Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
3 novembre 2013 7 03 /11 /novembre /2013 00:04

النكبة اليهودية - التهجير والمجازر والإجبار على اعتناق الإسلام

israel flag

مقال رأي للكاتب الصحفي بن درور يميني نشر في صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم 16.5.2009

 

يقال إنها كانت من الجمال ما يبهر. كانت سول (سوليكا) حاتوئيل قد بلغت السابعة عشرة من عمرها عندما قطع رأسها. كانت صديقة لها مسلمة ادعت بأنها تمكنت من أسلمتها، وحين نفت سول ذلك، تم اتهامها بالكفر والحكم عليها بالإعدام. وبلغ أمرها السلطان.

 

ومنعا لموتها حاول وجهاء الطائفة اليهودية إقناعها بالعيش كمسلمة، ولكنها رفضت قائلة: "لقد ولدت يهودية وسأموت يهودية"، فحسم مصيرها. حدث هذا سنة 1834. كانت سول من مواليد مدينة طنجة وتم إعدامها في مدينة فاس. وإلى يومنا هذا يزور قبرها الكثيرون. ورغم تخليد الحدث من خلال شهادات ولوحة مشهورة ومسرحية، إلا أن قصتها طواها النسيان. والتقرير التالي مُهدًى لها ولضحايا النكبة اليهودية.

 

يحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من مايو أيار من كل عام، ومعهم الكثيرون في العالم، ذكرى النكبة، وهي بالنسبة لهم ذكرى الكارثة الكبرى التي حلت بهم عند قيام دولة إسرائيل، حيث أصبح مئات الآلاف من العرب لاجئين، وفر بعضهم وتم تهجير البعض الآخر. وقد تم تضخيم النكبة حتى باتت حدثا عملاقا، إلى درجة أنها تحول دون حل النزاع.

يشار إلى أنه خلال الأربعينات من القرن الماضي كان التبادل السكاني وعمليات التهجير في سبيل إيجاد دولة قومية هي نهجا مألوفا، حيث مر بمثل هذه التجربة عشرات الملايين من البشر. ولكن الفلسطينيين وحدهم، وهم في ذلك لا يُتركون لحالهم، يضخمون أسطورة النكبة يوما بعد يوم.

بيد أن ثمة نكبة أخرى، هي النكبة اليهودية، إذ تم خلال تلك الحقبة ارتكاب سلسلة كبيرة من المجازر والمذابح وأعمال النهب والسلب ومصادرة الأملاك والتهجير بحق يهود البلدان الإسلامية، ولكن هذه القضية بقيت في الظل. لقد كانت النكبة اليهودية أكثر خطورة من النكبة الفلسطينية، والفرق الوحيد بينهما أن اليهود لم يحوّلوا نكبتهم إلى روايتهم المؤسِسة، بل عكس ذلك هو الصحيح.

فقد فضل يهود الدول العربية، شأنهم شأن عشرات الملايين من اللاجئين غيرهم، تضميد جراحهم لا نكؤها وفتحها وجعلها تنزف أكثر بكثير. أما الفلسطينيون فآثروا النزيف على إعادة التأهيل، ولذا فهم يدفعون الثمن.

لقد عملت صناعة الكذب على تضخيم أسطورة النكبة لتحولها إلى الجريمة المطلقة، حيث تحظى النكبة بما لا يمكن حصره من المنشورات والندوات والمؤتمرات، إلى حد التشويه الكلي للمسار التاريخي الحقيقي. لقد باتت مجزرة دير ياسين أحد معالم طريق النكبة الفلسطينية، مع أنه  ليس ثمة إطلاقا ما يستدعي التستر على ما جرى خلالها (وإن يكن أمر المجزرة شيئا مختلفا عليه). أجل، قُتل الأبرياء، بل كانت هناك حالات أخرى ليست بالكثيرة من مثل ذلك السلوك يجب فضحها ويجدر التنديد بها.

 

 

 

اليهود تعرضوا للقتل والتشريد والمعاناة أكثر من غيرهم

 

إلا أن اليهود في الدول العربية تعرضوا لسلسلة أكبر من المجازر، علما بأنهم لم يعلنوا الحرب على أي من البلدان التي كانوا يقيمون فها، بل كانوا مواطنين أوفياء، ولكن ذلك لم يجدهم نفعا. لقد تم طمس معاناتهم ولا أحد يروي روايتهم، إذ طغت الرواية الفلسطينية على الخطاب التاريخي. إننا في غنىً عن رواية فلسطينية تقف بمحاذاة أخرى صهيونية، بل ما نحتاجه هو التخلي عن الروايات لحساب الحقيقة, والحقيقة أن اليهود كانوا أكثر عرضة للقتل والتهجير والمعاناة.

إن في إحدى الشهادات المذهلة من تلك السنين، وهي آتية من الجانب العربي بالذات، ما يوضح الأمور، حيث بعثت ست شخصيات علوية سورية سنة 1936 رسالة إلى وزير الخارجية الفرنسي أعربت فيها عن خشيتها على مصير المنطقة.

وتطرق هؤلاء فيما تطرقوا إليه، إلى القضية اليهودية بقولهم: "لقد أتى اليهود بالسلام والتنمية وأشاعوا الذهب والازدهار في فلسطين، ولم يهجروا أحدا، ورغم ذلك شن المسلمون الجهاد عليهم ولم يرتاعوا عن ارتكاب المجازر بحق النساء والأطفال، وذلك على مرأى ومسمع من سلطات الانتداب. إن اليهود سيواجهون مصيرا رهيبا مروعا فيما لو انتهى الانتداب وتوحد المسلمون". واللافت أن أحد موقعي الرسالة كان والد جد الرئيس السوري بشار الأسد.

يشار إلى أن ذكرى النكبة هي ذكرى استقلال دولة إسرائيل الموافقة 15 مايو أيار، كما يجدر التذكير بما حدث بعد ساعات معدودة من إعلان الاستقلال، حيث قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عبد الرحمن عزام باشا ضمن إعلانه الحرب على إسرائيل إن الحرب ستكون ضروسا، وسوف تروى قصة المجزرة كما تروى قصة حروب المغول والصليبيين.

أما المفتي الحاج أمين الحسيني الذي كان من أهل بيت هتلر إبان الحرب العالمية الثانية فقد أدلى بدلوه هو الآخر بقوله: "إنني أعلن الجهاد، أيها الإخوة المسلمون، فاذبحوا اليهود! إذبحوهم عن آخرهم!

 

 

 

المحرقة الصغرى ليهود الدول العربية

 

تكشف وثائق مختلفة، منها ما لم يتم اكتشافه إلا في السنوات الأخيرة، أن إعلان الحرب كان أوسع من ذلك نطاقا بكثير، حيث شمل إعلان الحرب على اليهود جميعا.

فقد كشف بحث كان من معديه البروفسور إيرفن كوتلر وزير العدل الكندي الأسبق أن الجامعة العربية وضعت مشروع قانون يفرض سلسلة من العقوبات على اليهود، من ضمنها مصادرة أملاكهم وحجز حساباتهم المصرفية وما إلى ذلك. أما ديباجة مشروع القانون فتوضح أن "جميع اليهود سيتم اعتبارهم أبناء الأقلية اليهودية في دولة فلسطين". وإذا كان مصير يهود فلسطين قد تقرر، فكيف بمصير يهود الدول العربية؟

وفعلا كان مشروع القانون المذكور في خلفيات العقوبات التي تم فرضها على يهود الدول العربية، ومن خلال التشريعات أحيانا، كما حدث في العراق، ثم في مصر، ومن خلال اتخاذ الإجراءات نفسها مع الاستغناء حتى عن التشريع. أما صناعة الأكاذيب فيقول خطابها إن يهود الدول العربية كانوا يعيشون بسلام مع محيطهم وأنهم كانوا ينعمون بحماية السلطات، ولم تلحق بها المعاناة إلا بسبب الحركة الصهيونية والتعرض لعرب فلسطين.

