤول الفلسطيني من الطابق الرابع عشر إلى الأرض الصلبة، وأخيراً جاء من أقصى الجبال الشرقية المجاورة للشرق الأوسط أحمدي نجاد، الذي تعهد بتهيئة الفوضى والدمار المناسبين لظهور المهدي المنتظر الذي سيحل القضية الفلسطينية!

 

الآن، ونتيجة الشذوذ الفكري الذي أصاب الوعي العربي منذ ما سمي بـ"النكبة" ونتيجة تراكم الأكاذيب حولها، أصبح (الإرهاب) الكنية الملتصقة بالعربي أينما حل في العالم. ورغم ما بذلته دول عربية كبيرة ومهمة مثل مصر والسعودية والأردن وبعض دول الخليج من جهود سياسية وثقافية لترميم علاقة العرب بالعالم، ومحاصرة ثقافة الإرهاب داخل المجتمعات العربية، حالف الفشل كل هذه الجهود لسبب واحد، هو أن عملية الإصلاح، الخارجية والداخلية، انطلقت من نفس مفهوم "النكبة" وكامتداد له. مما يثبت أن لا أمل في خلاص العرب من الإرهاب، كمحنة ثقافية وسياسية، إلاّ بإيجاد منطلقات مغايرة ورؤية جديدة بعيدة كلياً عن حيطان وأروقة المعبد الديني الذي شيده العرب في زمنهم الحديث وأطلقوا عليه اسم "النكبة"

 

أيضاً، ورغم اقتناع مسؤولين وزعماء ومثقفين وشخصيات عامة فلسطينية، لا يرقى أي شك إلى وطنيتها، بواقع وجود دولة إسرائيل، فإن الـ 80% من العرب الذين ذكرناهم لا يقبلون هذه الرؤية ويكفروّنها دينياً، يدغدغ عواطفهم ويقرع لهم طبول التشدد رؤساء دول في المنطقة، وأحزاب، وترعى الجامعة العربية، بشخوص أمنائها، جوقتهم الزاعقة، حيث يعتبرون اصطدام أي سيارتين في غزة أو الضفة الغربية مؤامرة من دولة إسرائيل على مصير العرب! لأن الجامعة، كمؤسسة، نشأت ككيان قومي مهمته الرئيسية تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بتحريف الحقائق لقمع الضمير العربي كلما أراد التفكير بحرية خارج "النكبة"، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الثقافية والاقتصادية يرفع المستوى المتدهور لحياة المجتمعات العربية.

 

إذن، لماذا تحول قرار التقسيم الذي أعطى لليهود دولة في أرض فلسطين إلى جانب دولة أخرى للعرب إلى "نكبة" تشرق كل يوم على المنطقة العربية وتغيب دون أن تحمل شعاعا صغيراً من ضوء ينير الطريق لشعوبها؟ وهل كان حق اليهود في أرض فلسطين أقل من حق العرب؟ وما هي الأسس التاريخية التي تدعم ترجيح حق على الآخر؟

 

أولاً: إذا كان مبدأ عدم الاعتراف بالآخر للاستحواذ على كامل حقوقه قد ساد الفتوحات الإسلامية منذ عهد عمر بن الخطاب جرياً على عادة ذاك الزمان، فإن هذا المبدأ قوبل بالنبذ ثم التحريم في بداية القرن الماضي نتيجة الحروب والنزاعات التي قاد إليها، ووضع المجتمع الدولي القوانين اللازمة لردعه في المبادئ العامة التي قامت عليها عصبة الأمم عام 1919، ثم تطورت روح هذه القوانين بما أضيف إليها من ملحقات وتفسيرات مع تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1946 لتتطابق وتنسجم مع العصر، وتعبر عن الأفكار العامة السائدة عن مفهوم سيادة الدول وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

 

إلاّ أن العرب، وبسبب توجههم العاطفي نحو الماضي، وتزمتهم للمعايير القديمة الذي حرَم عقليتهم من النزوع إلى معاصرة المراحل الزمنية كل في وقتها، جعلهم أسرى لمبدأ عدم الاعتراف بالآخر لإلغاء وجوده وبالتالي إنكار حقوقه. جراء ذلك تضررت حقوق ومصالح الطوائف والقوميات غير العربية التي عاشت بينهم: الأكراد، الأقباط، اليهود، وأقليات كثيرة اُلحقت بالعرب قبل 14 قرناً، وما زالت تُعامل بنفس قوانين فترة الغزو الإسلامي.

 

ورغم ما ينتجه وينميه مبدأ إنكار وجود الآخر وحقوقه من مظالم ونزاعات وحروب وعدم استقرار وتجارب مريرة تدفن المخاوف والأحقاد على مسافة قريبة من سطح البيئة الاجتماعية، التزم العرب موقفاً شوفينييا صريحاً وعنيداً في معالجة كل المشاكل التي نشأت في المنطقة مع اتساع ونضوج وعي الأقليات بحقوقها، وظهور مؤسسات دولية أقرت شرعية تلك الحقوق على ضوء المنطق والمفاهيم العامة للعصر.

 

أمثلة على ذلك:

 

1- الأكراد

أدى إنكار الدولة العراقية الحقوق القومية للأكراد، مدعومة من الجامعة العربية، إلى حروب تواصلت على مدى خمسين عاما، هي تقريباً ثلاثة أرباع عمر الدولة التي نشأت في العراق من دون جذور سيادية قوية تدعم ذلك النشوء بصورته وحدوده الأخير!

فبعد أن لفقت الأسباب الداعية إلى ضم إمارة البصرة إلى إمارة بغداد لقيام دولة جديدة في العراق، اقتضت مصالح الاستعمار البريطاني آنذاك إلحاق منطقة كبيرة من أراض مسكونة تاريخياً من قبل الأكراد بالدولة الحديثة ليكون حجم كيانها مناسباً لطموح الأمير فيصل بين الحسين، الذي رشح لإدارتها مقابل حماية مصالح بريطانيا في المنطقة.

 

وإمعاناً في إنكار حقوق الأكراد، قتل صدام حسين بين 1988 و1989 حوالي 180 ألف كردي في حملة إبادة منظمة أطلق عليها اسم "الأنفال"، ثم رش إحدى مدنهم (حلبجة) بغاز الخردل فقتل سكانها (5000 نسمة) ولزم الضمير العربي الصمت تجاه هذه المجازر البشرية، بينما اعتبرت الجامعة العربية بشخص رئيسها آنذاك (الشاذلي القليبي) كلام الصحف العالمية عما جرى كـ "مؤامرة استعمارية ضد العرب والنظام العراقي"! وفي سوريا يعتبر الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية يمنع عليهم ممارسة لغتهم وثقافتهم في العلن.

 

2- المسيحيون في مصر ولبنان

وما جرى للأكراد من تعسف قومي، حدث مثله للأقباط على شكل تزمت طائفي، وفي كلا السلوكين اعتمد العرب مبدأ إنكار وجود الآخر لتجريد حقوقه. فالأقباط الذين انصهر بهم العرب اجتماعياً، وانصهر الأقباط بهم بفعل عامل الزمن، ظلوا يكتشفون بين فترة وأخرى أن الانصهار مجرد قشرة رقيقة سرعان ما تتمزق لدى أي مطلب بالمساواة يشجع عليه تطور مفاهيم الشراكة داخل المجتمع الواحد. لذلك بقيت مصر، الدولة، في حالة توتر اجتماعي، يصعد إلى السطح ليزلزل القشرة الساكنة كلما أرادت الرغبة في الزعامة السياسية العربية أو الإسلامية تأكيد وجودها، أو عرض مطالبها.

 

وقد اتخذ التزمت الطائفي في مصر شكلاً حزبياً منظماً بظهور جماعة الأخوان المسلمين 1928، ليشق، عبر اسم الجماعة ومنهجها، المجتمع المصري إلى شقين متنافرين ومتعاديين اعتماداً على المبدأ الديني والسياسي العربي، الذي ينكر شرعية وجود الآخر غير المسلم وغير العربي ابتداءً من دخول الجيوش الإسلامية مصر عام 639.

 

ورغم اعتراف المؤرخين العرب بدور الخليط الديني والقومي غير العربي في إغناء الفكر والثقافة العربيين، بَيدَ أن الاعتراف بحقوقهم يتوقف ويتكسر عند أول صوت يتجاوز حلقة السكون المفروضة على الخليط كشرط لقبوله داخل الكيان العربي العام، المفكك سياسياً واقتصادياً، والموحد بوجه أي إشارة إلى وجود غير العرب، حتى لو كان وجوداً قوامه السكان الأصليين!

 

في لبنان، أدى وجود الميليشيات الفلسطينية المسلحة بناءً على قرار من الدول العربية إلى تشكيل ميليشيات لبنانية، سنيّة وشيعية مناصرة، رفعت جميعها شعار تحرير فلسطين، فروّعت المسيحيين بظهورها المسلح في الشوارع المكتظة باللبنانيين والسياح، مما أدى في النهاية إلى الاصطدام مع ميليشيات مسيحية تسلحت من قبل بدافع الخوف على حقوق الطوائف المسيحية من شعارات العرب القومية، فشهدت لبنان حرباً طائفية بشعة استمرت 15 عاماً، لم تنته إلا بحصول سوريا، التي لعبت دوراً قبيحاً مؤججا، على وصاية كاملة على شؤون لبنان وشعبه، اتخذت طابع الهيمنة الاستعمارية من النموذج البرتغالي المعروف تاريخيا بطغيانه.

 

في عام 2005، بعد تخلص اللبنانيين من تلك الهيمنة، عادت أسباب وغيوم حرب طائفية جديدة إلى البروز، لكن بأدوات أخرى، لا تبدي الجامعة العربية أي جهد مخلص لمنعها لسببين: الأول أن النظام السوري أيضاً يقف وراء التوتر الطائفي لإعادة هيمنته على لبنان. والثاني: أن حكومة الأغلبية الحالية التي ترفض عودة النفوذ السوري يمثل المسيحيون فيها النسبة الأكبر.

 

إذا كانت المؤسسات القومية العليا تمثل ضمير أمة ما، فإن مؤسسة كبيرة مثل الجامعة العربية قد أنشئت منذ البداية كمعبد لـ"النكبة" مهمته تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بالتحريف، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الاقتصادية والثقافية يرفع المستوى المتخلف لحياة المجتمعات العربية، وينظر بعين المساواة إلى كل الأعراق والأديان المنضوية تحت الكيانات التي تمثلها الجامعة!

 

كنا على الدوام نحلم أن يبلى ضميرنا العربي القومي من الكساح الذي ألم به منذ "النكبة" وينهض، لن نقول برؤى جديدة تسبق العصر الذي نعيش فيه، إنما على الأقل أن تكون رؤى مشرّفة وموازية لعصره! غير أن تلك الأحلام تمرغت في الوحل على يد مجموعة من الصحفيين والكتّاب وبعض المؤرخين العرب، عملوا على تشويه الحقائق ودبجوا تاريخاً ملفقاً وحزيناً للمنطقة على ضوء مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

3- اليهود:

ينظر العرب إلى القضية الفلسطينية كمشكلة في غاية التعقيد، وهي في واقع الأمر ليست كذلك إلا في عيون العرب، وعواطفهم، وفكرهم القومي والديني. وقد راكم العرب الادعاءات عن حقهم وحدهم في أرض فلسطين باشتقاق العديد من المطلقات اعتماداً على مراجع شفوية ومكتوبة دوّنها الغالب بعد الفتوحات الإسلامية، وحرم على أي شخص إعادة النظر فيها، عربياً كان أو أجنبياً. وعندما قبل العرب الاحتكام إلى الأمم المتحدة ومواثيقها لحل المشكلة الفلسطينية، وجدت مطلقاتهم تعارضاً صارخاً مع الوثائق التاريخية، المصفاة، التي بحوزة المنظمة الدولية الجديدة، لذلك ضيعوا عقوداً من الزمن في إصرارهم على صحة مستنداتهم غير المتطابقة مع تاريخ المنطقة المعترف به رسميا، المعتمد على الشواهد العينية الباتة (البراهين الأثرية غي أرض فلسطين) وما ورد في الكتب السماوية الثلاثة، وما ذكره مؤرخو روما، وقبلهم مؤرخو اليونان، وبعدهم مؤرخو اليهود، والدراسات التاريخية الحديثة.

 

قبل أن يأمر الإمبراطور أدريان (132.م) بتدمير مملكة يهودا بسبب ثورة اليهود، ومحو اسمها بإطلاق اسم (فلسطين) على المنطقة الجنوبية، لم تكن هناك أرض اسمها فلسطين. والفلسطينيون قوم جاءوا من جزيرة كريت اليونانية وأقاموا بضع آلاف من السنين جنوب صور حتى الزاوية السفلى لشرق البحر المتوسط، ثم انقرضوا كما انقرضت بلايين الأحياء من البشر (الأقوام) والحيوانات والحشرات والنباتات لأسباب جينية لم تكن معروفة في ذلك الزمان.

 

وقد دخل اليهود هذه المنطقة في عهد داود حوالي الألف الأول قبل الميلاد، وأعادوا بناء مدينة أورشليم بعد طرد اليبوسيين. واليبوسيون شعب من الحثيين وصلوا إلى فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية الحثية التي قامت في شمال تركيا الحالية في حوال القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ويقال إنهم بنوا حصناً خارج أورشليم أطلقوا عليه (صهيون) وبنوا سوراً حول المدينة. وقبل الحثيين سكن أورشليم أو استولى عليها الحوريون الذين جاءوا من الأناضول. وقبلهم الحبيرو وهم خليط من الشعوب من الساميين وغير الساميين يقال إنهم قبائل غير مستقرة ممن يبحثون عن مصادر الرزق، أشارت إليهم ألواح مصرية وورد ذكرهم في التوراة. وذكر المؤرخ اليوناني هيرودت أن الأموريين (الحبيريون) دخلوا هذه الأرض مبكراً جداً، وهم من أصول سومرية جاءوا من جنوب العراق، ومنهم ظهر الفينيقيون الذين تركوا آثاراً على سواحل الخليج العربي الغربية إلى أن وصلوا لبنان. ثم جاء اليونانيون بعد زحف الأسكندر المقدوني على الشرق. بعدهم احتل القائد الروماني بومبيَ جميع السواحل الغربية للبحر الأحمر، وكان لليونانيين والرومان علاقات بملوك الفراعنة في مصر، حيث تذهب رسلهم وقوافلهم إلى الإسكندرية عبر الطريق الساحلي الجنوبي، وعلى هذا الطريق نشأت نقاط توقف عديدة منها مدينة غزة، التي تجمع فيها خليط من المصريين والفينيقيين وبدو سيناء وقليل من عرب الجزيرة من التجار أو طالبي الرزق.

 

وعندما دخل داود وقومه قادمين من أرض ما بين النهرين، أعاد تشييد مدينة أورشليم وبنى أول هيكل لليهود، وقام ابنه سليمان من بعده بتوسيع المدينة وأعاد بناء الهيكل بمساعدة (حيرام) ملك صور ليصبح إحدى معجزات تلك الفترة في جماله ومتانة بنيانه، ورمم معبد الصخرة، وكان مزاراً ومكان صلاة للوثنيين ثم للأنبياء اليهود. وكانت أورشليم مدينة للعبادة الوثنية والسماوية تقدم فيها القرابين المذبوحة، وهي العادة التي التزم بها الإسلام بعد ذلك.

 

بعد 250 سنة على إقامتهم في المنطقة، أسس اليهود مملكة إسرائيل التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتين: السامرة في الشمال ومملكة يهودا في الجنوب، وأصبحت أورشليم مدينة مزدهرة ثقافياً وتجارياً، يقطنها خليط من اليهود واليونانيين والرومان والفرس والفينيقيين والبابليين ونسبة قليلة جداً من تجار الجزيرة العرب لم يكن وجودهم يتميز بشيء ما.