هذه الأكذوبة تكررت بصورة لامتناهية، وتستحق التفنيد هي الأخرى. فمع أن معظم يهود البلدان العربية لم يذوقوا فظائع المحرقة النازية، إلا أن ذلك لم يجعلهم أحسن حالا بكثير، حتى في مرحلة ما قبل الصهيونية. لقد عرف التأريخ حقبا كان اليهود يهنئون فيها بطمأنينة نسبية تحت حكم الإسلام، إلا أن تلك الحقب كانت الاستثناء لا القاعدة، فلقد توالى القمع والتهجير والمجازر المنظمة وسلب الحقوق الممنهج على مر تأريخ يهود البلدان العربية بكامله.

 

 

المشروع: أسلمة اليهود

 

من الممكن طبعا البدء بالنزاع الذي نشب بين النبي محمد واليهود، حيث كان النبي في نطاق الإصلاح الاجتماعي الذي تولاه وإخراج العرب من عصر الجاهلية، قد استمد الفكرة التوحيدية من اليهود وغيرهم، وقد يكون من اليهود بشكل رئيسي، إذ يتضمن القرآن العديد من عناصر الديانة اليهودية، منها تحريم أكل لحم الخنزير والختان، غير أن محمدا أراد أسلمة اليهود فرفضوا بطبيعة الحال، فكانت النتيجة التهجير وذبح المئات منهم.

سُمح لليهود بصفتهم أهل الكتاب بالعيش تحت ذمة المسلمين وممارسة عبادتهم، ولكن هذه الظروف قد تغيرت من وقت لآخر ومن جيل لجيل. وفي حالات كثيرة كان اليهود يعيشون تحت العهدة العمرية التي مكنتهم من العيش كذميين، وإن كان في وضع منحط، ولكن كثيرا ما لم يكن يسمح لهم بالعيش تحت حكم المسلمين ولو عيشا منحطا.

 

 

توالي المجازر المنظمة والاعتداءات

 

العصر الذهبي: من البراهين التي يؤتى بها لإثبات التعايش بين اليهود والمسلمين هو الازدهار الذي عرفه اليهود تحت حكم المسلمين في إسبانيا وما يسمى بالعصر الذهبي، ولكن الحقيقة غير ذلك تماما، فقد تعرض اليهود لسلسلة من الاعتداءات، حيث وقعت سنة 1011في مدينة قرطبة الأسبانية وتحت حكم المسلمين اعتداءات أسفرت عن مذبحة راح ضحيتها ما يتراوح بين المئات والألوف من القتلى اليهود بحسب تقديرات متفاوتة. وفي العام 1066 تم إعدام أبو حسين ابن النغريلة (واسمه العبري يوسيف هاناغيد) وقتل معه ما بين 4 آلاف و 6 آلاف من اليهود. وقد بدأت إحدى المراحل الأكثر قسوة سنة 1148، حين تولت الحكم سلالة الموحدين التي حكمت إسبانيا وشمال إفريقيا خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر.

 

 

المغرب: مقتل مئات الآلاف من اليهود

 

المغرب: هي الدولة التي تعرض فيها اليهود للمجازر أكثر من أي دولة أخرى، حيث تم خلال القرن الثامن محو طوائف يهودية بأكملها من الوجود على أيدي إدريس الأول. وفي سنة 1033 وفي مدينة فاس قتل 6000 من اليهود على أيدي الجماهير المسلمة. وأسفر تولي السلطة من قبل سلالة الموحدين عن موجات من المذابح الكبرى، حيث تفيد إحدى الشهادات التاريخية من تلك الأيام بذبح مئة ألف يهودي في فاس ونحو 120 ألفا في مراكش، مع وجوب أخذ الحيطة في تقدير هذه الشهادة. وفي سنة 1465 وقعت مذبحة كبرى أخرى في مدينة فاس، امتدت إلى مدن مغربية أخرى.

وفي تطوان وقعت مجازر منظمة في كل من عامي 1790 و 1792، تضمنت قتل الأطفال نهب الممتلكات واغتصاب النساء، فيما نفذت بين عامي 1864 و1880 سلسلة من المجازر بحق اليهود في مراكش، فأحصيت الضحايا بالمئات. وفي سنة 1903 تعرض يهود كل من تازة وسطات للمجازر، حيث مات 40 منهم.

أما سنة 1907، فقد نفذت مجزرة في الدار البيضاء سقط فيها نحو 30 قتيلا من اليهود، فيما اغتصب العديد من النساء. وفي سنة 1912 تكررت المجازر في فاس، حيث قتل 60 يهوديا، فيما أصبح نحو 100 ألف بدون مأوى. وفي عام 1948 تجددت المجازر بحق اليهود، فقتل 42 منهم في مدينتي وجدة وجرادة.

 

الجزائر: وقعت سلسلة من المجازر في الأعوام 1805 و 1815 و 1830، ثم تحسنت أوضاع اليهود مع بدء عهد الاحتلال الفرنسي في عام 1830 ولكن الأمر لم يحل دون وقوع مجازر أخرى بحق اليهود خلال الثمانينات من القرن الـ 19. وازدادت الأوضاع سوءً مع تولي حكومة فيشي الحكم في فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن قبل ذلك، وفي عام 1934 تحديدا، تسربت للمغرب تأثيرات نازية تسببت في تنفيذ مجزرة أخرى راح ضحيتها 25 يهوديا وذلك في مدينة قسطنطين. وبعد استقلال المغرب عام 1962 تم سن قوانين تمنع الجنسية المغربية عن غير المسلمين، مما أدى بالفعل إلى مصادرة ممتلكاتهم. وقد غادر المغرب معظم اليهود عند مغادرة المستوطنين الفرنسيين له (والمعروفين "بالأقدام السوداء" – "البييه نوار").

 

ليبيا: قتل المئات من اليهود سنة 1785 على أيدي علي باشا. وزادت التأثيرات النازية من خطورة الاعتداءات على اليهود، حيث تم نهب ممتلكاتهم في بنغازي وإرسال الآلاف منهم إلى المعسكرات النازية ليتم إبادة نحو 500 منهم في تلك المعسكرات. وفي سنة 1945، وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها، بدأت مجازر جديدة بحق اليهود، سقط فيها 140 قتيلا، حيث أوردت جريدة النيويورك تايمز وصفا لمشاهد رهيبة للأطفال الرضع والمسنين اليهود وهم يضربون حتى الموت. وفي الاضطرابات التي وقعت سنة 1948 كان اليهود أكثر استعدادا، فلم يزد عدد قتلاهم عن 14 قتيلا، وفي أعقاب حرب يونيو حزيران من عام 1967 تكررت الاعتداءات فأودت بحياة 17 يهوديا تم ذبحهم.

 

 

سوريا: اختطاف عشرات الأطفال

 

العراق: تم في مدينة البصرة تنفيذ مجزرة بحق اليهود في العام 1776. وحين بدأ الانتداب البريطاني عام 1917، تحسنت أوضاع اليهود، ولكنها عادت فساءت سنة 1932 بعد انتهاء عهد الانتداب، حيث زاد النفوذ الألماني ليبلغ ذروته في المجازر المعروفة بالفرهود سنة 1941، والتي سقط فيها 182 يهوديا تم ذبحهم، علما بأن المؤرخ إيلي خضوري يقدر عدد القتلى بنحو 600 قتيلا، فيما جرى نهب آلاف المنازل.