 

وكان إبراهيم (إبرام) الذي يعترف العرب بأبوته لهم ولليهود، شيد أربعة جدران في مكة وضع فيها الوثن الذي كان يعبده هو وقومه، والوثن عبارة عن حجر أسود صقيل أصبح العرب يعبدونه أيضاً، وبعد ظهور الإسلام لم يفكر النبي محمد بإزالته واعتبره رمزاً للإله وبقي العرب يتبركون به حتى اليوم.

 

وتقيم في الجزيرة العربية إحدى عشر قبيلة يهودية، لا يفترق أبناؤها عن بقية القبائل العربية في العادات والتقاليد. ويذكر أن العديد منهم أسلم خوفاً من بطش المسلمين بعد نمو قوتهم العسكرية. وقد مدح النبي محمد اليهود لاستمالتهم في فترة ضعفه، ثم ذمهم وشتمهم ولعنهم وقتل الكثير منهم في واقعة (خيبر) لأن اليهودية والمسيحية اللتين انتشرتا في الجزيرة كانت تنافس الإسلام على قلوب القبائل العربية الوثنية. وعاش اليهود في قلب الجزيرة وفي أطرافها، اليمن – البحرين – العراق – مصر، وانتشروا في جنوب أوربا، اليونان والإمبراطورية الرومانية، ووصلوا حتى إنكلترا مع المد الروماني.

 

ودمر الرومان أورشليم والهيكل عام 70 بعد الميلاد بسبب ثورة اليهود على التسلط الروماني، وكانوا قاموا بثورتين سابقتين الأولى ضد السيطرة اليونانية، والثانية ضد السيطرة الرومانية، لكننا لم نسمع عن ثورة قام بها العرب ضد أحد من الأقوام والممالك والإمبراطوريات التي حلت وعاشت بتلك الأرض التي تمتد من جنوب تركيا حتى مدينة الخليل في الجنوب، لأن العرب ببساطة لم يكونوا هناك حتى الأيام الأولى لفتح الجيوش العربية دمشق على يد خالد بن الوليد، ثم بعد معركة اليرموك (636 ميلادية) التي خسر فيها البيزنطينيون كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم على الساحل الشرقي للبحر الأحمر (سوريا ولبنان وفلسطين) يومها فقط دخل العرب بالآلاف إلى فلسطين وبقية بلدان الساحل. وفي عام 638 دخل الخليفة عمر بن الخطاب أورشليم وأطلق على المدينة اسم (القدس) وأعطى سكانها (كانوا آنئذ مسيحيين ويهود ووثنيين من الآراميين والعموريين والكنعانيين واليبوسيين) عهداً خطياً سمي بـ "العهدة العمرية" ترك لهم بموجبه كنائسهم ومعابدهم وأملاكهم وأموالهم، لكن العهد وضع عليهم قيوداً حرمتهم من التساوي مع السكان العرب الجدد.

 

وبعد استيلاء الصليبيين على تلك البلدان الساحلية ووصولهم أورشليم (1099) انسحبت أعداد كبيرة من المسلمين إلى الجزيرة العربية ومصر، ثم عادوا إليها وهذه المرة مع أعداد غفيرة من أفراد القبائل العربية لحماية أورشليم من أي غزوات جديدة بعد تحريرها من الصليبيين (1187)

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا،تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، واكتشف راعي صبي من الأردن في بداية القرن التاسع عشر مخطوطات مكتوبة على لفائف (Scrolls) باللغة العبرية في كهف قرب مدينة (كمران) على البحر الميت تتحدث عن الفترة التي ظهر فيها المسيح ويوحنا المعمدان، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفداتوحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا، تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفدات وحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وحتى القرن الثاني للميلاد لم تكن قبائل الجزيرة العربية قد أسست لها خصائص ثقافية تميزها كقومية عن القوميات المجاورة، الفينيقية، الفارسية، الفرعونية، والسومرية، والبابلية، واليهودية على وجه الخصوص. وعندما اشتقت قبائل الجزيرة جزءً من اللغة الآرامية السائدة آنذاك في عموم المنطقة، وأسست لها لغة جديدة تطورت بسرعة (العربية) برزت القومية العربية إلى الوجود للمرة الأولى.

 

نأتي الآن إلى حكاية المسجد الأقصى، الذي يعتبره المسلمون العرب مكاناً دينياً خصهم الله به منذ آدم، ويطلقون عليه "الحرم القدسي الشريف" ويضم الحرم مجموعة أماكن للعبادة من بينها مسجد قبة الصخرة الذي شيده عبد الملك بن مروان في القرن السابع الميلادي، أي بعد 72 سنة من الفتح الإسلامي، ويقع هذا المجمع الديني فوق صخرة بارزة في أعلى جبل "موريا" ويضم ثلاثة معابد قديمة لليهود وأماكن عبادة مسيحية منها "مهد عيسى" وشيد مسجد قبة الصخرة الثماني الأضلاع في موقع كان يضم كنيسة بيزنطية قديمة، قريبة من مكان هيكل سليمان الذي هدمه الرومان سنة 70 بعد الميلاد.

 

وإذ يعتبر غالبية المسلمين "الحرم القدسي" موقعاً إسلامياً لا يشاركهم أحد الحق فيه، فإنهم لا يعرفون عن وجود أماكن عبادة يهودية ومسيحية داخل سور الحرم أقدم من مسجد قبة الصخرة. ويعود اهتمام الخليفة مروان بتشييد المسجد بهذا الشكل الفخم إلى ثورة مصعب بن الزبير وأخيه وسيطرتهما على مكة، إذ أراد مروان تحويل المسلمين من زيارة الكعبة إلى زيارة مسجد القبة كبديل للرمز الديني القديم للدولة الإسلامية.

 

ويتبجح العرب كثيراً في تسامحهم ومعاملتهم الحسنة لليهود والمسيحيين الذي وقعوا تحت سيطرة المسلمين بعد الفتح الإسلامي، وهذا الكلام جزء من التحريف الذي بنى عليه العرب ثقافتهم الدينية والقومية، وما برح الكتاّب والمؤرخون في المنطقة يراكمون على أساسه صفحات إنشائية دوّنت تلك الفترة بحبر زئبقي. لأن الحقيقة تؤكد عكس هذه الادعاءات، إذ أن ميثاق (العهدة العمرية) خير اليهود والمسيحيين بين ترك ديانتهم والتحول إلى الإسلام، وبين دفع ضريبة مقابل إقامتهم وعدم التعامل معهم كذميين لا حماية قانونية لحياتهم وأملاكهم في أرضهم الأصلية. وسمح لهما القيام بأنشطة دينية عمومية، وبناء معابد جديدة أو إصلاح القديم منها بأذن الحاكم الإسلامي لكن بشروط كثيرة. وفي الفترات التالية اشترط المسلمون على أصحاب الديانتين عدم رفع أصواتهم أثناء الصلاة، وأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية في أماكن مغلقة لا تسمح بانتباه المارة. ومنعوا عليهم حمل السلاح، وركوب الخيول المسرجة، وبناء بيوت أكبر من بيوت المسلمين. وهم مطالبون بإظهار الاحترام للمسلم مثل القيام من مكان جلوسهم إذا رغب المسلم الجلوس فيه. وحرموا من الوظيفة الحكومية ومن المراكز العمومية الحساسة.

 

وقد أشاعت الآيات التي لعنت اليهود وشككت في كتابهم رغبة واسعة بين العرب في التكبر على اليهود المقيمين بينهم، وإذلالهم واضطهادهم حتى عندما لا يتوفر السبب لذلك. وبمرور الزمن دفعت هذه المعاملة اليهود إلى الخروج من مدنهم وأرضهم بأعداد كبيرة، والرحيل إلى تركيا ودول أوربا وبلدان غرب آسيا حتى روسيا. ومن بقي منهم حتى القرن التاسع عشر ظل مهمشاً، يحيى بين العرب مثل مذنب في أرض غريبة.

 

وبعد بناء سور يضم أماكن العبادة اليهودية والمسيحية والإسلامية في الحرم القدسي، حُرم على اليهود الوصول إلى معابدهم داخل الحرم، واُجبر الحاخامات على إصدار تحريم ديني يمنع أبناء دينهم من دخول الحرم حتى ظهور "المهدي" وهو هنا مهدي اليهود وليس مهدي أحمدي نجاد.

 

ويدعي العرب أن حائط المبكى أصبح ملكاً لهم لأن النبي محمد ربط دابة "البراق" في إحدى عراه عندما "أسرى به الله" من المسجد الحرام في مكة ليصلي في معبد الأقصى في أورشليم. ويسمي العرب معبد الصخرة "مسجد الصخرة" قبل أن تبنى المساجد خارج المدينة ومكة في المملكة السعودية الحالية. ورغم أن حكاية الإسراء مشكوك في واقعيتها، إلاّ أن تاريخ العرب بعد الإسلام احتوى من الغرائب ما يعطى الحق لدابة بالاستحواذ على حائط يبلغ وزنه أكثر من ألفي طن وإلحاقه بالعقارات الإسلامية! وهذا نموذج واحد من آلاف الخرافات التي وضعها المتعصبون واستخفوا بها بالعقل العربي.

الخلاصة:

1- الوقائع التاريخية المذكورة أعلاه مدوّنة في كتب التاريخ اليونانية والرومانية، وتطرق إليها المؤرخون العرب بلا تفاصيل واسعة وكأخبار متداولة في الجزيرة العربية والبلدان المجاورة لها، وثبتها أهم ثلاثة مؤرخين في القرن العشرين (توينبي، شبنغلر، ديورانت وزوجته) بعد تحليل دقيق وموضوعي، وأشار إليها (المنجد) بشكل ملخص، وجميعها تؤكد الوجود التاريخي والحضاري والثقافي الكثيف لليهود في أرض فلسطين وبقية دول الشرق الأوسط، قبل وبعد الفتح الإسلامي.

 

2- بعد صدور قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، الذي نص على أن تقوم دولة إسرائيل على 55% من أرض فلسطين وتقوم الدولة العربية على الباقي وان تقع مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، رفض العرب الاعتراف بقرار التقسيم، ورفضوا بذلك دولة جعلها القرار المذكور من حق الفلسطينيين والعرب ليحقق التوازن القانوني والتاريخي. وسمى العرب القرار بـ"النكبة" واشتركت دولهم الحديثة التي تأسست قبل إسرائيل ببضع سنين في أول حرب نظامية مع إسرائيل تخللتها مناوشات عصابات شكلها فلسطينيون وعرب قدموا من أقرب إلى أبعد المناطق العربية انتهت بخسارتهم. وإمعاناً في الخطأ أقام العرب للفلسطينيين الذي خرجوا أثناء الحرب وبعدها مخيمات يعيشون فيها، ليدللوا على أن اليهود جاءوا من الشتات في أرجاء العالم إلى فلسطين وهجّروا سكانها الأصليين.

 

3- لا أقول إن الأديان الأخرى بريئة من التعصب عندما يستخدمها البشر لتحقيق أهداف دنيوية، بَيدَ أن الثقافة الدينية للعرب، ثم خرافة "النكبة" سمحت بوجود خفافيش ما إن تظهر أسنانها اللبنية حتى تلتهم الثدي الذي ترضع منه. فلبنان والعراق وغزة هي دول ومناطق تتحلل وتتفسخ وتنقل عوامل تفسخها إلى الدول الأخرى على يد عرب، حولتهم الرغبة في التعصب والزعامة إلى ضباع هيجها العفن المنبعث من مفهوم "النكبة" فراحت تؤجج الحروب الطائفية والنزاعات الدينية والخلافات الاجتماعية، وترعى الاغتيالات السياسية وتملأ الأنفاق والبيوت بالأسلحة والذخائر بما يكفي انفجارها لإزالة بلد بأكمله إذا لم يَلن شعبها (من لان) لأنيابهم الحيوانية.

 

4- حين تعرضت شيخوخته للغدر على يد من تساهل مع أخطائهم المقيتة، كان الرئيس محمود عباس أول زعيم فلسطيني يعترف بأن كنيسة المسيحيين في غزة التي تعرضت إلى النهب والسلب من قبل عصابات حماس موجودة قبل أن "نأتي إلى غزة" وهو يعني "نحن الفلسطينيين" وبالذات سكان غزة الحاليين الذين جاءوا إليها بعد الفتح الإسلامي كخليط من بدو سيناء وبدو الجزيرة العربية، ومن أصول أخرى غير معروفة جذبتهم ثروة الدولة الإسلامية الجديدة من بلاد فارس إلى جنوب اثيوبيا، وفرضوا سيطرتهم على سكانها الأصليين من مسيحيين ويهود وفينيقيين وبيزنطيين وبقايا السومريين!

5- لن أوجه النقد إلى إسرائيل وتصرفات حكوماتها إزاء عملية السلام من أجل إرضاء غرور العرب وإشباع نهمهم التقليدي إلى شتم أعدائهم وخصومهم ، وإنكار أخطائهم القاتلة، بل أترك هذا للمطلعين على ملفات الموضوع مثل اللجنة الرباعية، والرؤساء العرب والغربيين ممن يعرفون حقائق الأمور ولا تسمح لهم أخلاقهم بتزويرها!

 

6- منعاً لسفك المزيد من الدماء البريئة التي سقطت من بين العرب وعلى يد عرب آخرين، ومنعاً لتحوّل التدهور الحاصل في لبنان والعراق وغزة والضفة الغربية إلى غرق كامل يمتد ليشمل جميع الدول والمجتمعات العربية، المطلوب من العرب الآن إعادة النظر في مسألة "النكبة" وتقديم رؤى جديدة وشجاعة لمصير المنطقة وسكانها، تعترف فيها علناً بحق اليهود المشروع في دولتهم على ضوء الحقائق التاريخية وليس استناداً إلى الكتابات الغاضبة الغوغائية التي أفرزتها وأدلجتها أضغاث الوعي المركب، المبني على الأكاذيب والتحريف والتزوير نتيجة مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

الأهم من ذلك، ولتعزيز الرؤى الجديدة المطلوبة، يجب التزام مبدأ التشهير، رسمياً، بالأفراد والفئات والجماعات والأحزاب الدينية والسياسية والأنظمة الشمولية التي أسست مجدها وزعامتها الخاوية انطلاقاً من مفهوم "النكبة" المنفتح دائماً على استيعاب المزيد من الادعاءات والأكاذيب.

 

وذلك، للخروج على العالم بوجه عربي حديث، وقيم أخلاقية لا تجيز للعربي، تحت أي ذريعة، ظلم أبنائه وأخوته والمختلف معهم دينياً أو قومياً أو أيديولوجياً.

 

 



[1] contour تقابل الكِفاف في العربية، وتعني أيضاً الشكل التطريزي للحاشية، وبالنسبة للحجر هي أشكال الخطوط التي تمثل، عمودياً، الطبقات الزمنية لعمر الحجر.

 

هل حق اليهود في فلسطين أقلُ من حق العرب؟

 

ما هي الأصول التاريخية لسكان غزة الحاليين الذين يخطفون ويذبحون باسم حقهم في فلسطين؟

 

 

يعتبر زمن الإنسان أول زمن مدوّن لفئة واحدة من بين بلايين الأحياء التي تشكلت ونمت وتطورت وعاشت ثم انقرضت من كوكبنا الأرضي ولن يتكرر نموذجها إلى الأبد.

 

وقد بدأ الإنسان بحفظ ثم تسجيل حركة زمنه متأخراً بالقياس إلى نشوئه الذي استغرق ملايين السنين. وتعود أقدم ألواح التدوين إلى ثلاثة آلاف سنة فقط، وأطلقت كلمة (تاريخ) على الأحداث والوقائع التي مثلت حركة زمن الإنسان في هذه الفترة القصيرة.

 

وكان التاريخ يكتب بالإزميل ثم بالقلم والحبر، وفي الحالتين صيغ بلغة تسجل الوقائع من وجهة نظر صانعها، وظل يذاع في المجالس وأماكن العبادة والبيوت بهدف التذكير والتخويف (العبرة) لذلك اعتمد التفخيم والكذب، وبقي كذلك حتى ظهور العلوم الإنسانية الحديثة التي لجأت إلى الحفريات (الجيولوجيا) في دراساتها المقارنة لفحص ما قاله التاريخ على ضوء ما تقدمه الشواهد المطمورة تحت الأرض من براهين.

 

وحتى قبل مرحلة التدوّين كانت معتقدات الإنسان تمليها ظروفه البيئية، وأدق متطلبات حاجاته اليومية التي تسمح له بالبقاء، حاجات مادية تساعده على العيش، وثقافية تساعده على التماسك والأمل. ولأن الدين هو لغة قبل أي شيء آخر، حسب براهين ليفي شتراوس الانثربولوجية، كانت الأديان تظهر في فترات ازدهار اللغات التي تساعد على ظهور الأفكار الجديدة، حيث يبرز من ينادي بها، ساحر القبيل في البداية، ثم (النبي) في المجتمعات الأكثر تحضراً. ولأهميتها الثقافية وجدت الأديان لها مساحة أكبر في التدوّين سواء في المراحل البدائية (رسوم الكهوف) أو المرحلة المتقدمة (الألواح المكتوبة على الطين ثم البردي أو الجلد وأخيراً الورق)

 

وإلى يومنا الحاضر، ورغم غزارة ما أعطته مدن ومقابر الأموات المدفونة والمنظورة من شواهد عينيّة باتّة، ما زال التاريخ أشبه بحجر البازلت الأسود، كلما زدتَ في حكّ سطحه الأملس، كشفت لك عروقه الكونتورية([1]) عن تركيبة جديدة ومختلفة في أشكالها ولونها وعرض خطوطها عما هي عليه في الأعلى. مع ذلك، وهذا مهم، لم يعد تاريخ الأديان أو تاريخ الثقافات والفتوح مغلقاً على الفهم كما كان قبل مائتي سنة!

 

عندما قام خفافيش السلفية في غزة بتقييد المسؤول الفلسطيني من يديه وقدميه، ورموه حياً من الطابق الرابع عشر إلى الأرض، تساءلت: أي كلمات دينية أو سياسية حُقنت بها رؤوس هؤلاء الصبية وجعلتهم يتصرفون تجاه الحياة بهذه الوحشية المريعة؟

 

لقد شاهدت بنفسي من قبل، وعلى شاشات التلفزيون، جثتي جنديين إسرائيليين ترميان من الطابق الثاني في إحدى المدن الفلسطينية إلى الأرض، وسواء كان نفس خفافيش السلفية وراء هذا العمل أو غيرهم، ما هي اللغة، أو الكذبة اللغوية (التاريخية) الكبيرة التي تمحو من قلب الشخص في هذا العصر أي نبل أخلاقي في التعامل مع إنسان آخر مغلوب على أمره وهو في حالة جثة، أو نَفس بشرية ما زالت حية؟

 

أعتقد أن العرب، الذين ينأون بأنفسهم عن أعمال كلبية كهذه، مطالبون بمساعدتي على كشف وسحق الكذبة الكبرى التي بررت وطبلت، ودعمت، منذ ستين عاماً، حيوانية لم تعد تمثل تصرفات فردية لا واعية، بل أصبحت ظاهرة ثقافية واسعة بدأت في لبنان ثم العراق وفلسطين، وتزحف بمثابرة عنيدة إلى بقية الدول العربية. والكذبة الكبرى هي ما يعتبره العرب "النكبة" أي قيام دولتين في أرض فلسطي

ن، الأولى: دولة إسرائيل التي قبلها اليهود. والثانية: دولة فلسطين التي رفضها العرب.

 

ففي زمن الإنسان الحالي، إذ يستطيع العلم بآلاته الدقيقة رصد التغيّرات المناخية المسببة للجفاف (القحط) وزحف الطبقات الأرضية المؤدية إلى الهزات السطحية، لا يمكن لشخص من هذا العصر أن يعزو دمار المدن، قديماً وحديثا،ً إلى غضب الله دون أن يعرّض نفسه للسخرية. لكن 80% من العرب الحاليين يفعلون! يفعلون ولا يخشون السخرية أو يخجلون منها! ولا تمثل هذه النسبة الضخمة الأميين فقط ممن تزخر بهم الأرياف والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة، بل بينهم طلاب جامعات، ومدرسو تعليم، وأساتذة، وخريجو معاهد عليا، وخبراء علم وتكنولوجيا، وخريجو طب، وخريجو جامعات دينية مثل الأزهر، وأساتذة تاريخ، وسياسيون تصدروا ويتصدرون المسؤولية.

 

هذه النخبة الكبيرة من المتعلمين هي التي حشرت الوعي العربي العام ضمن ثقافة ضيقة، منغلقة، معلولة، أفرزت عقلية العنف، والإرهاب، والتعصب، وحرمت أي فكرة جديدة من شروطها الجدلية، لكي يبقى الشعور الوهمي بالظلم يتحكم في النفسية العربية ويرديها في السقم الملازم واليأس والتخبط، كل هذا انصياعا لقرار الجامعة العربية (1947) الذي اعتبر فلسطين أرضاً "سليبة" لا يحق لغير العربي المسلم التمتع بكيان فيها، حتى لو كان من أهلها الأقدم جذوراً من المسلمين والعرب!

 

ومن أضغاث الوعي اللاحق، انقلبت الكذبة على العرب، فظهر صدام حسين، وحافظ الأسد، وبشار الأسد، وبن لادن، والظواهري، والزرقاوي، وحسن نصر الله، وبري، ومشعل، وهنية، والزهار الذي رمى صبيته المسؤول الفلسطيني من الطابق الرابع عشر إلى الأرض الصلبة، وأخيراً جاء من أقصى الجبال الشرقية المجاورة للشرق الأوسط أحمدي نجاد، الذي تعهد بتهيئة الفوضى والدمار المناسبين لظهور المهدي المنتظر الذي سيحل القضية الفلسطينية!

 

الآن، ونتيجة الشذوذ الفكري الذي أصاب الوعي العربي منذ ما سمي بـ"النكبة" ونتيجة تراكم الأكاذيب حولها، أصبح (الإرهاب) الكنية الملتصقة بالعربي أينما حل في العالم. ورغم ما بذلته دول عربية كبيرة ومهمة مثل مصر والسعودية والأردن وبعض دول الخليج من جهود سياسية وثقافية لترميم علاقة العرب بالعالم، ومحاصرة ثقافة الإرهاب داخل المجتمعات العربية، حالف الفشل كل هذه الجهود لسبب واحد، هو أن عملية الإصلاح، الخارجية والداخلية، انطلقت من نفس مفهوم "النكبة" وكامتداد له. مما يثبت أن لا أمل في خلاص العرب من الإرهاب، كمحنة ثقافية وسياسية، إلاّ بإيجاد منطلقات مغايرة ورؤية جديدة بعيدة كلياً عن حيطان وأروقة المعبد الديني الذي شيده العرب في زمنهم الحديث وأطلقوا عليه اسم "النكبة"

 

أيضاً، ورغم اقتناع مسؤولين وزعماء ومثقفين وشخصيات عامة فلسطينية، لا يرقى أي شك إلى وطنيتها، بواقع وجود دولة إسرائيل، فإن الـ 80% من العرب الذين ذكرناهم لا يقبلون هذه الرؤية ويكفروّنها دينياً، يدغدغ عواطفهم ويقرع لهم طبول التشدد رؤساء دول في المنطقة، وأحزاب، وترعى الجامعة العربية، بشخوص أمنائها، جوقتهم الزاعقة، حيث يعتبرون اصطدام أي سيارتين في غزة أو الضفة الغربية مؤامرة من دولة إسرائيل على مصير العرب! لأن الجامعة، كمؤسسة، نشأت ككيان قومي مهمته الرئيسية تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بتحريف الحقائق لقمع الضمير العربي كلما أراد التفكير بحرية خارج "النكبة"، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الثقافية والاقتصادية يرفع المستوى المتدهور لحياة المجتمعات العربية.

 

إذن، لماذا تحول قرار التقسيم الذي أعطى لليهود دولة في أرض فلسطين إلى جانب دولة أخرى للعرب إلى "نكبة" تشرق كل يوم على المنطقة العربية وتغيب دون أن تحمل شعاعا صغيراً من ضوء ينير الطريق لشعوبها؟ وهل كان حق اليهود في أرض فلسطين أقل من حق العرب؟ وما هي الأسس التاريخية التي تدعم ترجيح حق على الآخر؟

 

أولاً: إذا كان مبدأ عدم الاعتراف بالآخر للاستحواذ على كامل حقوقه قد ساد الفتوحات الإسلامية منذ عهد عمر بن الخطاب جرياً على عادة ذاك الزمان، فإن هذا المبدأ قوبل بالنبذ ثم التحريم في بداية القرن الماضي نتيجة الحروب والنزاعات التي قاد إليها، ووضع المجتمع الدولي القوانين اللازمة لردعه في المبادئ العامة التي قامت عليها عصبة الأمم عام 1919، ثم تطورت روح هذه القوانين بما أضيف إليها من ملحقات وتفسيرات مع تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1946 لتتطابق وتنسجم مع العصر، وتعبر عن الأفكار العامة السائدة عن مفهوم سيادة الدول وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

 

إلاّ أن العرب، وبسبب توجههم العاطفي نحو الماضي، وتزمتهم للمعايير القديمة الذي حرَم عقليتهم من النزوع إلى معاصرة المراحل الزمنية كل في وقتها، جعلهم أسرى لمبدأ عدم الاعتراف بالآخر لإلغاء وجوده وبالتالي إنكار حقوقه. جراء ذلك تضررت حقوق ومصالح الطوائف والقوميات غير العربية التي عاشت بينهم: الأكراد، الأقباط، اليهود، وأقليات كثيرة اُلحقت بالعرب قبل 14 قرناً، وما زالت تُعامل بنفس قوانين فترة الغزو الإسلامي.

 

ورغم ما ينتجه وينميه مبدأ إنكار وجود الآخر وحقوقه من مظالم ونزاعات وحروب وعدم استقرار وتجارب مريرة تدفن المخاوف والأحقاد على مسافة قريبة من سطح البيئة الاجتماعية، التزم العرب موقفاً شوفينييا صريحاً وعنيداً في معالجة كل المشاكل التي نشأت في المنطقة مع اتساع ونضوج وعي الأقليات بحقوقها، وظهور مؤسسات دولية أقرت شرعية تلك الحقوق على ضوء المنطق والمفاهيم العامة للعصر.

 

أمثلة على ذلك:

 

1- الأكراد

أدى إنكار الدولة العراقية الحقوق القومية للأكراد، مدعومة من الجامعة العربية، إلى حروب تواصلت على مدى خمسين عاما، هي تقريباً ثلاثة أرباع عمر الدولة التي نشأت في العراق من دون جذور سيادية قوية تدعم ذلك النشوء بصورته وحدوده الأخير!

فبعد أن لفقت الأسباب الداعية إلى ضم إمارة البصرة إلى إمارة بغداد لقيام دولة جديدة في العراق، اقتضت مصالح الاستعمار البريطاني آنذاك إلحاق منطقة كبيرة من أراض مسكونة تاريخياً من قبل الأكراد بالدولة الحديثة ليكون حجم كيانها مناسباً لطموح الأمير فيصل بين الحسين، الذي رشح لإدارتها مقابل حماية مصالح بريطانيا في المنطقة.

 

وإمعاناً في إنكار حقوق الأكراد، قتل صدام حسين بين 1988 و1989 حوالي 180 ألف كردي في حملة إبادة منظمة أطلق عليها اسم "الأنفال"، ثم رش إحدى مدنهم (حلبجة) بغاز الخردل فقتل سكانها (5000 نسمة) ولزم الضمير العربي الصمت تجاه هذه المجازر البشرية، بينما اعتبرت الجامعة العربية بشخص رئيسها آنذاك (الشاذلي القليبي) كلام الصحف العالمية عما جرى كـ "مؤامرة استعمارية ضد العرب والنظام العراقي"! وفي سوريا يعتبر الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية يمنع عليهم ممارسة لغتهم وثقافتهم في العلن.

 

2- المسيحيون في مصر ولبنان

وما جرى للأكراد من تعسف قومي، حدث مثله للأقباط على شكل تزمت طائفي، وفي كلا السلوكين اعتمد العرب مبدأ إنكار وجود الآخر لتجريد حقوقه. فالأقباط الذين انصهر بهم العرب اجتماعياً، وانصهر الأقباط بهم بفعل عامل الزمن، ظلوا يكتشفون بين فترة وأخرى أن الانصهار مجرد قشرة رقيقة سرعان ما تتمزق لدى أي مطلب بالمساواة يشجع عليه تطور مفاهيم الشراكة داخل المجتمع الواحد. لذلك بقيت مصر، الدولة، في حالة توتر اجتماعي، يصعد إلى السطح ليزلزل القشرة الساكنة كلما أرادت الرغبة في الزعامة السياسية العربية أو الإسلامية تأكيد وجودها، أو عرض مطالبها.

 

وقد اتخذ التزمت الطائفي في مصر شكلاً حزبياً منظماً بظهور جماعة الأخوان المسلمين 1928، ليشق، عبر اسم الجماعة ومنهجها، المجتمع المصري إلى شقين متنافرين ومتعاديين اعتماداً على المبدأ الديني والسياسي العربي، الذي ينكر شرعية وجود الآخر غير المسلم وغير العربي ابتداءً من دخول الجيوش الإسلامية مصر عام 639.

 

ورغم اعتراف المؤرخين العرب بدور الخليط الديني والقومي غير العربي في إغناء الفكر والثقافة العربيين، بَيدَ أن الاعتراف بحقوقهم يتوقف ويتكسر عند أول صوت يتجاوز حلقة السكون المفروضة على الخليط كشرط لقبوله داخل الكيان العربي العام، المفكك سياسياً واقتصادياً، والموحد بوجه أي إشارة إلى وجود غير العرب، حتى لو كان وجوداً قوامه السكان الأصليين!

 

في لبنان، أدى وجود الميليشيات الفلسطينية المسلحة بناءً على قرار من الدول العربية إلى تشكيل ميليشيات لبنانية، سنيّة وشيعية مناصرة، رفعت جميعها شعار تحرير فلسطين، فروّعت المسيحيين بظهورها المسلح في الشوارع المكتظة باللبنانيين والسياح، مما أدى في النهاية إلى الاصطدام مع ميليشيات مسيحية تسلحت من قبل بدافع الخوف على حقوق الطوائف المسيحية من شعارات العرب القومية، فشهدت لبنان حرباً طائفية بشعة استمرت 15 عاماً، لم تنته إلا بحصول سوريا، التي لعبت دوراً قبيحاً مؤججا، على وصاية كاملة على شؤون لبنان وشعبه، اتخذت طابع الهيمنة الاستعمارية من النموذج البرتغالي المعروف تاريخيا بطغيانه.

 

في عام 2005، بعد تخلص اللبنانيين من تلك الهيمنة، عادت أسباب وغيوم حرب طائفية جديدة إلى البروز، لكن بأدوات أخرى، لا تبدي الجامعة العربية أي جهد مخلص لمنعها لسببين: الأول أن النظام السوري أيضاً يقف وراء التوتر الطائفي لإعادة هيمنته على لبنان. والثاني: أن حكومة الأغلبية الحالية التي ترفض عودة النفوذ السوري يمثل المسيحيون فيها النسبة الأكبر.