وفي تلك الفترة أقام في العراق الحاج أمين الحسيني الذي قام بالتحريض على ارتكاب المجازر بحق اليهود. وبعد قيام دولة إسرائيل، وفي سنة 1950، عمل البرلمان العراقي بمشروع القانون الذي وضعته جامعة الدول العربية، فقام بتجميد ممتلكات اليهود، فيما تم فرض القيود على اليهود الباقين منهم في العراق. وقد حولت مجزرة "الفرهود" وما تلاها من التنكيل باليهود في فترة ما بين عام 1946 و 1949 اليهود إلى مهجرين ولاجئين من جميع النواحي، حيث أصبح الآلاف المعدودة منهم المتبقون في العراق يتعرضون للقرارات التعسفية القاسية. وفي سنة 1967 حُكِم بالإعدام على 14 شخصا بتهمة التجسس الملفقة، بلغ عدد اليهود منهم 11 شخصا. ودعت إذاعة بغداد الجماهير العراقية للخروج لمشاهدة الاحتفال بالإعدام.

سوريا: شهدت سوريا "فرية الدم" (وهي الاتهام الكاذب لليهود بقتل أطفال من المسيحيين لاستعمال دمائهم في خبز الفطائر التي يأكلها اليهود في عيد الفصح) الأولى في دولة مسلمة في العام 1840، ما أدى إلى اختطاف عشرات الأطفال اليهود وتعذيبهم حتى الموت أحيانا، بالإضافة إلى مجازر بحق اليهود. وفي سنة 1986 نشر وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس كتابا بعنوان "فطيرة صهيون" زعم فيه بأن اليهود استخدموا فعلا دماء راهب مسيحي لخبز الفطير، وهي ظاهرة معاداة السامية بنسخة جديدة. وعرف التأريخ مجازر أخرى في كل من حلب عامي 1850 و 1875، ودمشق عامي 1848 و 1890، وبيروت عامي 1862 و 1874. وظهرت في دير القمر "فرية دم" أخرى تمخضت هي الأخرى عن مذبحة سنة 1847، ووقعت في أورشليم القدس في العام نفسه مجزرة بحق اليهود كنتيجة لفرية الدم المذكورة. وفي سنة 1945 تعرض يهود حلب لمجازر كبيرة حيث قتل 75 يهوديا ودمرت الطائفة اليهودية في المدينة. وتجددت الاعتداءات الدامية سنة 1947، فحولت معظم اليهود السوريين إلى لاجئين، بينما ظل المتبقون في سوريا يعيشون كرهائن لسنوات كثيرة.

 

 

اليمن: إرغام اليتامى على إشهار الإسلام

 

إيران: وقعت مجزرة بحق اليهود في مدينة مشهد سنة 1839، حيث انقضّت الجماهير على اليهود بفعل تحريضها ضدهم، ليتم ذبح 40 يهوديا، فيما أُرغم الباقون على اعتناق الإسلام، ما حوّلهم إلى نسخة جديدة من يهود إسبانيا والبرتغال الذين أرغموا بعد احتلال المنطقة من قبل المسيحيين على اعتناق المسيحية، ففعلوا ولكنهم حافظوا على يهوديتهم في السر. وفي سنة 1910 ظهرت "فرية دم" جديدة في مدينة شيراز، قتل كنتيجة لها 30 من اليهود، فيما تم نهب بيوت اليهود جميعا.

 

اليمن:  شهد اليمن على مر التأريخ بعض المد والجزر في معاملته لليهود بين التسامح وفرض العيش الوضيع وبين المضايقات والاعتداءات، علما بأن "رسالة اليمن" للفقيه اليهودي موسى بن ميمون قد تم إرسالها ليهود اليمن ردا على رسالة تلقاها من زعيم اليهود اليمنيين ضمّنها وصفا للقرارات القاسية الصادرة بحقهم والتي قضت بأسلمتهم  عنوة (سنة 1173). وتوالت على اليمن فيما بعد موجات أخرى من مثل هذه الإجراءات بما لا يتسع المجال لحصرها هنا.

ومن المعالم البارزة القاسية على هذه الطريق ما عُرف بمنفى (موزع)، حيث قام إمام اليمن عام 1676 وبعد توليه منصبه بثلاث سنوات بتهجير اليهود إلى أحدى المناطق القاحلة في اليمن، ما تسبب في وفاة ما بين ستين وخمسة وسبعين بالمئة منهم بحسب تقديرات مختلفة. وقد تم فرض إجراءات كثيرة مختلفة على اليهود تفاوتت في قسوتها، علما بأن من أقساها ذلك الذي فرض على اليتامى الأسلمة القسرية. أما في عدن المجاورة والتي كانت تخضع للحكم البريطاني فقد ارتكبت مجازر بحق اليهود أودت بحياة 82 منهم، بينما تم تدمير 106 محلات تجارية يهودية من أصل 170 محلا تدميرا كاملا، وإحراق مئات المنازل وجميع المباني العامة التابعة للطائفة.

مصر: كان وضع اليهود في مصر، شأنهم في سائر الدول العربية، وضعا منحطا طوال مئات السنين، ولكن أوضاعهم تحسنت عندما جاء محمد على باشا إلى السلطة سنة 1805، ولكن شهادة لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين ويدعى إدموند كومب لا تترك مجالا للشك، حيث قال: "لا يوجد في نظر المسلمين عرق أكثر حقارة من العرق اليهودي"، ويقول دبلوماسي آخر: "لا يكره المسلمون دينا قدر كرههم لدين اليهود".

وعقب ظهور فرية الدم في دمشق بدأت أمثالها يتم نشرها في مصر أيضا، ما تسبب في سلسلة من اعتداءات الجماهير المثارة في القاهرة في 1870 و 1882 وما بين عامي 1901-1907. كما وقعت اعتداءات مماثلة في كل من بورسعيد ودمنهور.

ووقعت اعتداءات على اليهود في ختام الحرب العالمية الثانية سنة 1945، حيث قتل عشرة منهم وجرح المئات، وفي عام 1947 تم تشريع قانون الشركات الذي ألحق ضررا كبيرا بأعمال اليهود وتضمن مصادرة أملاكهم. وفي عام 1948، وإثر قرار التقسيم، بدأت اضطرابات في القاهرة والإسكندرية. وتراوح عدد الذين تم قتلهم بين 80 و 180، فيما اضطر عشرات الآلاف إلى الهجرة، علما بأن العديد منهم فروا تاركين أملاكهم وراءهم. أما المتخلفون فلم يحالفهم الحظ أيضا، إذ صدر في مصر عام 1956 قانون يحرم اليهود من حق الجنسية ويجبرهم على مغادرة مصر بدون ممتلكات، وهو ما يعتبر عملا سافرا من أعمال التهجير والمصادرة الجماعية للأملاك الخاصة.

 

 

"لن يكون بالإمكان كبح جماح الجماهير"

 

إن ما سبق لا يعدو كونه تعدادا جزئيا من ضمن سلسلة طويلة للمذابح التي تم ارتكابها في البلدان الإسلامية. وقد حدثت الوقائع المذكورة قبل بدء المشروع الصهيوني وتواصلت بعد بدئه والحديث يدور حول أحداث متوالية قتل خلالها عشرات الآلاف من البشر لمجرد كونهم يهودا، مما يحيل مقولة التعايش واتهام الصهيونية بتقويض هذا التعايش أسطورة أخرى لا تمت إلى الواقع بصلة.