 

إذا كانت المؤسسات القومية العليا تمثل ضمير أمة ما، فإن مؤسسة كبيرة مثل الجامعة العربية قد أنشئت منذ البداية كمعبد لـ"النكبة" مهمته تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بالتحريف، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الاقتصادية والثقافية يرفع المستوى المتخلف لحياة المجتمعات العربية، وينظر بعين المساواة إلى كل الأعراق والأديان المنضوية تحت الكيانات التي تمثلها الجامعة!

 

كنا على الدوام نحلم أن يبلى ضميرنا العربي القومي من الكساح الذي ألم به منذ "النكبة" وينهض، لن نقول برؤى جديدة تسبق العصر الذي نعيش فيه، إنما على الأقل أن تكون رؤى مشرّفة وموازية لعصره! غير أن تلك الأحلام تمرغت في الوحل على يد مجموعة من الصحفيين والكتّاب وبعض المؤرخين العرب، عملوا على تشويه الحقائق ودبجوا تاريخاً ملفقاً وحزيناً للمنطقة على ضوء مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

3- اليهود:

ينظر العرب إلى القضية الفلسطينية كمشكلة في غاية التعقيد، وهي في واقع الأمر ليست كذلك إلا في عيون العرب، وعواطفهم، وفكرهم القومي والديني. وقد راكم العرب الادعاءات عن حقهم وحدهم في أرض فلسطين باشتقاق العديد من المطلقات اعتماداً على مراجع شفوية ومكتوبة دوّنها الغالب بعد الفتوحات الإسلامية، وحرم على أي شخص إعادة النظر فيها، عربياً كان أو أجنبياً. وعندما قبل العرب الاحتكام إلى الأمم المتحدة ومواثيقها لحل المشكلة الفلسطينية، وجدت مطلقاتهم تعارضاً صارخاً مع الوثائق التاريخية، المصفاة، التي بحوزة المنظمة الدولية الجديدة، لذلك ضيعوا عقوداً من الزمن في إصرارهم على صحة مستنداتهم غير المتطابقة مع تاريخ المنطقة المعترف به رسميا، المعتمد على الشواهد العينية الباتة (البراهين الأثرية غي أرض فلسطين) وما ورد في الكتب السماوية الثلاثة، وما ذكره مؤرخو روما، وقبلهم مؤرخو اليونان، وبعدهم مؤرخو اليهود، والدراسات التاريخية الحديثة.

 

قبل أن يأمر الإمبراطور أدريان (132.م) بتدمير مملكة يهودا بسبب ثورة اليهود، ومحو اسمها بإطلاق اسم (فلسطين) على المنطقة الجنوبية، لم تكن هناك أرض اسمها فلسطين. والفلسطينيون قوم جاءوا من جزيرة كريت اليونانية وأقاموا بضع آلاف من السنين جنوب صور حتى الزاوية السفلى لشرق البحر المتوسط، ثم انقرضوا كما انقرضت بلايين الأحياء من البشر (الأقوام) والحيوانات والحشرات والنباتات لأسباب جينية لم تكن معروفة في ذلك الزمان.

 

وقد دخل اليهود هذه المنطقة في عهد داود حوالي الألف الأول قبل الميلاد، وأعادوا بناء مدينة أورشليم بعد طرد اليبوسيين. واليبوسيون شعب من الحثيين وصلوا إلى فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية الحثية التي قامت في شمال تركيا الحالية في حوال القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ويقال إنهم بنوا حصناً خارج أورشليم أطلقوا عليه (صهيون) وبنوا سوراً حول المدينة. وقبل الحثيين سكن أورشليم أو استولى عليها الحوريون الذين جاءوا من الأناضول. وقبلهم الحبيرو وهم خليط من الشعوب من الساميين وغير الساميين يقال إنهم قبائل غير مستقرة ممن يبحثون عن مصادر الرزق، أشارت إليهم ألواح مصرية وورد ذكرهم في التوراة. وذكر المؤرخ اليوناني هيرودت أن الأموريين (الحبيريون) دخلوا هذه الأرض مبكراً جداً، وهم من أصول سومرية جاءوا من جنوب العراق، ومنهم ظهر الفينيقيون الذين تركوا آثاراً على سواحل الخليج العربي الغربية إلى أن وصلوا لبنان. ثم جاء اليونانيون بعد زحف الأسكندر المقدوني على الشرق. بعدهم احتل القائد الروماني بومبيَ جميع السواحل الغربية للبحر الأحمر، وكان لليونانيين والرومان علاقات بملوك الفراعنة في مصر، حيث تذهب رسلهم وقوافلهم إلى الإسكندرية عبر الطريق الساحلي الجنوبي، وعلى هذا الطريق نشأت نقاط توقف عديدة منها مدينة غزة، التي تجمع فيها خليط من المصريين والفينيقيين وبدو سيناء وقليل من عرب الجزيرة من التجار أو طالبي الرزق.

 

وعندما دخل داود وقومه قادمين من أرض ما بين النهرين، أعاد تشييد مدينة أورشليم وبنى أول هيكل لليهود، وقام ابنه سليمان من بعده بتوسيع المدينة وأعاد بناء الهيكل بمساعدة (حيرام) ملك صور ليصبح إحدى معجزات تلك الفترة في جماله ومتانة بنيانه، ورمم معبد الصخرة، وكان مزاراً ومكان صلاة للوثنيين ثم للأنبياء اليهود. وكانت أورشليم مدينة للعبادة الوثنية والسماوية تقدم فيها القرابين المذبوحة، وهي العادة التي التزم بها الإسلام بعد ذلك.

 

بعد 250 سنة على إقامتهم في المنطقة، أسس اليهود مملكة إسرائيل التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتين: السامرة في الشمال ومملكة يهودا في الجنوب، وأصبحت أورشليم مدينة مزدهرة ثقافياً وتجارياً، يقطنها خليط من اليهود واليونانيين والرومان والفرس والفينيقيين والبابليين ونسبة قليلة جداً من تجار الجزيرة العرب لم يكن وجودهم يتميز بشيء ما.

 

وكان إبراهيم (إبرام) الذي يعترف العرب بأبوته لهم ولليهود، شيد أربعة جدران في مكة وضع فيها الوثن الذي كان يعبده هو وقومه، والوثن عبارة عن حجر أسود صقيل أصبح العرب يعبدونه أيضاً، وبعد ظهور الإسلام لم يفكر النبي محمد بإزالته واعتبره رمزاً للإله وبقي العرب يتبركون به حتى اليوم.

 

وتقيم في الجزيرة العربية إحدى عشر قبيلة يهودية، لا يفترق أبناؤها عن بقية القبائل العربية في العادات والتقاليد. ويذكر أن العديد منهم أسلم خوفاً من بطش المسلمين بعد نمو قوتهم العسكرية. وقد مدح النبي محمد اليهود لاستمالتهم في فترة ضعفه، ثم ذمهم وشتمهم ولعنهم وقتل الكثير منهم في واقعة (خيبر) لأن اليهودية والمسيحية اللتين انتشرتا في الجزيرة كانت تنافس الإسلام على قلوب القبائل العربية الوثنية. وعاش اليهود في قلب الجزيرة وفي أطرافها، اليمن – البحرين – العراق – مصر، وانتشروا في جنوب أوربا، اليونان والإمبراطورية الرومانية، ووصلوا حتى إنكلترا مع المد الروماني.

 

ودمر الرومان أورشليم والهيكل عام 70 بعد الميلاد بسبب ثورة اليهود على التسلط الروماني، وكانوا قاموا بثورتين سابقتين الأولى ضد السيطرة اليونانية، والثانية ضد السيطرة الرومانية، لكننا لم نسمع عن ثورة قام بها العرب ضد أحد من الأقوام والممالك والإمبراطوريات التي حلت وعاشت بتلك الأرض التي تمتد من جنوب تركيا حتى مدينة الخليل في الجنوب، لأن العرب ببساطة لم يكونوا هناك حتى الأيام الأولى لفتح الجيوش العربية دمشق على يد خالد بن الوليد، ثم بعد معركة اليرموك (636 ميلادية) التي خسر فيها البيزنطينيون كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم على الساحل الشرقي للبحر الأحمر (سوريا ولبنان وفلسطين) يومها فقط دخل العرب بالآلاف إلى فلسطين وبقية بلدان الساحل. وفي عام 638 دخل الخليفة عمر بن الخطاب أورشليم وأطلق على المدينة اسم (القدس) وأعطى سكانها (كانوا آنئذ مسيحيين ويهود ووثنيين من الآراميين والعموريين والكنعانيين واليبوسيين) عهداً خطياً سمي بـ "العهدة العمرية" ترك لهم بموجبه كنائسهم ومعابدهم وأملاكهم وأموالهم، لكن العهد وضع عليهم قيوداً حرمتهم من التساوي مع السكان العرب الجدد.

 

وبعد استيلاء الصليبيين على تلك البلدان الساحلية ووصولهم أورشليم (1099) انسحبت أعداد كبيرة من المسلمين إلى الجزيرة العربية ومصر، ثم عادوا إليها وهذه المرة مع أعداد غفيرة من أفراد القبائل العربية لحماية أورشليم من أي غزوات جديدة بعد تحريرها من الصليبيين (1187)

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا،تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، واكتشف راعي صبي من الأردن في بداية القرن التاسع عشر مخطوطات مكتوبة على لفائف (Scrolls) باللغة العبرية في كهف قرب مدينة (كمران) على البحر الميت تتحدث عن الفترة التي ظهر فيها المسيح ويوحنا المعمدان، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفداتوحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا، تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفدات وحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وحتى القرن الثاني للميلاد لم تكن قبائل الجزيرة العربية قد أسست لها خصائص ثقافية تميزها كقومية عن القوميات المجاورة، الفينيقية، الفارسية، الفرعونية، والسومرية، والبابلية، واليهودية على وجه الخصوص. وعندما اشتقت قبائل الجزيرة جزءً من اللغة الآرامية السائدة آنذاك في عموم المنطقة، وأسست لها لغة جديدة تطورت بسرعة (العربية) برزت القومية العربية إلى الوجود للمرة الأولى.

 

نأتي الآن إلى حكاية المسجد الأقصى، الذي يعتبره المسلمون العرب مكاناً دينياً خصهم الله به منذ آدم، ويطلقون عليه "الحرم القدسي الشريف" ويضم الحرم مجموعة أماكن للعبادة من بينها مسجد قبة الصخرة الذي شيده عبد الملك بن مروان في القرن السابع الميلادي، أي بعد 72 سنة من الفتح الإسلامي، ويقع هذا المجمع الديني فوق صخرة بارزة في أعلى جبل "موريا" ويضم ثلاثة معابد قديمة لليهود وأماكن عبادة مسيحية منها "مهد عيسى" وشيد مسجد قبة الصخرة الثماني الأضلاع في موقع كان يضم كنيسة بيزنطية قديمة، قريبة من مكان هيكل سليمان الذي هدمه الرومان سنة 70 بعد الميلاد.

 

وإذ يعتبر غالبية المسلمين "الحرم القدسي" موقعاً إسلامياً لا يشاركهم أحد الحق فيه، فإنهم لا يعرفون عن وجود أماكن عبادة يهودية ومسيحية داخل سور الحرم أقدم من مسجد قبة الصخرة. ويعود اهتمام الخليفة مروان بتشييد المسجد بهذا الشكل الفخم إلى ثورة مصعب بن الزبير وأخيه وسيطرتهما على مكة، إذ أراد مروان تحويل المسلمين من زيارة الكعبة إلى زيارة مسجد القبة كبديل للرمز الديني القديم للدولة الإسلامية.

 

ويتبجح العرب كثيراً في تسامحهم ومعاملتهم الحسنة لليهود والمسيحيين الذي وقعوا تحت سيطرة المسلمين بعد الفتح الإسلامي، وهذا الكلام جزء من التحريف الذي بنى عليه العرب ثقافتهم الدينية والقومية، وما برح الكتاّب والمؤرخون في المنطقة يراكمون على أساسه صفحات إنشائية دوّنت تلك الفترة بحبر زئبقي. لأن الحقيقة تؤكد عكس هذه الادعاءات، إذ أن ميثاق (العهدة العمرية) خير اليهود والمسيحيين بين ترك ديانتهم والتحول إلى الإسلام، وبين دفع ضريبة مقابل إقامتهم وعدم التعامل معهم كذميين لا حماية قانونية لحياتهم وأملاكهم في أرضهم الأصلية. وسمح لهما القيام بأنشطة دينية عمومية، وبناء معابد جديدة أو إصلاح القديم منها بأذن الحاكم الإسلامي لكن بشروط كثيرة. وفي الفترات التالية اشترط المسلمون على أصحاب الديانتين عدم رفع أصواتهم أثناء الصلاة، وأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية في أماكن مغلقة لا تسمح بانتباه المارة. ومنعوا عليهم حمل السلاح، وركوب الخيول المسرجة، وبناء بيوت أكبر من بيوت المسلمين. وهم مطالبون بإظهار الاحترام للمسلم مثل القيام من مكان جلوسهم إذا رغب المسلم الجلوس فيه. وحرموا من الوظيفة الحكومية ومن المراكز العمومية الحساسة.

 

وقد أشاعت الآيات التي لعنت اليهود وشككت في كتابهم رغبة واسعة بين العرب في التكبر على اليهود المقيمين بينهم، وإذلالهم واضطهادهم حتى عندما لا يتوفر السبب لذلك. وبمرور الزمن دفعت هذه المعاملة اليهود إلى الخروج من مدنهم وأرضهم بأعداد كبيرة، والرحيل إلى تركيا ودول أوربا وبلدان غرب آسيا حتى روسيا. ومن بقي منهم حتى القرن التاسع عشر ظل مهمشاً، يحيى بين العرب مثل مذنب في أرض غريبة.

 

وبعد بناء سور يضم أماكن العبادة اليهودية والمسيحية والإسلامية في الحرم القدسي، حُرم على اليهود الوصول إلى معابدهم داخل الحرم، واُجبر الحاخامات على إصدار تحريم ديني يمنع أبناء دينهم من دخول الحرم حتى ظهور "المهدي" وهو هنا مهدي اليهود وليس مهدي أحمدي نجاد.

 

ويدعي العرب أن حائط المبكى أصبح ملكاً لهم لأن النبي محمد ربط دابة "البراق" في إحدى عراه عندما "أسرى به الله" من المسجد الحرام في مكة ليصلي في معبد الأقصى في أورشليم. ويسمي العرب معبد الصخرة "مسجد الصخرة" قبل أن تبنى المساجد خارج المدينة ومكة في المملكة السعودية الحالية. ورغم أن حكاية الإسراء مشكوك في واقعيتها، إلاّ أن تاريخ العرب بعد الإسلام احتوى من الغرائب ما يعطى الحق لدابة بالاستحواذ على حائط يبلغ وزنه أكثر من ألفي طن وإلحاقه بالعقارات الإسلامية! وهذا نموذج واحد من آلاف الخرافات التي وضعها المتعصبون واستخفوا بها بالعقل العربي.

الخلاصة:

1- الوقائع التاريخية المذكورة أعلاه مدوّنة في كتب التاريخ اليونانية والرومانية، وتطرق إليها المؤرخون العرب بلا تفاصيل واسعة وكأخبار متداولة في الجزيرة العربية والبلدان المجاورة لها، وثبتها أهم ثلاثة مؤرخين في القرن العشرين (توينبي، شبنغلر، ديورانت وزوجته) بعد تحليل دقيق وموضوعي، وأشار إليها (المنجد) بشكل ملخص، وجميعها تؤكد الوجود التاريخي والحضاري والثقافي الكثيف لليهود في أرض فلسطين وبقية دول الشرق الأوسط، قبل وبعد الفتح الإسلامي.

 

2- بعد صدور قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، الذي نص على أن تقوم دولة إسرائيل على 55% من أرض فلسطين وتقوم الدولة العربية على الباقي وان تقع مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، رفض العرب الاعتراف بقرار التقسيم، ورفضوا بذلك دولة جعلها القرار المذكور من حق الفلسطينيين والعرب ليحقق التوازن القانوني والتاريخي. وسمى العرب القرار بـ"النكبة" واشتركت دولهم الحديثة التي تأسست قبل إسرائيل ببضع سنين في أول حرب نظامية مع إسرائيل تخللتها مناوشات عصابات شكلها فلسطينيون وعرب قدموا من أقرب إلى أبعد المناطق العربية انتهت بخسارتهم. وإمعاناً في الخطأ أقام العرب للفلسطينيين الذي خرجوا أثناء الحرب وبعدها مخيمات يعيشون فيها، ليدللوا على أن اليهود جاءوا من الشتات في أرجاء العالم إلى فلسطين وهجّروا سكانها الأصليين.

 

3- لا أقول إن الأديان الأخرى بريئة من التعصب عندما يستخدمها البشر لتحقيق أهداف دنيوية، بَيدَ أن الثقافة الدينية للعرب، ثم خرافة "النكبة" سمحت بوجود خفافيش ما إن تظهر أسنانها اللبنية حتى تلتهم الثدي الذي ترضع منه. فلبنان والعراق وغزة هي دول ومناطق تتحلل وتتفسخ وتنقل عوامل تفسخها إلى الدول الأخرى على يد عرب، حولتهم الرغبة في التعصب والزعامة إلى ضباع هيجها العفن المنبعث من مفهوم "النكبة" فراحت تؤجج الحروب الطائفية والنزاعات الدينية والخلافات الاجتماعية، وترعى الاغتيالات السياسية وتملأ الأنفاق والبيوت بالأسلحة والذخائر بما يكفي انفجارها لإزالة بلد بأكمله إذا لم يَلن شعبها (من لان) لأنيابهم الحيوانية.

 

4- حين تعرضت شيخوخته للغدر على يد من تساهل مع أخطائهم المقيتة، كان الرئيس محمود عباس أول زعيم فلسطيني يعترف بأن كنيسة المسيحيين في غزة التي تعرضت إلى النهب والسلب من قبل عصابات حماس موجودة قبل أن "نأتي إلى غزة" وهو يعني "نحن الفلسطينيين" وبالذات سكان غزة الحاليين الذين جاءوا إليها بعد الفتح الإسلامي كخليط من بدو سيناء وبدو الجزيرة العربية، ومن أصول أخرى غير معروفة جذبتهم ثروة الدولة الإسلامية الجديدة من بلاد فارس إلى جنوب اثيوبيا، وفرضوا سيطرتهم على سكانها الأصليين من مسيحيين ويهود وفينيقيين وبيزنطيين وبقايا السومريين!

5- لن أوجه النقد إلى إسرائيل وتصرفات حكوماتها إزاء عملية السلام من أجل إرضاء غرور العرب وإشباع نهمهم التقليدي إلى شتم أعدائهم وخصومهم ، وإنكار أخطائهم القاتلة، بل أترك هذا للمطلعين على ملفات الموضوع مثل اللجنة الرباعية، والرؤساء العرب والغربيين ممن يعرفون حقائق الأمور ولا تسمح لهم أخلاقهم بتزويرها!

 

6- منعاً لسفك المزيد من الدماء البريئة التي سقطت من بين العرب وعلى يد عرب آخرين، ومنعاً لتحوّل التدهور الحاصل في لبنان والعراق وغزة والضفة الغربية إلى غرق كامل يمتد ليشمل جميع الدول والمجتمعات العربية، المطلوب من العرب الآن إعادة النظر في مسألة "النكبة" وتقديم رؤى جديدة وشجاعة لمصير المنطقة وسكانها، تعترف فيها علناً بحق اليهود المشروع في دولتهم على ضوء الحقائق التاريخية وليس استناداً إلى الكتابات الغاضبة الغوغائية التي أفرزتها وأدلجتها أضغاث الوعي المركب، المبني على الأكاذيب والتحريف والتزوير نتيجة مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

الأهم من ذلك، ولتعزيز الرؤى الجديدة المطلوبة، يجب التزام مبدأ التشهير، رسمياً، بالأفراد والفئات والجماعات والأحزاب الدينية والسياسية والأنظمة الشمولية التي أسست مجدها وزعامتها الخاوية انطلاقاً من مفهوم "النكبة" المنفتح دائماً على استيعاب المزيد من الادعاءات والأكاذيب.

 

وذلك، للخروج على العالم بوجه عربي حديث، وقيم أخلاقية لا تجيز للعربي، تحت أي ذريعة، ظلم أبنائه وأخوته والمختلف معهم دينياً أو قومياً أو أيديولوجياً.

  

 

[1] تقابل الكِفاف في العربية، وتعني أيضاً الشكل التطريزي للحاشية، وبالنسبة للحجر هي أشكال الخطوط التي تمثل، عمودياً، الطبقات الزمنية لعمر الحجر.

 

لقراءة المقال الأصلي، إضغط هنا.

Partager cet article
Repost0
1 octobre 2013 2 01 /10 /octobre /2013 06:16

بينما الإلحاد في مصر يرتفع، تنتج عنه ردود فعل عنيفة

 

مقال بقلم: منير أديب

ترجمة: مالك بارودي

 

--------------

 penseur-de-rodin.1201449381

في بلد متديّن مثل مصر، على الرغم من كون الإلحاد من المحرّمات التي تثير تجهّما كبيرا عند التّطرّق إليها، فإنّ الملحدين يقولون أنّ أعدادهم آخذة في الارتفاع. ولكن أيّ حركة جديدة تترسّخ، لا بدّ أن يترتّب عنها دائما ردّ فعل ثقافي عنيف.

في محاولة لفهم المحنة التي يواجهها ملحدو مصر، قابل موقع "إيجيبت إندبندنت" خمسة عشر ملحدا، معظمهم في العشرينات من العمر، في مقهى وسط القاهرة.   

"الملحدون موجودون في جميع أنحاء مصر"، قال "عثمان عثمان"، مشيرا إلى مجموعة من الشباب الجالسين على طاولة بجانبنا. 

عدد الملحدين في مصر ليس أقل من ثلاثة ملايين، حسب رأي "عثمان"، لكنهم لا يسمّون أنفسهم "ملحدين"، خاصة أن المجتمع يتبرأ منهم.

هؤلاء الذين خرجوا للعلن مجاهرين بإلحادهم لم يتم عزلهم من قبل أصدقائهم وعائلاتهم فقط، ولكن أيضا من طرف المجتمع بصفة عامة. ومع ذلك، الآخرون الذين رفضوا معتقدات عائلاتهم واجهتهم تجارب متعدّدة أسوأ من مجرد العزلة. 

وقالت "أسماء عمر"، 24 عاما، التي تخرجت لتوّها من كلية الهندسة، أنه بمجرد كشفها لمعتقداتها لعائلتها، شرعوا في تعذيبها جسديا وعقليا. والدها لطمها على وجهها وألحق بها كسرا في فكها حتّى أنها لم تكن قادرة على تناول الطعام بشكل سليم لمدة سبعة أشهر.

أسرتها المباشرة والممتدة على حدّ سواء بدأتا بإهانتها. كانوا يقولون: "أنت تريدين فقط أن تكون لك علاقات حرّة مع الفتيان"، أو "كنت أفضل فتاة في الأسرة"، و"الآن أنت عاهرة". 

وقالت أنّ معظم أصدقائها قد قطعوا علاقاتهم بها، والفتيات الأخريات لم يعدن يتحدثن معها بعد أن نزعت حجابها. 

"سليمان ميلاد"، أو المعروف باسم "إيفان"، أطرد من الشركة التي كان يعمل بها بسبب معتقداته. رئيسه في العمل واجهه بالأفكار التي كان ينشرها على حسابه الشخصي على الفيسبوك وقال له أنّ الشركة لا يمكن أن يكون بين موظفيها شخص ملحد. 

عائلته أيضا لم يسعدها تلقي ذلك الأمر. قالوا له أنّ أفكاره كانت مخزية، ولهذا السبب لم يعد منزلهم مباركا.

ملحدة أخرى، "سارة الكامل"، 24 سنة، تخشى هذه العزلة الشديدة، وبالتالي فقد اختارت عدم إخبار أهلها بمعتقداتها بعد أن دقّت أفكارها المتبنّاة حديثا إسفينا بينها وبين صديقاتها.

لكن رغم المخاطر المترتّبة عن المجاهرة بالإلحاد، العديد من الملحدين الذين تحدّثت إليهم يعتقدون أنّ أعدادهم أصبحت ترتفع، وإن ببطء، في أعقاب ثورة 25 يناير. يمكن أن ينظر إلى إزدهار الإلحاد باعتباره أحد منتجات الثّورة التي دفعت حدود نظم الإعتقاد السائدة وكسرت القيود السياسية والاجتماعية والدينية السابقة.

وفي غياب إحصاء رسمي للملحدين في مصر، يضع البعض عددهم فوق الأربعة ملايين، بينما يقول آخرون أنّهم حوالي مليوني نسمة.

ما يلفت الانتباه عند التحدث مع الملحدين الذين إلتقيت بهم هو أن معظمهم لا يتجاوزون العشرين من العمر، باستثناء واحد فقط ألحد في شبابه ولكنه اليوم في الأربعينات من عمره. أن يكون شخص مّا شابا وملحدا، هذا أمر يمكن أن يكون صعبا بشكل خاص، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون ماليا على أسرهم، خوفا من أن يتسبب لهم كشف معتقداتهم الحقيقية في تهميشهم أو إنقطاع دعم والديهم المالي لهم.

كل شخص لديه قصة فريدة من نوعها، ورحلة من الارتباك إلى اليقين. البعض يقدّمون أنفسهم كملحدين (atheists)، والبعض الآخر كلاأدريين (agnostics) ولاألوهيين (nontheistics) ومنكرين للألوهيّة (antitheists) ومشككين دينيّا (religion skeptics)، في حين أنّ منهم أيضا من ليس له تعريف دقيق.

على الرغم من أنهم قادمون من خلفيات وأديان مختلفة، بالنسبة لبعض الملحدين، كان لإنتشار التيار الديني في مصر دور في دفع أناس كثيرين في الإتجاه المعاكس، بعد فشله في الإجابة على الأسئلة الملحة التي كانت تراودهم منذ الصّغر. 

تقول "سارة الكامل" أن شكوكها في موضوع الدّين بدأت في الإرتفاع عندما سألت والدتها بعض الأسئلة المتعلقة بالدّين فأجابتها بالآية القرآنيّة التي تقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عـن أشياء إن تبد لكم تسؤكم". (المائدة، 101)

بالنّسبة لـ"سارة"، كانت هذه بداية صراع داخلي أدى إلى انحيازها لما وجدت أنّه أكثر منطقيّة. وبلغ ذلك الصراع ذروته بعد ثورة 25 يناير. 

"أيمن رمزي نخلة"، 42 عاما، يأتي من خلفية بروتستانتية. كان يعمل في التّبشير بالمسيحيّة مع الكنيسة، ولكن بعد ذلك قرر التخلي عن الدين تماما. فهو الآن لا يهتم كثيرا جدا بمعرفة إذا كان الله موجودا حقا أم لا.

كان والده كاهنا، وعمل هو نفسهلمدة عشر سنوات كأمين مكتبة في كلية اللاهوت للكنيسة الإنجيلية، ومساعدا لكاهن، وهو منصب إداري. يقول "رمزي" أن هذه الخلفية هي السّبب الرّئيسي الذي أدى إلى إفقاده أيّ إهتمام بالدين. الإقتراب لتلك الدرجة من حقيقة الكنيسة جعله يقرر تركها.

"إيفان" يأتي من عائلة أرثوذكسية وهو عنصر نشط بين الملحدين. هو لا يجد حرجا في التعبير بحرية عن أفكاره.

ويعتقد "إيفان" أنّ الأنبياء من الممكن أن يكونوا إصلاحيين فقط، ولكن لا يمكن أن يكونوا مرسلين من طرف الله. ولذلك فالقداسة التي يضفيها عليهم أتباعهم ترتبط بالتأثير والنفوذ والرّبح المالي الذي يحقّقونه من خلال المصلين سواء في الكنيسة أو المسجد.

في الواقع، العديد من الملحدين الذين تحدثت معهم يدعمون فكرة أنّ الإلحاد كان الخيار المنطقي بعد أن تفحّصوه في مقابل منطق الدّين. ويقولون أنهم لا يسعون لفرض وجهة نظرهم على المجتمع، ولا إقحام أنفسهم في أي محاولات للتبشير بمعتقداتهم، التي قالوا أنهم توصّلوا إليها من خلال رحلات طويلة من التأمل والمقارنة والتحليل.

"عثمان"، الذي بدأ لأول مرة بالإهتمام بالإلحاد عندما كان عمره ستة عشر سنة، بعد قراءة مدوّنة كتبها شاب فلسطيني، يعتقد أن الأديان تعتمد على الأساطير اللامنطقيّة. وهو يتساءل: "كيف يمكن أن يصعد الحيوان إلى السماء؟ وكيف يمكن أن يعيش نبيّ لمدة 900 سنة؟".

يرى "عثمان" أنّ الأديان تقوم على المبالغة، خصوصا في ما يسمى بـ"المعجزات"، والتي هي شيء ضدّ المنطق والعقل.

"عثمان" يرى أيضا أنّ الكتب التي تجمع أحاديث النّبي محمّد تحتوي على بعض الأحاديث اللامنطقيّة والتي يعتقد أنّ من شأنها أن تدفع أي شخص إلى درجة معينة من الإلحاد. البخاري، صاحب أصحّ كتاب في الحديث، يأتي من خلفية غير عربية، وكتب صحيحه بعد موت النبي محمّد بأكثر من 150 سنة، الأمر الذي يجعل "عثمان" يتساءل عن صحّة الأحاديث في كتابه.

"سارة كامل" ترى أنّ الإيمان بالله فكرة عبثيّة، وتتساءل كيف يخلق الأطفال في أفريقيا الذين ليس لديهم إمكانية للحصول على الغذاء أو الماء، بالإضافة إلى الظلم الموجود في العالم والملايين الذين يقتلون في الحروب.

وحجّة "سارة" أنه إذا كان الله هو الذي يسطّر حياة الجميع، إذن رأيها لم يكن أبدا قرارها هي في المقام الأول. الله، ببساطة، يجعل حياتها جزءا من "خطته"، الشيء الذي يجعل من غير المنصف أن تصبح عرضة للمحاسبة على ما لم يكن لها أي إختيار فيه. وقالت أنّه لو كان هذا صحيحا، فإن الحياة ستكون مثل حياة روبوت مصنوع وموجّه من قبل شخص آخر. إذا جاء هذا الروبوت إلى الحياة، سيكون من الظلم تحميله المسؤوليّة عن الخيارات التي تم إجراؤها لذلك.

وقالت أنها أيضا تشكّك في الآخرة، لأنه إذا لم يكن هناك شيء قبل الحياة، إذن فلن يكون هناك شيء بعدها. "إذا كانت الحياة إختبارا، إذن فهي مجرّد عذاب، وسوف يكون الإتجاه إلى الله في هذه الحالة مجرّد مهدّئ لا غير، وسوف لن تحصل على شيء".

يقول ملحدون آخرى أنهم يعتقدون أنّ الإلحاد هو في الواقع أكثر أخلاقا من النّظم الأخلاقيّة القديمة الجامدة التي تقدّمها الدّيانات التقليدية.

تقول "أسماء عمر" أن رحلتها بدأت عندما تمكن طبيب أمراض القلب البارز "مجدي يعقوب" من علاج أحد أقارب البالغ من العمر عامين بجراحة القلب المفتوح. كان "رحمان"، الطّفل، يعاني من صمّام لا يعمل وآخر مصاب بتشوّه.