لقد أعلن سفير مصر لدى الأمم المتحدة، هيكل باشا، قبيل التصويت حول قرار التقسيم في نوفمبر تشرين الثاني 1947 مهددا: "إن حياة مليون من اليهود في البلدان الإسلامية ستكون مهددة بالخطر فيما لو تقرر التقسيم... وإذا سفك دم العرب في فلسطين، فسيسفك دم اليهود في مكان آخر من العالم".

وبعد ذلك بأربعة أيام قال وزير الخارجية العراقي محمد فاضل الجمالي "سوف لا يكون بالإمكان كبح جماح جماهير البلدان العربية بعد الانسجام الذي كان يعيشه اليهود والعرب". إن مثل هذا الانسجام لم يكن قائما، إذ جرى ذبح اليهود قبل ذلك بسنوات معدودة، وبعبارة أخرى، فقد كذب الجمالي بدون شك، لأن الحكومة العراقية هي التي شجعت الاعتداءات على اليهود من جهة، وأصدرت قرارات مصادرة جميع الممتلكة اليهودية من جهة ثانية.

يضاف إلى ذلك أن زعيم العراق في تلك الفترة نوري السعيد قدم مشروعا لتهجير اليهود في عام 1949 أي قبل الخروج المستعجل بل المفروض فرضا ليهود العراق. وقد أوضح السعيد أن "اليهود مصدر للمتاعب بالنسبة للعراق، وعليه، فلا مكان لهم بيننا وعلينا التخلص منهم قدر استطاعتنا". وذهب السعيد إلى أبعد من ذلك حين قدم مشروعا لاقتياد اليهود إلى الأراضي الأردنية ثم إرغامهم على العبور إلى إسرائيل, ورغم معارضة الأردن لهذا المشروع، إلا أن التهجير تم تنفيذه، فيما اعترف السعيد بأن الأمر يتعلق في الحقيقة بنوع من التبادل السكاني.

كانت الاعتداءات والمجازر وعمليات التهجير الكبرى لليهود إذن امتدادا لمعاناة اليهود تحت حكم المسلمين، علما بأنه كان دائما بين المسلمين من انبروا للدفاع عن اليهود، وهم أيضا جديرون بالذكر، كما كانت ثمة عصور من الازدهار، ولكن يبدو أن فترات الرخاء والازدهار بالنسبة لليهود في مصر خلال العشرينات والثلاثينات وفي الجزائر في القرنين الـ19 والـ20 كما في العراق خلال العشرينات من القرن الماضي كانت إبان الحكم الاستعماري. وفي معظم الحالات كانت أوضاع اليهود سيئة قبل الغزو الأوروبي وعادت فساءت بانتهاء الحقبة الاستعمارية.

 

 

كان تعرُّض العرب للمجازر في إطار عمليات عسكرية دائما

 

لم يحدث على امتداد العلاقة اليهودية العربية في البلدان الإسلامية أو إبان المشروع الصهيوني ارتكاب اعتداء واحد على المسلمين على غرار ما ارتكبه العرب بحق اليهود، بل وقعت الحالات الصعبة التي تستحق الشجب، مثل ما حدث في دير ياسين، في إطار المواجهة العسكرية.

إنها فعلا حالات تستحق الاستنكار، ولكن يبدو أنه يجب وضع الأمور في حجمها المناسب، فلقد ذبح العرب اليهود بغياب أي مواجهة وانعدام أي ذريعة عسكرية، ولمجرد كونهم يهودا. أما القلة من العرب الذين قتلوا، ففي نطاق عمليات عسكرية حصرا، ورغم ذلك نال كل تجاوز بحق السكان العرب من الأبحاث والكتابات ما لا يحصى ولا يحصر، علما أن الاعتداءات الأكثر خطورة بكثير التي ارتكبها العرب بحق اليهود قد تم تجاهلها فطواها النسيان.

عودة إلى دير ياسين التي أصبحت الرمز المطلق للنكبة، وقد أشرنا إلى أنها فعلة تستحق كل شجب واستنكار، وها نحن نكررها هنا، ولكن يجب في المقابل الإشارة إلى أن ذلك العمل قد سبقته سلسلة من حوادث القتل الشريرة بحق السكان المدنيين ضمن موجات من الأحداث الدامية التي تعتبر مجازر بكل المقاييس، ارتكبتها جماهير تم تحريضها لتعتدي على السكان المدنيين، بحيث تعرض آلاف اليهود للذبح ومنهم الأطفال والنساء والشيوخ، علما بأن الفلسطينيين قد ارتكبوا المجازر بحق أبناء شعبهم أيضا، حيث قتل خلال الثورة العربية خلال الثلاثينات من القرن العشرين 400 يهودي و 5000 من العرب، قتل معظمهم بأيدي إخوانهم.

لقد كان الشهران السابقان لدير ياسين هما الأكثر قسوة، حيث تم ذبح 39 عاملا في مصفاة النفط بمدينة حيفا وخمسون يهوديا في عمليات تفجير السيارات المفخخة وغير ذلك كثير. وقد بلغ مجموع القتلى خلال الشهور الأربعة التي فصلت بين قرار التقسيم وإعلان الدولة 850 يهوديا، قتل معظمهم قبل حادثة دير ياسين التي وقعت في 9.4.48، وبعضهم بعد هذه الحادثة (مجزرة القافلة المتوجهة إلى مستشفى هداسا بأورشليم القدس في 13.4.48). وكان معظمهم من المدنيين وقتل أكثرهم في مجازر وعمليات إرهابية. هذه هي الخلفية الحقيقية والتي تتمثل في عدد أكبر بكثير من ضحايا القتل اليهود، ولكنهم كلهم طواهم النسيان، فيغدو من الجدير التذكير بهم. إنها النكبة اليهودية التي يقل التطرق إلى ضحاياها في إسرائيل والعالم يوما بعد يوم.

 

دفع الفلسطينيون الثمن

 

كان ما يقارب المليون يهودي يعيشون في بلدان عربية عند قيام دولة إسرائيل، ولا يعيش في تلك البلدان اليوم سوى قلة قليلة منهم، فقد غادر معظمهم جراء تعرضهم للمجازر ومواجهتهم لخطر الموت، ولقد كان ذلك تهجيرا أكثر قسوة من التهجير الذي تعرض له عرب فلسطين الذين دفعوا ثمن إعلان الحروب والإبادة من قبل قادتهم. أما ممتلكات اليهود التي صودر بعضها وهُجر بعضها الآخر جراء التهجير، فتفوق قيمتها قيمة الممتلكات العربية التي بقيت في إسرائيل.

لقد حاول باحثون مختلفون تقدير قيمة الممتلكات اليهودية المصادرة عقب الهجرة القسرية التي فرضت على يهود البلدان العربية ومقارنتها بقيمة ما تبقى في إسرائيل من ممتلكات عربية جراء الهجرة القسرية التي فرضت على العرب. ويقدر الخبير الدولي في هذا المجال، الاقتصادي سيدني زفيلودوف، قيمة الممتلكات العربية بـ3.9 مليار دولار، مقابل ستة مليارات من الدولارات هي قيمة الممتلكات اليهودية بأسعار سنة 2007، وبالتالي، فإن مزاعم الفلسطينيين في هذا المجال لا تصمد أمام الواقع. لقد استدرجوا الدول العربية للحرب فدفعوا هم الثمن وجعلوا اليهود يدفعون ثمنا أعلى بالممتلكات والدماء على السواء.