نجاح العمليّة قاد "أسماء" إلى التّساؤل كيف يمكن لرجل مثل هذا الطبيب، الذي قضى حياته في إنقاذ العديد من الأطفال مثل "رحمان"، أن يلقى به في الجحيم لأنّه غير مسلم. وجدت "أسماء" أن الأديان لا تختار إلاّ أتباعها ليدخلوا الجنّة وتقول أن الآخرين سوف يذهب إلى الجحيم، بغض النظر عن كلّ الأفعال الخيّرة التي يقومون بها في حياتهم.

وتقول "أسماء" انها تؤمن بالله، ولكنها ضدّ جميع الأديان. وتقول إنها لا تزال تبحث عنه وليست على بيّنة من حقيقته. وهي تعتقد أيضا أن الأديان ترفض النّساء وتجعل جسم المرأة كلّه خطيئة لا يجب إظهارها، ممّا يجعل مجرّد أن تبدو المرأة أنثويّة وأن تحسّ بأنوثتها محرّما وضدّ الدّين. "لقد تركت ذلك الدّين لأنّه كان يحاول طمس كياني".

وتضيف "أسماء" أن الإسلام غير عادل بالنسبة للنّساء. وهي تروي تجربتها الشخصية عندما تلقى والدها نصيبا من ثروة تركها شقيقه عندما مات، لأنّ الأخ لم يبق سوى مواليدا إناثا. وتقول أنّ والدها ورث هذه الثروة بدلا من بنات أخيه لأنهنّ إناث، وكلّ ذلك بإسم الدّين.

وقالت أيضا أنها تحتقر الأديان لأنّها لا تمتثل لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى سلب الحقّ في العلاقات الجنسيّة، وإلغاء حقوق المثليّين جنسيّا. "إذا كان الل هو الذي خلق هذه الغرائز، فلماذا تكون هذه القيود بإسم الدّين؟"، تساءلت "أسماء". "هل الهدف هو تعذيب البشر؟"

"عثمان" رفض الدّين لأنّه رأى أنه السّبب وراء قتل الناس، بما أنّ الآلاف من الناس ماتوا على مرّ التاريخ في حروب يحرّكها الدّين. وفي الوقت نفسه، كما يقول، لم يكن للملحدين أيّ دور في مثل هذه الحروب.

ويعتقد "أيمن" أن القيود المفروضة على الحرية هي أصعب بكثير من الفوضى، وأن الحرية التي يطلبها الملحدون ليست سوى تعبير عن النضج. ورفض الربط بين الحرية الدّينية والفوضى. فهو يرى حريته بوصفها إلتزاما شخصيّا أقوى من أي قيود خارجية فرضت لمصلحة المجتمع أوالتقاليد.

ربط آخر نجده عند كثير من الملحدين وهو أنهم غالبا ما يكون لديهم إهتمام بالعلم والتنمية البشرية. "أيمن" يطلق على نفسه اسم "انساني" (humanist) ويخطّط للتبرّع بجسده إلى إحدى كليات الطب بعد وفاته ليفيد العلم ويساعد في علاج الآخرين. هو يرى استخدام جسمه بهذه الطريقة أفضل من تركه للدّيدان لتأكله.

وتربط "سارة الكامل" بين مطالعاتها في الجيولوجيا وعلم الكونيات ونظرية التطور على وجه الخصوص، ورفضها للأديان، التي تصفها بأنها من صنع الإنسان وليس لها أي حرمة.

ومع ذلك، بعض الملحدين لا يزالون يشعرون بأنّهم بلا دين، وأنّ هناك شيئا مّا ينقصهم. رغم رفضها للدّين، لا تزال "سارة" تفتقد الجانب الرّوحي، اللجوء إلى التصوف بما أنّها تحضر إجتماعات الصوفية وتستمع إلى الموسيقى الصوفية، وخصوصا موسيقى "النقشبندي" و"نصر الدين طوبار". وقالت أنها تستمتع أيضا بالإستماع إلى التراتيل المسيحية وتتأثر تأثرا عميقا بها. ومع ذلك فهي تقول أن هذا هو مجرد حاجة إلى الرّوحانية ولا شيء أكثر من ذلك.

وتعود "سارة" الى تآكيد أنّها لم تتوصّل بعد الى نتيجة نّهائية بخصوص صراعها الداخلي.

وعندما سألتها عن يوم القيامة والخضوع للمساءلة عن أفعال المرء أمام الله، قالت أنّها ستطلب السّؤال نفسه من الله.

 

--------------------------------

 

المصدر: موقع "إيجيبت إندبندنت"

 

 

 

 

 

 

Partager cet article
Repost0
1 octobre 2013 2 01 /10 /octobre /2013 05:59

While atheism in Egypt rises, backlash ensues

 

Mounir Adib

Date: 30/09/2013

theres probably no god sticker-p217234753962019825q0ou 400

 

 

 

 

In a religious country such as Egypt, despite atheism being a taboo highly frowned upon, atheists say their numbers are on the rise. But with any new movement taking hold, a cultural backlash is bound to ensue.
 
In an attempt to understand the tribulation faced by Egypt’s atheists, Egypt Independent met with 15 atheists, mostly in their 20s, at a café in downtown Cairo.
 
“Atheists are all around Egypt,” said Othman Othman, pointing to a group of young people sitting at the table next to us.
 
The number of atheists in Egypt is not less than three million, Othman claimed, but they do not label themselves “atheists” as society would disown them.
 
Those who have come out publicly as atheists have been not only isolated by their friends and families, but also society in general. However, others who turn down their familial religion have faced many worse trials than mere isolation.
 
Asmaa Omar, 24, who has just graduated the Faculty of Engineering, said that once she revealed her beliefs to her family, they began to physically and mentally torture her. Her father slapped her in the face and broke her jaw. She was not able to eat properly for seven months.
 
Both her immediate and extended families began to insult her. “You just want to have free relations with boys,” they would say, or “You used to be the best girl in the family,” and “Now you’re a prostitute.”
 
By now, she said, most of her friends have cut their ties with her and other girls no longer speak to her after she took off her veil.
 
Milad Suliman, or better known as Evan, was fired from his company over his beliefs. His boss confronted him with the ideas he shared on his Facebook page and told him the company could not have an atheist among its employees.
 
His family was not happy either. They told him his ideas were shameful and this was the reason their home was no longer blessed.
 
Another atheist, Sarah al-Kamel, 24, fears this very isolation, thus has chosen not tell her family of her beliefs after her newly adopted ideas created a wedge between her and her friends.
 
Despite the risks of coming out, many atheists I spoke to claim their numbers have slowly been on the rise following the 25 January Revolution. The rise in atheism could be seen as a by-product of the revolution pushing the boundaries of commonly-held belief systems and breaking down previous political, social and religious restrictions.
 
While there is no official census of atheists in Egypt, some put their number at more than four million, while others say they are around two million. 
 
What draws attention when speaking to the atheists I have met, is that most of them are no older than their 20s, except for one who became an atheist as a young man, but is now over 40. Being young and atheist can be particularly difficult, especially those currently financially dependent on their families, for fear that revealing their true beliefs will cause them to be alienated and financially cut off from their parents.
 
Each person has a unique story, and a journey from confusion to certainty. Some define themselves as atheists, others as agnostics, nontheistics, antitheists and religion skeptics, while some would not have an exact definition.
 
Though they come from various backgrounds and religions, for some atheists, the spread of the religious trend in Egypt has pushed many people in the opposite direction, after failing to answer pressing questions they have harbored since a young age.
 
Kamel says that her doubt in religion began to rise when she asked her mother a few questions related to religion and the mother replied with a verse from the Quran saying, “Do not ask about things which, if they are shown to you, will distress you.”
 
For Kamel, this was the beginning of an internal conflict, which resulted into her siding with what she found more logical. The conflict had reached its peak after the 25 January Revolution.
 
Ayman Ramzy Nakhla, 42, comes from a Protestant background. He worked in preaching Christianity with the church, but then decided to abandon religion altogether. He is now not very much concerned with knowing if God really exists or not.
 
Nakhla’s father was a priest, and Nakha worked for ten years as librarian in the Theology College of the Evangelical Church, and as an assistant to a priest, which is an administrative position. Ramzy says that this background was the one that actually led him to lose interest in religion, getting so close to the truth of the Church made him decide to leave it.
 
Evan comes from an Orthodox family and is active among atheists. He is not embarrassed to openly express his thoughts.
 
Evan believes prophets might be just reformers, but cannot be sent by God. Bringing holiness to their followers is linked to the impact, influence and financial outcome, that they achieve through worshippers whether at the church or the mosque.
 
In fact, many atheists I spoke to, argued atheism was the logical choice after weighing it against the logic of religion. They say they do not seek to impose their point of view on society, nor involve themselves in any attempts to preach their beliefs, which they said they have reached through long journeys of reflection, comparison and analysis.
 
Othman, who first started considering atheism at the age of 16 after reading a blog written by young Palestinian man, thinks that religions rely on illogical myths. “How would an animal ascend to the sky? And how would a prophet live for 900 years?” he wondered.
 
Othman believes that religions are based on exaggeration, especially on what are called “miracles,” which are something against logic and reason.
 
Othman also finds the books compiling Prophet Mohamed Hadiths to contain some illogical ones, which he thinks would drive anyone to certain atheism. The writer of one of the most refined Hadith book, Bukhari, comes from a non-Arabic background and has written his book over 150 years after the death of Prophet Mohamed, which makes Othman wonder about the originality of the Hadiths in his books.
 
Kamel thinks believing in God is an absurd idea, wondering how would he would create children in Africa who have no access to food or water, in addition to the injustice of the world and the millions killed in wars.
 
Kamel argued that if God really has a plan for everyone’s lives, then her opinion was never her decision to make in the first place. God simply would have made her life part of “His plan,” which makes it unfair to hold her accountable for what she had no say in. She said if this were true, life would be like being a robot made and run by someone else. If this robot came to life, it would be unfair to hold it responsible for choices that were made for it.
 
She also questions the afterlife, because if there was nothing before life then there will be nothing after. “If life is a test, then it is just torture, and turning to God in that case would just be a sedative, and would get to nothing,” she said.
 
Other atheists say they believe atheism is in fact more moral than the old, rigid moral codes offered by traditional religions.
 
Omar says her journey began when prominent cardiologist Madgy Yaqoub managed to treat a two-year old relative of hers in open heart surgery. Rahman, the child, had a valve that did not work and another with malformation.
 
The successful operation led Omar to wonder how a man such as the doctor, who had lived his life saving many children like Rahma, could be thrown to hell for not being a Muslim. Omar found that religions just chose its followers to end up in heaven, and say that other people would go to hell, regardless for whatever good deeds they do in their life.
 
Omar says she believes in God, but is against all religions. She says she is still looking for Him and is not aware of His truth.
 
She also believes that religions defy women, and made all of a woman’s body a sin to shown, which makes it against religion for a woman to look and feel feminine. “I dropped that religion because it was trying to defy who I was made,” Omar says.
 
Omar adds that Islam is not fair to women. She tells her own experience when her father received part of the fortune his brother left when he died, because the brother only left female offspring. She says her father inherited this fortune instead of his nieces because they are females, and all in the name of religion.
 
She also despises religions for not complying with human rights, in addition to taking away the right to have sexual intercourse, and abolishing the rights of homosexuals. “If God created these instincts, then why would these restrictions be made in the name of religion?” Omar wondered. “Is the goal to torture humans?”
 
Othman rejected religion because he saw it as a reason behind killing people, since thousands of people died over the history in religion-driven wars. Meanwhile, he says, atheists have never took part in such wars.
 
Nakhla believes that the restrictions of freedom are far harder than chaos, and that freedom demanded by atheists is only an expression of maturity. He rejected the link between religious freedom and chaos. He sees his freedom as an internal commitment, stronger than any external constraints imposed on behalf of society or traditions.
 
Another link many atheists have is they often have a high regard for science and furthering mankind. Nakhla calls himself a “humanist” and is plans to donate his body to a medical school after his death to benefit science and help cure others. He sees this as a better use of his body rather than being eaten by worms. 
 
Kamel links between her readings in geology, cosmology and the theory of evolution in particular, and her rejection of religions, which she describes as human-made and have no sanctity.
 
Some atheists, however, still feel without religion, they are missing something. Despite her rejection of religion, Kamel still misses the spiritual side, resorting to Sufism as she attends Sufis meetings and listen to sufi music, especially those of al-Naqshbandi and Nasr Eddin Tobar. She also enjoys listening to Christian hymns and is massively affected by them. She says, however, that this is just a need for spirituality, nothing more.
 
Kamel goes back to saying that she has not yet reached a final result for her inner conflict. 
 
When asked about doomsday and being held accountable for one’s deeds before God, Kamel said she would ask the same question to God.
The original article here!
Partager cet article
Repost0
28 septembre 2013 6 28 /09 /septembre /2013 07:16

معاداة الإسلام ليست جريمة والمجاهرة بها

حقّ إنسانيّ يجب أن يعترف به العالم كلّه

 

بقلم: مالك بارودي 

drogue

"راجت مؤخرا على شبكات التواصل الإجتماعي «الفايسبوك» صورة لشاب يتعمّد الدوس على المصحف الشريف. وفي هذا الإطار أكدت وزارة الداخلية أنه «تبيّن من خلال التحريات الأولية أن الصورة ألتقطت خارج تراب الجمهورية التونسية وهي لشاب تونسي لا يتجاوز عمره 20 سنة ويقيم حاليا بإحدى الدول الأوروبية». كما صرحت وفق بيان صادر عنها بتاريخ 26 سبتمبر الجاري أنّه تم التنسيق مع النيابة العمومية في الموضوع وقد فتح بحث عدلي في الغرض، كما أنّه تمّ إعلام الأنتربول الدّولي لإتخاذ الإجراء المناسب في شأنه." هذا الخبر ورد البارحة في صحيفة "المغرب" التّونسيّة (الجمعة 27 سبتمبر 2013، العدد 639، ص 15). خبر رائع ويليق بـ"أحسن الحكومات في التّاريخ"، الحكومات التّونسيّة الإسلاميّة النّهضويّة الإخوانيّة ذات الماضي الإرهابي والحاضر الذي لا يقلّ عنه إرهابا، هذه الحكومات التي ساعدت المدّ الإرهابي (المنسوب للسّلفيّين) أحسن مساعدة حتّى إنتشر وتغلغل وبثّ أذرعه الأخطبوطيّة في كلّ أنحاء البلاد وفي كافة أجهزة الدّولة أيضا، فكانت بذلك خير مساهم في تحطيم الجمهوريّة ورمي سمعة تونس في الوحل ليمرّ عليها جيش الإرهاب الإسلامي وهو يحاول إعادة مجد الخلافة الإسلاميّة بالقتل والذّبح والإغتيالات. فالأمر محسوم الآن: تونس دولة إرهابيّة تقودها جماعة إرهابيّة ("حزب حركة النهضة" أو "حركة الإتجاه الإسلامي" مثلما كان يسمّى في الثّمانينات والتسعينات من القرن الماضي) وهي دولة داعمة ومنتجة ومصدّرة للإرهاب. وهذا الخبر ينبئ بمستقبل مظلم أو بإنعدام المستقبل أصلا، إذا تواصل حكم "الجرذان" (كما كان يسمّيهم "معمّر القذافي")... وهل يمكن أن ننتظر من الجرذان غير الفساد والخراب؟

لكن، ليس هذا هو موضوعنا هنا، فما أوردت هذا الخبر إلاّ لأنّه جزء من حكاية أكبر حدثت لي البارحة وكتبت فيها تعليقين طويلين على موقع الفيسبوك، وإنّما أردت جمعهما في مقال واحد تعميما للفائدة وليفهم بعض من إختلطت عليهم الأمور والمواضيع بعض الحقائق التي قد لا يخبرهم أحد بها  .