ليس الهدف من هذا التقرير تضخيم النكبة اليهودية، بل إنه بعيد عن حصر جميع المجازر ومصادرة الأملاك وإرغام اليهود على إشهار الإسلام وما إلى ذلك من اعتداءات وتجاوزات، لا بل إن الهدف منه عكس ذلك تماما، فعندما يفهم العالم العربي ولاسيما الفلسطينيون أن المعاناة والتهجير وفقدان الممتلكات والدم المسفوك ليست حكرا على أحد، قد يدركون بأن هذا الماضي مكانه في حصص التأريخ، لأننا لو أجرينا الحساب السياسي، لتبين أن رصيدهم ما دون الصفر. لقد كانت النكبة اليهودية أكبر بكثير، وكانت المعاناة لا توصف، ولكنها معاناة تتكبدها الكثير من الشعوب، ومن ضمنها اليهود والعرب، والتي مرت بهذه التجربة عند تكون الدول القومية الجديدة.

ولذا وجب عرض رواية النكبة اليهودية، لا لزيادة الكراهية، وإنما لتقديم الأشياء على حقيقتها وتحقيق المصالحة بين الشعبين، لعل وعسى.

 

 

Partager cet article
Repost0
2 octobre 2013 3 02 /10 /octobre /2013 07:38
Iraqi Author 'Aref 'Alwan: The Jews Have an Historic Right to Palestine

Carte israel

 

In an article posted December 7, 2007, on the leftist website www.ahewar.org,[1] 'Aref 'Alwan, an Iraqi author and playwright who resides in London and is the author of 12 novels,[2] states that the Jews have an historic right to Palestine because their presence there preceded the Arab conquest and has continued to this day.

In the article, titled "Do the Jews Have Any Less Right to Palestine than the Arabs?" 'Alwan called on the Arab world to acknowledge the Jews' right to Palestine, because justice demanded it and also because doing so would end the violence and the killing of Arabs, as well as intra-Arab strife. He added that such a move would also open up new avenues for the Arab world that would be more consistent with the values and needs of modern society.

'Alwan writes that the Arab League is to blame for the refusal to recognize the 1947 U.N. partition plan, for starting a war to prevent its implementation, and for the results of that war, which the Arabs call the Nakba (disaster). He points an accusing finger at the Arab regimes, the Arab League, and the educated circles in the Arab world, saying that they had all used the term "nakba" to direct popular consciousness toward a cultural tradition that neither accepts the other side nor recognizes its rights – thereby promoting bigotry, violence and extremism. He also claims that there have been attempts to rewrite Palestinian history, in order to deny any connection between it and the Jewish people.

'Alwan contends that the "Nakba mentality" among Arabs has boomeranged, giving rise to tyrannical rulers, extremist clerics, and religious zealots of every description. In his view, the Arab world will never shed the stigma of terrorism in the West unless it abandons this concept and all that it entails.

To boost his claim that the Jews have an historic right to Palestine, 'Alwan provides an overview of Jewish history in the land of Israel. He questions the validity of the Islamic traditions underpinning the Arab claim to Palestine, Jerusalem, and the Temple Mount, and presents evidence that religions that preceded Islam had conducted rituals on the Temple Mount.

As an example of the traditional Arab mentality that does not accept the other or recognize his rights, 'Alwan discusses the Arabs' abuse of the Kurds in Iraq and of the Christians in Egypt and Lebanon.

The following are excerpts from the article:

The Nakba: A Great Lie

"When the Salafi mob in Gaza tied the hands and feet of a senior Palestinian official and hurled him, alive, from the 14th floor, I asked myself: What political or religious precepts must have been inculcated into the minds of these young people to make them treat a human life with such shocking cruelty?

"Earlier, I had watched on TV as the bodies of two Israeli soldiers were thrown from the second floor [of a building] in a Palestinian city. Whether or not it was the same Salafi mob behind that incident, [one asks oneself]: What language, [or rather,] what historic linguistic distortion could have erased from the human heart [all] moral sensibilities when dealing with a living and helpless human being?

"Arabs who are averse to such inhuman behavior must help me expose and eliminate the enormous lie that has for 60 years justified, extolled, and supported brutality. [Such behavior] is no longer limited to the expression of unconscious [impulses] by individuals, but constitutes a broad cultural phenomenon, which began in Lebanon, [spread to] Iraq and Palestine, and then [spread] – slowly but surely – to other Arab states as well.

"This enormous lie is what the Arabs called the Nakba – that is, the establishment of two states in Palestine: the state of Israel, which the Jews agreed to accept, and the state of Palestine, which the Arabs rejected.

"In our times, when science, with its accurate instruments, can predict climatic changes that will lead to drought or the movement of tectonic plates that causes earthquakes, it is inconceivable that a modern man can, without making a laughingstock of himself, attribute the destruction of cities ancient or modern to the wrath of Allah. Nevertheless, today, 80% of Arabs claim this to be the case. They are neither embarrassed nor afraid of being laughed at.

"This high percentage includes not only the illiterates who densely populate rural areas, villages, and small and large cities, but also students, teachers, lecturers, graduates of institutions of higher education, scientists, technology experts, physicians, graduates of religious universities such as Al-Azhar, historians, and politicians who have held or are currently holding public office.

"It is those numerous educated elites who have forced the Arab mentality into a narrow, restrictive, and deficient cultural mold, spewing violence, terrorism, and zealotry, and prohibiting innovative thought... All this was done to instill a false sense of oppression in the hearts of the Arabs, and to destroy them with the infectious disease of despair and confusion.

"[This attitude] is rooted in the 1947 Arab League resolution stating that Palestine is a 'stolen' land and that none but a Muslim Arab is entitled to benefit from it as an autonomous [political entity], even if another's historic roots there predate those of the Muslims or the Arabs."

The Nakba Boomerang   

"[The upshot] of this confusion in [Arab] mentality is that the lie has boomeranged on the Arabs. [Thus] appeared [on the scene] Saddam Hussein, Hafez Al-Assad, Bashar Al-Assad, Osama bin Laden, Ayman Al-Zawahiri, Abu Mus'ab Al-Zarqawi, Hassan Nasrallah, Nabih Berri, Khaled Mash'al, Isma'il Haniya, and Mahmoud Al-Zahar, whose young [thugs] threw the senior Palestinian official from the 14th floor. Finally, from the foot of the eastern mountains bordering the Middle East came Ahmadinejad, who is committed to preparing the way for the anarchy and destruction that accompanies the advent of the long-awaited Mahdi, who will resolve the Palestinian problem.

"Today, owing to the ideological distortions that have afflicted the Arab popular consciousness since the so-called Nakba, and [also owing] to the lies that have accumulated around this notion, [the label of] 'terrorism' has become attached to Arabs, wherever they are.

"Despite the great political and cultural efforts by large and important Arab states such as Egypt, Saudi Arabia, Jordan, and some Gulf states to restore Arab ties with the rest of the world, and to curb the culture of terrorism in Arab societies, they have all failed. This is because these attempts to rectify [the situation], from both within and without [the Arab countries], both stemmed from and were a logical extension of the concept of the Nakba.

"This proves that the Arabs have no hope of extricating themselves from the cultural and political challenge of terrorism unless they come up with [new] and different [fundamental] premises, and with an outlook completely free of the fetters of the religious ritual that they have devised in modern times and called the Nakba.

"Although Palestinian senior officials, leaders, educated circles, and public figures, whose patriotism is beyond doubt, have come to terms with the existence of the State of Israel, the aforementioned 80% of Arabs... do not accept this view, and consider it religious apostasy. Leaders of the [Arab] states in the region, and party leaders, inflame sentiment, entrancing them with the drumbeat of extremism.

"With the strident chorus of its secretaries, the Arab League ensures that every car crash in Gaza or the West Bank is interpreted as an Israeli conspiracy against the Arab future. This is because the Arab League... was established as a pan-Arab entity whose main function was to write reports and studies rife with distortions of fact so as to quell the conscience of any Arab who dared think independently and expunge [the concept of] the Nakba from his consciousness. [It has done] this instead of devising creative strategies for cultural and economic development, so as to improve the deteriorating standard of living in the Arab societies."