ذاك الخبر هو الجزء الأوّل من الحكاية، أمّا الجزء الثاني فهو الآتي: نشر أحد المسؤولين عن صفحتي على الفيسبوك صورة لرجل يلبس زيّا ساخرا متكوّنا من العشرات من الأعضاء التناسلية الذكورية المنتشرة على كامل جسده وقد كتب عليها كعنوان: "محمّد بن آمنة، رسول النّكاح، وهو يتجول في المدينة ليلا ويبحث عن أيّ شيء ينكحه". وكانت التعليقات تتراوح كالعادة في مجتمعاتنا "العربية الإسلامية" المنافقة بين الشّتائم واللّعن، وهو شيء تعوّدنا عليه نحن الملحدون، بل أصبح جزءا من أيّامنا، نفتح أعيننا عليه ونغمضها عليه. ولكنّ أحد التعليقات استرعى إنتباهي. كان تعليقا مطوّلا فقرأته، لأنّ معظم التعليقات التي تحتوي على الشتائم تكون عادة قصيرة. كان التعليق هو الآتي:

"السؤال الذي يجنب تونس ويلات الحرب المقدسة لماذا كلما تعاظم فشل الترويكا يظهر شخص يضع المصحف في دورة المياه أو يضع المصحف في سلة المهملات أو ينشر صورة للنبي جسده عاري مزروع أعضاء تناسلية؟ وهل نشر هذه الأشياء يراد منه إحداث صدمة النفسية أعمق من الإغتيال الذي سيليه وضمان ضعف تأثير الإغتيالات نسبيا؟ ربما عصابات الإجرام السياسي تستعمل تقنية العلاج بالصدمة كلما تعاظم فشلها تدنس المقدسات ثم تقوم بإغتيال معارض حتى لا يحدث الإغتيال الزخم القادر على إسقاط حكمها وحتى التخلص النهائي من كل معارضها، ولو ثبتت صحة هذا التحليل فمثلما وضع المصحف في دورة المياه قبل إغتيال الشهيد شكري بلعيد ومثلما وقع ترويج لحملة الإفطار الإستفزازي في رمضان وغيره قبل إغتيال الحاج محمد الإبراهيمي سيحدث إغتيال لشخصية سياسية أهم من الشهيدين لأنه هذا الإسبوع وقع ضع المصحف في سلة المهملات ونشرت صورة للنبي جسده عاري مزروع أعضاء تناسلية."

ووجدت تعليقا آخر من طرف فتاة تدعى "سندة كمون"، تونسّية، قامت بنشر رابط الصّورة على صفحتها الخاصة ومعها التعليق التالي: " لم تبق للنهضة وسيلة للبقاء في الحكم سوى استئجار المرتزقة لتهجم على القرآن ومحمد ومن ثم التسويق لحماية المقدسات هههههه قد تقوم حرب مقدسة بتونس لبقاء االفشلة بالحكم."

فكان ردّنا كما يلي:

"رسالة للعاهات التي تتهمنا بأننا مستأجرون من طرف حركة النهضة في تونس ومن بينهم الآنسة سندة كمون التي تقول: «لم تبق للنهضة وسيلة للبقاء في الحكم سوى استئجار المرتزقة لتهجم على القرآن ومحمد ومن ثم التسويق لحماية المقدسات هههههه قد تقوم حرب مقدسة بتونس لبقاء االفشلة بالحكم.» لهؤلاء العاهات نقول: الترويكا تحكم تونس بسبب الشعب الجاهل (أي بسببك أنت وغيرك) الذي لا يفكّر ولا يأخذ عبرة من الماضي. لا أحد يجهل حقيقة حركة النهضة وجرائمها في الثمانينات والتسعينات، لكن الشعب الجاهل إختارها على أساس أنها "حزب ربّي"، فوجد "***". ووجد الإرهاب والإغتيالات والإفلاس. المشكلة ليست مشكلة ملحدين أو فيلم مسيء يساهم في الرفع من أسهم حركة النهضة أو غيرها. المشكلة في شعب زبالة لا يفهم وفي نخبة زبالة لا تعرف كيف تستخدم عقولها وفي حزب إخترتموه بأنفسكم فزرع أذرعه في كل مكان وداس على رقابكم بتواطؤ منكم سواء بالعمالة أو بالسكوت. المشكلة مشكلتكم أنتم وليست مشكلة من وضع القرآن في المرحاض أو من تبول عليه. من داس على القرآن يعبّر عن رأيه، ونحن حين نشرنا الصورة التي تتحدث عنها عبّرنا عن نظرتنا لرسول الإرهاب والنكاح. التعبير عن الرّأي حرّيّة تكفلها كلّ المواثيق الدّوليّة، فهل هناك ميثاق دولي واحد يجرّم تصوير رسولكم أو معاملة القرآن معاملة أيّ كتاب آخر؟ بإختصار، هذه حريتنا نمارسها مثلما يمارس المتديّن حريته في رفع دبره للسماء خمس مرات في اليوم وفي قراءة قرآنه الذي يحرّض على الإرهاب ويلعن كلّ غير المسلمين في العالم كلّه. فلا تلقوا بتبعات حماقتكم وجهلكم على الآخرين. أنتم إخترتم قمامة الأحزاب الإسلامية وأنتم وحدكم تتحملون مسؤوليتها.

وإذا أردتم محاربة الإرهاب في تونس، عليكم أن تحاربوا الإسلام نفسه، إذ لا ينفع أن تقطع أذرع الأخطبوط مادام الرّاس حيّا، لأنّه سينبت أذرعا أخرى وبالتالي ستعودون للنقطة الصفر. الإسلام هو المشكل. الإسلام هو رأس الدّاء ومصدر الإرهاب. متى تفتحون أعينكم، يا من تريدون الجمع بين المتناقضات؟ الإسلام والتقدم لا يلتقيان. الإسلام والحرية لا يلتقيان. الإسلام والديمقراطية لا يلتقيان. الإسلام وحقوق الأقليات لا يلتقيان. الإسلام والحياة لا يلتقيان. إفتحوا أعينكم، أو سارعوا بإحراق أنفسكم، لأنّ الإسلام سيحرقكم آجلا أم عاجلا."

لم تردّ الصّفحة التي نشرت التعليق الأوّل عليّ، ولكن وجدت تعليقا جديدا من طرف نفس تلك الفتاة المذكورة أعلاه تقول فيه:

"سأجيب هذا تافه ولكن بطريقة أكثر تحظر، أولا أنا يهودية وليس لي رغبة بأن يتحول سكان العالم إلى يهود ولا تعنيني جزيرة العرب سوي سكنها البشر أو الحيوان المهم بأن لا تصدر مخاطر تهدد كوكب الأرض، ثانيا ماذا ستستفيد أنت عندما يتحول العرب إلى ملاحدة مثلك؟ هههه مهم ان تحدث الفوضي بغية الشهرة، ثانيا أنا لا أتحدث عن الأديان لأنه لا أحد يملك الحقيقة فقط نتبني الدين الذي ورثناه حتى لا نذهب إلى الفراغ ونحاول دوما أن نجعل ذلك الدين لا يتخالف مع قيم العصر حتى لا يسقط، ثالثا شعب تونس ليس على نفس الدرجة من الوعي ولا يمكن للأغلبيته فهم أن النهضة حزب فاشي النزعة والنشأة ولا يمكنه الرقي بأخلاق المجتمع ويسيطر على عقول انصاره قيم فاسدة، رابعا انا دوما أنتقد الإسلام فيما يتعلق بتهديد حريتي وهويتي التونسية التى تسري في عروقي دون ذلك الأسلام كمعتقد شخصي لا يعنيني طالما لا يفرض علي معتنقيه قيود وسأواصل نقد الإسلام بشراسة طالما هناك من يريد تعطيل إنتماء تونس للعالم المتحظر ومعادات المساوات المطلقة وغيره ولكن بمجرد إندثار الأحزاب الدينية لن أضيع وقتي بأنتقاد الإسلام، خامسا وأهم انا لا يعنيني محتوي صفحتك وحريتك في نشر ما تريد ولكن عليك كتافه تددعي انك طبيب المدينة الوحيد أن لا تمارس حريتك على حساب إستقرار الخضراء والمواثيق الدولية تبقي محترمة بتونس حتى بعد قمع أمثالك لأن الحرية جعلت لتحدث الإستقرار وليس لتعذيب الجهلة والمسربلين دينيا ثم نعت ردة فعلهم بالإرهاب فإرهابي هو من يبادر بالعنف مثلك ومثل من انتهك سلم المدنيين بأبراج التجارة عالميين وفعلا هناك تزامن رهيب بين ما يقوم به أمثالك والإغتيالات وهذا ليس نوع من ثقافة المؤامرة لأن أمر تكرر."

فكان ردّي الأخير كما يلي:

"جوابنا سيكون مطوّلا نسبيّا، لكن نرجو أن نأتي من خلاله على مختلف النقاط التي ذكرتها.

أولا، التزامن لا يراه إلا أمثالك ممن عشّشت في أدمغتهم الفارغة نظرية المؤامرة، بتشعّباتها وألوانها وأشكالها المختلفة. نفس النظريّة التي يهواها المسلمون إلى حدّ الإدمان ("التخلف الإسلامي مؤامرة من الغرب الكافر الذي أبعدنا عن ديننا"، "العالم كلّه يكره الإسلام ويريد الإطاحة به"، "حقوق الإنسان مؤامرة غربيّة على الإسلام"، حتّى "الثورات العربيّة مؤامرة صهيونية أمريكية على الإسلام والمسلمين"). إذن، من هذه الناحية أظنّ أنّك قد رضعت من نفس الثدي الذي رضع منه راشد الغنوشي وعلي العريض وأبو عياض والحبيب اللوز والصادق شورو وعبد الرؤوف العيادي وغيرهم ممّن هم في السّلطة اليوم في تونس...

ثانيا، لا يهمني إن كنت يهودية أو مسيحية، فهذا أمر لا يعنيني في شيء، لكن إن كنت مسلمة فهذا أمر يخصّني ومن حقي نقدك وإنتقادك والسخرية منك أيضا (وكلها طرق تعبير) ولتعلمي أن نقدي للمسلمين وللإسلام هو دفاع عن حقّي في أن أكون حرّا وأن أقول ما أريد وأن أفكّر مثلما أريد متى أريد دون أن أجد حمارا مسلما يكفّرني أو (مثلك) يتّهمني بالعمالة لأي طرف كان لأنّه يرى في نقدي أو إنتقادي أو حتى سخريتي جرحا لشعوره. إذا كان كلامي جرحا لشعور المسلم أو كما تقولين "تعذيب الجهلة والمسربلين دينيا" (ولا أعرف أصلا أيّ معنى تريدين إبلاغه بلفظ مسربلين دينيا، لكن لا يهمّ) فهذا لا يهمّني، خاصة أن المشكلة في الأصل هي مشكلة هؤلاء الجهلة الذين لا يريدون الحرية إلا لأنفسهم ويجهلون حقيقة دينهم ويدافعون عنه مثلما يدافع الكلب عن عظم يخاف أن يُنتزع منه فيخسره (وهنا دلالة على أنّ المسلم ليس مؤمنا بالدرجة التي يتصوّرها ويصوّر بها نفسه، فإيمانه هشّ وضعيف حتى أنّ أقلّ كلمة نقد تستهدف دينه يمكن أن تغضبه وتجعله يحرق العالم ليثأر من قائلها وممّن لم يقلها أيضا وهنا قمّة الهشاشة). ومثلما يقال: لا يعذر الجاهل بجهله.

ثالثا: تقولين أنه "بمجرّد إندثار الأحزاب الدّينية لن أضيع وقتي بإنتقاد الإسلام". إسمحي لي أن أقول لك أنّك لا تختلفين عن المسلمين مغسولي العقول في شيء لأنّك تنتقدين القشور وتنسين اللب. تنتقدين الأحزاب الإسلامية وتنسين أن الأصل الذي ينهل منه جرذان الأحزاب الإسلامية هو القرآن والسّنّة والأحاديث. تنتقدين الإرهاب ولكنك تنسين المصدر الأساسي للإرهاب وهو القرآن. وكما قلت لك سابقا، لا يصحّ أن نزعم أنّنا ضدّ الإرهاب إذا لم نكن ضدّ الإسلام وتعاليمه وشريعته الحيوانية وإيديولوجيته الفاشيّة المقيتة. وكلّ مدافع عن الإسلام، سواء كان ذلك عن جهل وتعصب أعمى أو عن معرفة بخفاياه، هو مساند وداعم ومؤيّد ومتواطئ مع الإرهاب. ولنفترض جدلا أنّ الأحزاب الإسلامية لم تعد موجودة في تونس، ولنفترض أيضا أنها لم تعد موجودة في العالم كلّه، هل سيتوقّف الإرهاب؟ لا. لأنّ الإسلام سيبقى موجودا ولأنّه دين مبني أساسا على الإستعمار والغزو والسبي والقتل والرّجم وقتل المرتدّ وجلد الزاني، إلخ. ولأنّه دين مسموح فيه الكذب والخداع خدمة للمصالح، وخاصّة لنصرة الإسلام. إذن، إرتحنا من الأحزاب الإسلاميّة (القشور) وبقي الإسلام (لبّ المشكل)، لذلك "حكايتك فارغة" كما يقال. وسيبقى الإرهاب موجودا ينتقل عبر التعليم والتلقين من المهد إلى اللحد وسيبقى الإرهابيون بيننا وإن لم يصرّحوا بأفكارهم ونواياهم كخلايا نائمة في حالة "كمون" إلى أن تحين مرحلة القوّة و"التمكين" فيعودون إلى السّطح ليخرّبوا ويقتلوا ويحرقوا بإسم ربّهم وقرآنهم. في حقيقة الأمر، أنتم توهمون أنفسكم بأن المشكل هو الأحزاب الدينية والبعض الآخر يتوهّم أنّ المشكل هو الوهابيّة، كلّ هذا نفاق وتعلات تصنعونها لكي لا تعترفوا بأن الإرهاب جزء من الإسلام، بل جزء من حياة محمد بن آمنة ودعوته الإرهابية، بل جزء من القرآن نفسه الذي يقرؤه المسلمون كل يوم لاعنين اليهود والنصارى ومهدّدين العالم كلّه بالخراب إن لم يدخل "للدّين الحقّ"... وكلّ ذلك على لسان ربّهم الخيّر الكريم العفوّ الجبّار القويّ الحكيم الذي يضع نفسه في مرتبة "مخلوقاته" فيلعنهم ويسبّهم ويشتمهم ويهدّدهم...