The Nakba is Rooted in a Culture that Does Not Recognize the Right of the Other

"Why did the partition resolution, which gave a state in Palestine to the Jews and one to the Arabs next to it, become the Nakba – [the star] that rises and sets daily over the Arab lands without emitting even the tiniest ray of light to illuminate the path for their peoples?

"Did the Jews have any less right to Palestine than the Arabs? What historic criteria can be used to determine the precedence of one [nation's] right over that of the other?

"Refusing to recognize the right of the other so as to usurp his rights was a governing principle of the Islamic conquests from the time of 'Omar bin Al-Khattab; during that historical period it was the norm. [But] at the turn of the [20th] century, this principle was abandoned and prohibited, because it sparked wars and [violent] conflict. The international community passed laws restricting the principle of non-acceptance of the other, in the founding principles of the League of Nations in 1919. Subsequently, with the U.N.'s establishment, these laws were developed [further], with appendices and commentary, to adapt them to the current historical era and to express the commonly accepted values of national sovereignty and peoples' right to self-determination.

"But because of their sentimental yearning for the past and zealous adherence to [old] criteria, the Arabs purged their hearts of any inclination to adjust to the spirit of the age. They thus became captives of the principle of non-acceptance of the other and of denying the other [the right] to live, [among] other rights.

"As a result, damage was done to the rights and interests of non-Arab nations and ethnic groups in the Arab lands – among them the Kurds, the Copts, and the Jews. [Thus,] the Arabs still treat the numerous minorities that came under their dominion 1,400 years ago in accordance with the laws from the era of Arab conquest.

"Despite the consequences of denying the other the right to exist, not to mention other rights – that is, [despite] the oppression, conflicts, wars, and instability [resulting from this]... the Arabs have steadfastly clung to their clearly chauvinist position. All problems in the region arising from minorities' increasing awareness of their rights have been dealt with by the Arabs in accordance with [the principle of non-acceptance]... [even] after the emergence of international institutions giving these rights legal validity, in keeping with the mentality and rationale of our time."

Refusing to Accept the Other: The Kurds in Iraq; the Christians in Egypt and Lebanon

The Kurds

"The denial of the Kurds' national rights by the Iraqi government, and the Arab League's support for it, has brought on wars lasting 50 years – that is, three-quarters of the life span of the state that arose in Iraq...

"After fabricating arguments to justify the [1921] combining of the Basra region with the Baghdad region in order to establish a new state in Iraq, British colonialist interests demanded that a large area historically populated by Kurds be added to the new state. [This was done] to satisfy the aspirations of King Faisal bin Al-Hussein [bin Ali Al-Hashemi], who had been proposed as head of state in return for protecting British interests in the region.

"In his persistent refusal to grant the Kurds their rights, from 1988 through 1989 Saddam Hussein murdered approximately 180,000 Kurds, in an organized [genocidal] campaign he called 'Al-Anfal.' He then used mustard gas against one [Kurdish] city (Halabja), killing its residents (5,000 people). The Arab conscience silently acquiesced to this human slaughterhouse, while Arab League secretary-general (Shadhli Al-Qalibi) called the international press coverage of these events 'a colonialist conspiracy against the Arabs and the Iraqi regime.'

"Syrian Kurds are considered second-class citizens, and are banned from using their language or [practicing] their culture in public."

The Christians in Egypt and Lebanon

"The ethnic oppression of the Kurds [in Iraq] was echoed by sectarian extremism against the Copts [in Egypt]. In both cases, the Arabs used the principle of denying the existence of the other so as to strip him of his rights.

"The Copts, who [initially] assimilated Arabs into their society, but who have over time themselves assimilated into Arab society, discover time and again that this assimilated state is but a surface shell, which quickly cracks whenever they demand equality... As a result, Egypt, as a state, is gripped by constant social tensions that keep rising to the surface and threatening to undermine its stability...

 "Sectarian extremism in Egypt took the form of an organized party with the 1928 emergence of the Muslim Brotherhood, with the aim of splitting Egyptian society into two mutually hostile and conflicting parts. This was in line with the Arab religious and political principle of denying legitimacy to all non-Muslims or non-Arabs, [a principle practiced] since the Muslim armies reached Egypt in 639 [CE]...

"In Lebanon, the presence of armed Palestinian militias – which was in accordance with the decision of the Arab states – encouraged the formation of Lebanese militias, both Sunni and Shi'ite. Chanting slogans proclaiming Palestinian liberation, they frightened Christians by appearing armed in streets swarming with Lebanese [citizens] and tourists.

"This eventually led to a confrontation with Christian militias, which had also armed themselves out of fear of the pan-Arab slogans and fear for the [preservation of] the rights of the Christian sects.

"Lebanon was engulfed by an ugly 15-year civil war, that ended only after Syria, which had played an ignominious role as instigator [of the hostilities], attained full protectorate status over Lebanese affairs and the Lebanese people – [and this] took on the nature of colonialist hegemony...

"After the Lebanese were liberated from this [Syrian] control, in 2005 the clouds of civil war – albeit of a different kind – reappeared on the Lebanese horizon. The Arab League is making no effort to prevent the eruption [of this civil war] for two main reasons. First, the Syrian regime still supports ethnic tension, in order to regain control of Lebanon; and second, the current majority government, which opposes the renewed Syrian influence, is predominantly Christian...

"We had hoped that the Arab national conscience would recover from the illness afflicting it since the time of the Nakba, and that it would adopt [views] which, if not ahead of their time, would at least be appropriate to our time. But a group of journalists, writers, and several Arab historians guided by the principle of non-acceptance of the other has twisted the facts and concocted a false and gloomy history of the region – thereby trampling these dreams to the ground."

Jews Have a Rich and Ancient History in Palestine

"The Arabs see the Palestinian problem as exceedingly complicated, while it actually appears so only to them – [that  is], from the point of view of the Arabs' emotional attitudes and their national and religious philosophy. The Arabs have amassed false claims regarding their exclusive right to the Palestinian land, [and] these are based on phony arguments and on several axioms taken from written and oral sources – most of which they [themselves] created after the Islamic, and which they forbade anyone, Arab or foreigner, from questioning.

"When the Arabs agreed to U.N. arbitration... to resolve the Palestinian problem, it transpired that their axioms clearly contradicted reliable historical documents [that] this new international organization [had in its possession]. As a result, they wasted decades stubbornly defending the validity of their documents, which do not correspond to the officially accepted version of the region's history – which is based on concrete and solid evidence [such as] archaeological findings in the land of Palestine, the holy books of the three monotheistic religions, accounts by Roman, Greek, and Jewish historians...  and modern historical research..."

Jewish and Christian Ritual Sites in Jerusalem Predate Muslim Sites

"[A look at] the story of Al-Aqsa is now in order – a site considered holy by Muslim Arabs, who call it 'Al-Haram al-Qudsi al-Sharif' [The Noble Sanctuary] and [believe that] it was set aside for them by Allah since the time of Adam.

"[This site] contains several places of worship, including the Dome of the Rock, built by the [Umayyad Caliph] 'Abd Al-Malik bin Marwan in the seventh century CE – that is, 72 years after the Muslim conquests. This religious public gathering place was erected over a prominent [foundation] stone at the peak of 'Mount Moriah.' [Mount Moriah] contains three ancient Jewish public worship sites, as well as [some] Christian sites...  The octagonal structure of the Dome of the Rock Mosque was constructed on the site of an ancient Byzantine church, adjoining Solomon's Temple, destroyed by the Romans in 70 AD.