رابعا: أنا لا أمارس حريتي على حساب الآخرين، لأنّ حريتي في الأصل ليست مرتبطة بالآخرين بل هي مرتبطة بي أنا شخصيّا وبقناعاتي ولا يجب ربطها بالآخرين أصلا ولا يمكن إلاّ في حدود قواعد أخلاقية أوّلها وأهمّها "عدم التحريض على العنف والقتل والإرهاب" مثلما يفعل القرآن ("قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ” سورة التوبة، آية 14. "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ”. سورة التوبة، آية 29. "الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا ”. سورة النساء، آية 76. "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فان انتهوا فان الله بما يعملون بصير ”. سورة الأنفال، آية 39. إلخ) ومثلما تقول الأحاديث (”أتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح”، هذا في صحيح ابن حبان و قد صححه الشيخ الألباني في صحيح السيرة النبوية ص 149 وقال عنه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد: إسناده صحيح، والذبح في اللغة هو قطع العروق المعروفة في موضع الذبح من الحلق بالسكين. ”واعلموا إن الجنة تحت ظلال السيوف” وهذا في صحيح البخاري و مسلم. إلخ) والسّيرة (أما من السيرة النبوية فسنوات ما بعد الهجرة كلها جهاد وقد كان عدد غزوات محمد 27 غزوة و56 سرية قاتل بنفسه في 9 غزوات منهن… وكل ما يقوم به الإرهابيون المسلمون اليوم ما هو إلا تقليد محمد في هذه الغزوات فهم يقلدونه في كل شيء.) فالشيء الوحيد المقدّس عندنا، وحتّى في المنطق البسيط، هو الإنسان ككائن حيّ، أي كجسد (الحرمة الجسديّة)، وما عدا ذلك فهو ليس مقدّسا، بل هو قابل للنقد والإنتقاد والسخرية أيضا. فنقد المعتقد والسخرية منه لا يمثلان إعتداء على الآخر، وإلا فمن الضروري أن يعترف المسلمون بأن ربّهم أهان اليهود والنصارى في قرآنه وبالتالي يجب عليهم تعويض "الأضرار المعنوية" التي لحقتهم طيلة 1400 سنة من الدّعاء وتلاوة القرآن والخطب والمواعظ والمصنّفات في تكفير اليهود والنصارى دون أن نحصي المرات التي شتمهم فيها المسلمون بمبادرة شخصيّة. إذن فالتعرّض لمعتقدات الآخرين ليس فيها أيّ ضرر أو إعتداء، مادام المسلمون يدّعون أن دينهم جاء للعالم كلّه ويعرضونه كسلعة على قارعة الطّريق فمن الطبيعي أن تدوسه بعض الأقدام... كأن نتعرّض للقول بأن محمّد بن آمنة ليس إبن عبد الله لأنّه ولد بعد موت هذا الأخير بأربع سنوات... فما نقوله قالته المصادر الإسلاميّة قبلنا بمئات السّنين ولم ير فيها أحد أيّ إعتداء، بل حتى في الزمن الحاضر، هناك فتوى من شيخ الأزهر تقول أنّ فترة الحمل في الإسلام أربع سنوات، وهي مرتبطة بمسألة نسبة أبوّة محمّد بن آمنة لعبد الله... فأين الإعتداء في تكرار ما قاله الآخرون؟ حتّى عندما نتعرّض لنعت رسول المسلمين برسول النكاح أو بالإرهابي، فهذا كلّه مدوّن في مراجعهم الإسلامية إمّا بالقول الصّريح أو بالتلميح. فمن الطبيعي أن ننعته برسول النكاح عندما نجد حديثا يقول أن محمدا "كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهنّ إحدى عشرة" وأنّه "أعطي قوّة ثلاثين" رجلا (صحيح البخاري) وفي أحاديث أخرى "قوّة أربعة آلاف رجل" ("فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، للحافظ بن حجر العسقلاني)... ومن الطّبيعي أن ننعته بالإرهابي نتيجة لعدد الغزوات التي قام بها ولعدد ضحاياه ولعدم إحترامه أدنى القواعد الإنسانية مثل التّعامل مع الأسرى المستسلمين العزّل (مذبحة بني قريضة). فإذا كان المسلم يرى هذا إعتداء على رسوله، فالأصحّ أن يوجّه إتّهامه للمراجع الإسلامية لأنها هي التي مكّنتنا من النصوص والتفاسير والأدلّة التي نعتمدها. والأولى أن يطبّق المسلم قاعدته العقديّة المشهورة "ناقل الكفر ليس بكافر"، ولو كان متأكّدا من كفرنا، لأنّ الأصل يحاسب قبل الفرع، وبالتالي عليه أن يقرّ بأنّ ناقلي الأحاديث النبوية كفّار وبأنّ مفسّري القرآن كفّار أيضا بل وبأنّ القرآن نفسه كافر لأنّ الكثير من آياته تطعن في أخلاق محمّد بل وفي أخلاق الإله الإسلاميّ نفسه.

أعتقد أنّ جوابي واضح ولن أطيل الحديث أكثر، فما يُستشف ويفهم من بين السّطور أكثر ممّا يستحقّ تعليقك السّابق من تفسير وشرح. واللبيب من الإشارة يفهم."

  

 

 

 

Partager cet article
Repost0
13 septembre 2013 5 13 /09 /septembre /2013 00:22

 

 

 

Partager cet article
Repost0
12 septembre 2013 4 12 /09 /septembre /2013 03:51

الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم

بقلم: مالك بارودي

 cugxXUw.gif

على إحدى الصفحات على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" إعترضني مقال منشور فيه من التهافت ما لا يقبله عقل، فرددت عليه وإنطلق حوار مؤسف مليء بالمغالطات المنطقية والتلاعب بالألفاظ.

يقول المقال: "لمن يسأل: هل هناك دليل مادّي على وجود الله؟  إذًا نحن في حاجة لدليل مادّي وإلاّ نفينا وجود الله؟ أليس كذلك؟ طيّب... بنفس الأسلوب: هل هنالك دليل مادّي على عدم وجود إله؟ نحن في حاجة لدليل مادّي وإلاّ نفينا "عدم وجوده" (نفي عدم الوجود = وجود)؟ أليس كذلك؟ أرأيت؟ هذا ليس أبدا أسلوبًا منطقيًّا... فمن يقول: أنا في حالة إلحاد حتّى تثبت لي وجود خالق، يمكن إسكاته باستعمال نفس الأسلوب: أنا في حالة إيمان بوجود خالقٍ حتّى تثبت لي عدم وجوده... أليس من الأفضل طرح المسألة بشكل مغاير؟ بما أنّ كلّ حادثة لها سبب، و نعرف أنّا نواجه في الأشكال النوعية المتطوّرة نموّاً حقّاً، أي تكاملا في وجود المادة وزيادةً نوعيةً فيه، فمن حقّنا أن نتساءل: من أين جاءت هذه الزيادة؟ وكيف ظهرت هذه الإضافة الجديدة؟ هل جاءت من المادة نفسها؟ هل يكون الأدنى سبباً لما هو أعلى منه درجة؟ طبعًا لا... فالمنطق يفرض أنّ هذه الزيادة الجديدة التي تعبّر عنها المادة من خلال تطوّرها جاءت من مصدر يتمتّع بكلّ ما تحتويه تلك الزيادة الجديدة من حياة وإحساس وفكر... أليس كذلك؟"

وكان جوابي الأوّل على هذه التخاريف كما يلي:  "إذن: نفي عدم وجود الغول = وجود الغول...؟ إستدلالك ساقط منطقيا يا هذا. فنفي وجود الشيء ليس دليلا إلا على موقف شخصي من ذلك الشيء. ثم أن فكرة وجود الله خرافة يدّعي المؤمنون صحتها وبالتالي ليس من واجب من ينفي الخرافة أن يقدم شيئا لأنه لم يزعم شيئا. المنطق يقول: البينة على من إدعى. فمن المدّعي هنا؟ المؤمن بالخرافة أم من ينفيها؟ المؤمن طبعا. لذلك فإدعاء وجود شيء ما يتطلب تقديم دليل وإلا أصبح الإدعاء كاذبا. وبما أنه لا أحد رآى الغول فعلى من يدعي وجوده تقديم الدليل. ضع ربّك في مكان الغول. إذن على المؤمن أن يقدم دليلا قاطعا منطقيا وماديا على وجود ربه، وإلا فربّه سيبقى مثل الغول مجرد خرافة."

أجابني صاحب المقال كما يلي: "جميل... سؤال مهمّ: إذا أثبتّ لك ماديّا أنّ الله موجود وتقتنع بذلك... ستؤمن بوجوده آنذاك؟ أرجوك إجابة واضحة: نعم أم لا؟" فأجبته أنّي أريد دليلا "منطقيا ومادّيّا وليس مادّيّا فقط ونصحته بتحاشى الإستدلالات المنطقيّة المعتادة المبنية على السّببية وغيرها من قبيل: "لا بد للكون من صانع أو خالق" أو "هل ترى عقلك؟" لأنها مغالطات منطقية مفضوحة ولا تثبت إلاّ عجز قائلها. فأجابني إجابة في نفس السّياق وإستعمل ما نصحته بالإبتعاد عنه. كان جوابه كالآتي: "رائع.  إذًا أنت رافض لفكرة الإله، فقط لأنّك لم تتوصّل بعدُ إلى إقرارها مادّيا. أنت إنسان قرّر عدم توكيل غيره في البحث عن حقيقة الكون! أليس كذلك؟ إذًا سؤالك من الأساس مغلوط... ما يجب أن يطرح هو التّالي: لدينا مادّة موجودة متكاملة... هذه المادة شهدت (و تشهد) تطورا و زيادة مسمرّين... المنطق يفرض أنّ هذه الزيادة الجديدة التي تعبّر عنها المادة من خلال تطوّرها جاءت من مصدر يتمتّع بكلّ ما تحتويه تلك الزيادة الجديدة من حياة وإحساس وفكر... أليس كذلك؟ من أين جاءت هذه الزيادة إذًا؟ مستحيل أن تكون من المادة نفسها... ألا تلاحظ معي أنّ فرضيّة خالقٍ للكون تطرح نفسها هنا تلقائيًّا؟ ورجاءً رجاءً لا تخلط الأمور... ركّز مع طرحي (الخالق فقط!! لم أتكلّم لا عن إله يعبد!!)"

كان من الضروري أن أجيبه وأن أبيّن له أنّ كلّ ما قاله لا يعدو أن يكون سوى تلاعبا لا فائدة منه وإعادة لمنطق مغالط طالما فضح نفسه بنفسه. وقد كان جوابي كما يلي:

"طبّق نفس منطقك المتهافت على ربّك. هذا ما حذّرتك منه ولكنّك لا تعرف إلا الترديد الببغاوي لمغالطات فارغة تدّعي المنطق وهي الأبعد عنه. قلت لك أن تتحاشى الإستدلالات المبنية على السّببيّة، لماذا حسب رأيك؟ لأنّك عندما تنتهج منطقا معيّنا يجب أن تطبّقه في كل نواحي الموضوع وفي جميع جزئيّاته. طيّب، سأوضّح لك الأمر. ماهي الأطراف الموجودة في إستدلالك أنت؟

1) المادّة (أو الكون أو العالم أو ما تريد من الموجودات المادّيّة التي نلاحظها سواء بالعين المجرّدة أو بالآلات كالميكروسكوب والتلسكوب)،

2) الله (سواء سمّيته خالقا أو ربّا أو صانعا أو مسبّبا فهذا ليس مهما).

 أنت طبّقت السّببيّة على المادّة فإستنتجت أنّها لا يمكن أن توجد من دون مسبّب، وإفترضت أنّ هذا المسبّب موجود وله القدرة على إحداث هذه المادة...

طيّب. طبّق نفس مبدأ السّببيّة على هذا المسبّب (الله). ألا يفترض وجود الله وجود كائن أقوى منه وقادر على إحداثه؟

إن كان جوابك بنعم فأنت تًعدم فكرة الألوهية وتعدم إستدلالك من أساسه. لماذا؟ لأنك ستجد نفسك أمام إله يجب تفسير وجوده وكيفيتها وإله أقوى منه يجب أن تفسّر وجوده وتعطي أدلة على قدرته على خلق الإله الأول وإله ثالث يجب أن تفسّر وجوده وتعطي أدلة على قدرته على خلق إله ثان كان سببا في خلق إله آخر، إلخ. أنت هنا أمام سلالات من الآلهة، وهذا ينفي وحدانية الله في المفهوم الإبراهيمي وفي معظم الديانات الأخرى وتعدّد الآلهة يتطلب تفسيرات أكبر فأكبر وأكثر تعقيدا من التفسير المطلوب لوجود إله واحد (هذا دون أن نذكّرك بأنّ تفسير وجود هذا الإله الوحيد شكّل ويشكّل معضلة لا حلّ لها لدى المؤمنين به فما بالك إذا تعددت الآلهة وإنتشرت، بحسب قانون السّببيّة، عموديّا). وهذا ينفي أيضا فكرة الله القدير القادر على كل شيء العالم بكل شيء، إلخ. فليس من المنطق أن يخلق إله مّا إلها آخرا أقوى منه، لأنّه سيحلّ مكانه. فبالضّرورة، الخالق سيخلق مخلوقا أقل منه في القدرات لكي يضمن ألاّ ينقلب عليه ويتمرّد وينهي وجوده فتصحّ فيه القولة "إنقلب السّحر على السّاحر". ثمّ أنّ أيّ إله لا يستطيع أن يخلق شيئا ويعطيه من القدرات ما لا يملكه هو نفسه، وبالتالي فالمخلوق سيكون بطبيعته ناقصا. إذن، فالنتيجة أنّ الرّبّ النهائي الذي يعبده المؤمن (والذي يمثّل عندنا في هذا التوضيح نهاية السلالة الإلهيّة) هو إله ناقص بالنسبة لربّه والذي هو أيضا ناقص بالنسبة للرّب الذي يليه في الترتيب تصاعديّا. النتيجة الثالثة: إثبات خطأ المقولة القرآنيّة "لم يلد ولم يولد" لأنّه (بغض النظر عن المعنى اللغوي لفعل الولادة في إرتباطه بالكائنات الحيّة التي نعرفها) هو نفسه نتيجة خلق، وبالتالي فإدعاؤه أنّه لا وجود لكائن آخر لا قبله ولا بعده أصبح كذبة.

أمّا إن كان جوابك بلا، فستجد نفسك قد حطّمت إستدلالك السابق بيديك. لماذا؟ لأنّك تدّعي أنّ العالم يخضع لمبدأ السّببيّة وتنفي أن يكون من تزعم أنّه خلق العالم هو أيضا خاضعا لنفس المبدأ. إذن، فأنت تستعمل مكيالين مختلفين لشيئين تدّعي أنّهما مرتبطان ببعضهما. وإستعمال مكيالين في المنطق دليل على عدم وجود حجّة وعلى محاولة يائسة للإقناع بالتلاعب بالمعطيات...

ها قد تحطّم إستدلالك من أساسه ومن الجهتين."

وهذا هو الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم.

 

--------------------

الصّفحة المذكورة والتي ستجدون فيها ذاك المقال إسمها "كرمنا الله بالعقل Use it

 

 

 

 

Partager cet article
Repost0
11 septembre 2013 3 11 /09 /septembre /2013 01:15

 

  9 سبتمبر 2013.

أبدى خالد يوسف، المخرج السينمائي، وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور، اعتراضه على اقتراح لجنة العشرة التي أعدت مقترحات لتعديل الدستور بكون مصر جزءًا من الأمة الإسلامية. وقال يوسف، خلال ندوة سياسية بالمجلس الأعلى للثقافة، أمس، إن "أي أمة لها مقومات منها وحدة الأرض والشعب، وليس بينها الدين؛ فالدين لا يقيم أمة". وتابع: لم نجد أحدًا يطلق على الولايات المتحدة، الأمة المسيحية مثلًا"، محذرًا من استخدام مصطلحات مطلقة في مواد الدستور، فلا يمكن أن توجد مادة تحدد أخلاق أو تقاليد المجتمع، وهذا يخلق أنواعًا من الرقابة على الفعل المجتمعي، غير موجود في العالم  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Partager cet article
Repost0
9 septembre 2013 1 09 /09 /septembre /2013 06:39

عبد الله القصيمي من كبار شيوخ السلفية إلى الإلحاد

 

http://tinyurl.com/ragaladyboy

http://tinyurl.com/malekahewar

http://utopia-666.over-blog.com

http://chez-malek-baroudi-blogspot.com

      https://www.facebook.com/malekahewar

 

 

Partager cet article
Repost0

Sites partenaires

Rechercher

Whos Amung Us

مقالات مختارة للكاتب من موقع الحوار المتمدن

مدونة #مالك_بارودي

Texte Libre

Translate this with Google