"Since the majority of Muslims claim that the Temple Mount is an Islamic site to which no one else is entitled, they do not acknowledge the presence of Jewish and Christian places of worship predating the Dome of the Rock within its walls...

"The Arabs take great pride in their tolerance of and benign treatment of the Jews and Christians who lived under the Muslim rule since the Muslim conquests. This account is part of the distortions underpinning the edifice of the Arabs' religious and national culture. [Arab] writers and historians keep eulogizing this epoch... while the truth is the opposite of what they claim. [Indeed,] the Pact of 'Omar [compelled] the Jews and the Christians to choose between either abandoning their religion and embracing Islam, or paying the [poll] tax in return for being permitted to reside...  and receive protection of life and property in their homeland. [The Pact of 'Omar] allowed them to practice their religion, build new houses of worship, and repair the old ones [only] with the permission of a Muslim ruler, and subject to numerous conditions.

"In subsequent historical periods, the Muslims imposed [additional restrictions] on the members of [these] two religions: They forbade them to raise their voices during prayer; [they forced them] to conduct their prayers and religious ceremonies in closed areas so as not [to disturb] passersby; they forbade them to carry weapons, ride saddled horses, or build houses taller than those of the Muslims. [Christians and Jews] were required to show respect for the Muslims, e.g. by giving up their seat to a Muslim if he wanted it. They were banned from holding government posts or from working in 'sensitive' public places.

"The Koranic verses cursing the Jews and casting doubt on [the veracity of] their Holy Book [the Torah] promulgated a desire among Arabs to set themselves above the Jews who lived in their midst, humiliating and persecuting them even without pretext. In time, this treatment made large numbers of Jews abandon their cities and their land and emigrate... while those who stayed [in Palestine] until the 19th century remained marginalized, living among the Arabs like criminals in a foreign land...  

"The Arabs claim that the 'Wailing Wall' has been their property since the Prophet Muhammad tied his horse Al-Buraq to one of its supports when Allah transported him by night from the Holy Mosque in Mecca to pray at the Al-Aqsa Mosque in Jerusalem...  Although this night-journey story seems dubious, Arab historiography after the advent of Islam contains such oddities as giving a horse the prerogative of making a wall weighing more than 2,000 tons into Muslim property. This is only one of thousands of examples of tales concocted by zealots, with which they swept away the Arab imagination.

"...When the U.N. resolution on the partition of Palestine was issued on November 29, 1947...  the Arabs refused to recognize it. They thereby rejected the state set out by the resolution as the right of the Palestinians and the Arabs, with the aim of establishing legal and historical equity. The Arabs called this resolution the Nakba, while their new states, formed several years before the State of Israel, launched the first war against Israel, in which regular military operations were combined with local attacks by gangs comprising Palestinians and Arabs from Arab regions near and far. [That war] ended in [the Arabs'] defeat. Persisting in their error, the Arabs established refugee camps for the Palestinians who had fled during and after the war...

"Chairman Mahmoud 'Abbas...  was the first Palestinian leader to acknowledge that the Christian church in Gaza plundered by Hamas gangs had stood there 'before [we] came to Gaza.' By this he meant 'we the Palestinians' – particularly the current Gaza residents, [the descendants of] Bedouins from the Sinai and the Arabian Peninsula and of others, of unknown origin. [These people were] attracted by the wealth of the new Islamic state that extended from Persia to Southern Ethiopia, and came after the Muslim conquests and set themselves up over the local population – Christians, Jews, Phoenicians, Byzantines, and the remnants of the Sumerians...  

Arabs Must Recognize the Jews' Right to Palestine

"In order to prevent more bloodshed among the innocent [population]...  and in order to keep the deteriorating situation in Lebanon, Iraq, Gaza, and the West Bank from making [these regions into] a quagmire that will spread to engulf all Arab states and societies, the Arabs must reassess the question of the Nakba and come up with a new, courageous vision for the region and for the future of its residents.

"[This vision] must involve public recognition of the Jews' legitimate right to their state – which is based on historical fact – instead of [recognition] of the writings filled with anger and demagogy produced and formed into an ideology by the confused [Arab] consciousness – a consciousness built upon lies, myths, and distortions stemming from the principle of non-acceptance of the other.

"The most important factor in strengthening such a new vision is [the adoption of] a principle [requiring] official condemnation of all individuals, groups, companies, religious and political parties, and totalitarian regimes that built their glory and hollow leaderships upon the notion of the Nakba, and which are always ready to absorb other false claims and fabrications.

"This must be done, so that a modern Arab face is turned to the world – [a face reflecting] ethical values that will not allow any Arab, under any pretext, to oppress his son or his brother who differs from him in religion, ethnicity, or ideology."

Endnotes:

[1] www.ahewar.org (formerly www.rezgar.com), December 7, 2007.

[2] 'Aref 'Alwan is the first Arab author to publish his novels on the Internet. His doing so was the subject of his January 20, 2005 interview in the London daily Al-Sharq Al-Awsat.

The original article: http://www.memri.org/report/en/0/0/0/0/0/0/2729.htm 

Partager cet article
Repost0
2 octobre 2013 3 02 /10 /octobre /2013 07:09

هل حق اليهود في فلسطين أقلُ من حق العرب؟

 مقال بقلم: عارف علوان 


israel flag


ما هي الأصول التاريخية لسكان غزة الحاليين الذين يخطفون ويذبحون باسم حقهم في فلسطين؟

 

 

يعتبر زمن الإنسان أول زمن مدوّن لفئة واحدة من بين بلايين الأحياء التي تشكلت ونمت وتطورت وعاشت ثم انقرضت من كوكبنا الأرضي ولن يتكرر نموذجها إلى الأبد.

 

وقد بدأ الإنسان بحفظ ثم تسجيل حركة زمنه متأخراً بالقياس إلى نشوئه الذي استغرق ملايين السنين. وتعود أقدم ألواح التدوين إلى ثلاثة آلاف سنة فقط، وأطلقت كلمة (تاريخ) على الأحداث والوقائع التي مثلت حركة زمن الإنسان في هذه الفترة القصيرة.

 

وكان التاريخ يكتب بالإزميل ثم بالقلم والحبر، وفي الحالتين صيغ بلغة تسجل الوقائع من وجهة نظر صانعها، وظل يذاع في المجالس وأماكن العبادة والبيوت بهدف التذكير والتخويف (العبرة) لذلك اعتمد التفخيم والكذب، وبقي كذلك حتى ظهور العلوم الإنسانية الحديثة التي لجأت إلى الحفريات (الجيولوجيا) في دراساتها المقارنة لفحص ما قاله التاريخ على ضوء ما تقدمه الشواهد المطمورة تحت الأرض من براهين.

 

وحتى قبل مرحلة التدوّين كانت معتقدات الإنسان تمليها ظروفه البيئية، وأدق متطلبات حاجاته اليومية التي تسمح له بالبقاء، حاجات مادية تساعده على العيش، وثقافية تساعده على التماسك والأمل. ولأن الدين هو لغة قبل أي شيء آخر، حسب براهين ليفي شتراوس الانثربولوجية، كانت الأديان تظهر في فترات ازدهار اللغات التي تساعد على ظهور الأفكار الجديدة، حيث يبرز من ينادي بها، ساحر القبيل في البداية، ثم (النبي) في المجتمعات الأكثر تحضراً. ولأهميتها الثقافية وجدت الأديان لها مساحة أكبر في التدوّين سواء في المراحل البدائية (رسوم الكهوف) أو المرحلة المتقدمة (الألواح المكتوبة على الطين ثم البردي أو الجلد وأخيراً الورق)

 

وإلى يومنا الحاضر، ورغم غزارة ما أعطته مدن ومقابر الأموات المدفونة والمنظورة من شواهد عينيّة باتّة، ما زال التاريخ أشبه بحجر البازلت الأسود، كلما زدتَ في حكّ سطحه الأملس، كشفت لك عروقه الكونتورية(  [1]  ) عن تركيبة جديدة ومختلفة في أشكالها ولونها وعرض خطوطها عما هي عليه في الأعلى. مع ذلك، وهذا مهم، لم يعد تاريخ الأديان أو تاريخ الثقافات والفتوح مغلقاً على الفهم كما كان قبل مائتي سنة!

 

عندما قام خفافيش السلفية في غزة بتقييد المسؤول الفلسطيني من يديه وقدميه، ورموه حياً من الطابق الرابع عشر إلى الأرض، تساءلت: أي كلمات دينية أو سياسية حُقنت بها رؤوس هؤلاء الصبية وجعلتهم يتصرفون تجاه الحياة بهذه الوحشية المريعة؟

 

لقد شاهدت بنفسي من قبل، وعلى شاشات التلفزيون، جثتي جنديين إسرائيليين ترميان من الطابق الثاني في إحدى المدن الفلسطينية إلى الأرض، وسواء كان نفس خفافيش السلفية وراء هذا العمل أو غيرهم، ما هي اللغة، أو الكذبة اللغوية (التاريخية) الكبيرة التي تمحو من قلب الشخص في هذا العصر أي نبل أخلاقي في التعامل مع إنسان آخر مغلوب على أمره وهو في حالة جثة، أو نَفس بشرية ما زالت حية؟

 

أعتقد أن العرب، الذين ينأون بأنفسهم عن أعمال كلبية كهذه، مطالبون بمساعدتي على كشف وسحق الكذبة الكبرى التي بررت وطبلت، ودعمت، منذ ستين عاماً، حيوانية لم تعد تمثل تصرفات فردية لا واعية، بل أصبحت ظاهرة ثقافية واسعة بدأت في لبنان ثم العراق وفلسطين، وتزحف بمثابرة عنيدة إلى بقية الدول العربية. والكذبة الكبرى هي ما يعتبره العرب "النكبة" أي قيام دولتين في أرض فلسطين، الأولى: دولة إسرائيل التي قبلها اليهود. والثانية: دولة فلسطين التي رفضها العرب.

 

ففي زمن الإنسان الحالي، إذ يستطيع العلم بآلاته الدقيقة رصد التغيّرات المناخية المسببة للجفاف (القحط) وزحف الطبقات الأرضية المؤدية إلى الهزات السطحية، لا يمكن لشخص من هذا العصر أن يعزو دمار المدن، قديماً وحديثا،ً إلى غضب الله دون أن يعرّض نفسه للسخرية. لكن 80% من العرب الحاليين يفعلون! يفعلون ولا يخشون السخرية أو يخجلون منها! ولا تمثل هذه النسبة الضخمة الأميين فقط ممن تزخر بهم الأرياف والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة، بل بينهم طلاب جامعات، ومدرسو تعليم، وأساتذة، وخريجو معاهد عليا، وخبراء علم وتكنولوجيا، وخريجو طب، وخريجو جامعات دينية مثل الأزهر، وأساتذة تاريخ، وسياسيون تصدروا ويتصدرون المسؤولية.

 

هذه النخبة الكبيرة من المتعلمين هي التي حشرت الوعي العربي العام ضمن ثقافة ضيقة، منغلقة، معلولة، أفرزت عقلية العنف، والإرهاب، والتعصب، وحرمت أي فكرة جديدة من شروطها الجدلية، لكي يبقى الشعور الوهمي بالظلم يتحكم في النفسية العربية ويرديها في السقم الملازم واليأس والتخبط، كل هذا انصياعا لقرار الجامعة العربية (1947) الذي اعتبر فلسطين أرضاً "سليبة" لا يحق لغير العربي المسلم التمتع بكيان فيها، حتى لو كان من أهلها الأقدم جذوراً من المسلمين والعرب!

 

ومن أضغاث الوعي اللاحق، انقلبت الكذبة على العرب، فظهر صدام حسين، وحافظ الأسد، وبشار الأسد، وبن لادن، والظواهري، والزرقاوي، وحسن نصر الله، وبري، ومشعل، وهنية، والزهار الذي رمى صبيته المسؤول الفلسطيني من الطابق الرابع عشر إلى الأرض الصلبة، وأخيراً جاء من أقصى الجبال الشرقية المجاورة للشرق الأوسط أحمدي نجاد، الذي تعهد بتهيئة الفوضى والدمار المناسبين لظهور المهدي المنتظر الذي سيحل القضية الفلسطينية!

 

الآن، ونتيجة الشذوذ الفكري الذي أصاب الوعي العربي منذ ما سمي بـ"النكبة" ونتيجة تراكم الأكاذيب حولها، أصبح (الإرهاب) الكنية الملتصقة بالعربي أينما حل في العالم. ورغم ما بذلته دول عربية كبيرة ومهمة مثل مصر والسعودية والأردن وبعض دول الخليج من جهود سياسية وثقافية لترميم علاقة العرب بالعالم، ومحاصرة ثقافة الإرهاب داخل المجتمعات العربية، حالف الفشل كل هذه الجهود لسبب واحد، هو أن عملية الإصلاح، الخارجية والداخلية، انطلقت من نفس مفهوم "النكبة" وكامتداد له. مما يثبت أن لا أمل في خلاص العرب من الإرهاب، كمحنة ثقافية وسياسية، إلاّ بإيجاد منطلقات مغايرة ورؤية جديدة بعيدة كلياً عن حيطان وأروقة المعبد الديني الذي شيده العرب في زمنهم الحديث وأطلقوا عليه اسم "النكبة"

 

أيضاً، ورغم اقتناع مسؤولين وزعماء ومثقفين وشخصيات عامة فلسطينية، لا يرقى أي شك إلى وطنيتها، بواقع وجود دولة إسرائيل، فإن الـ 80% من العرب الذين ذكرناهم لا يقبلون هذه الرؤية ويكفروّنها دينياً، يدغدغ عواطفهم ويقرع لهم طبول التشدد رؤساء دول في المنطقة، وأحزاب، وترعى الجامعة العربية، بشخوص أمنائها، جوقتهم الزاعقة، حيث يعتبرون اصطدام أي سيارتين في غزة أو الضفة الغربية مؤامرة من دولة إسرائيل على مصير العرب! لأن الجامعة، كمؤسسة، نشأت ككيان قومي مهمته الرئيسية تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بتحريف الحقائق لقمع الضمير العربي كلما أراد التفكير بحرية خارج "النكبة"، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الثقافية والاقتصادية يرفع المستوى المتدهور لحياة المجتمعات العربية.

 

إذن، لماذا تحول قرار التقسيم الذي أعطى لليهود دولة في أرض فلسطين إلى جانب دولة أخرى للعرب إلى "نكبة" تشرق كل يوم على المنطقة العربية وتغيب دون أن تحمل شعاعا صغيراً من ضوء ينير الطريق لشعوبها؟ وهل كان حق اليهود في أرض فلسطين أقل من حق العرب؟ وما هي الأسس التاريخية التي تدعم ترجيح حق على الآخر؟

 

أولاً: إذا كان مبدأ عدم الاعتراف بالآخر للاستحواذ على كامل حقوقه قد ساد الفتوحات الإسلامية منذ عهد عمر بن الخطاب جرياً على عادة ذاك الزمان، فإن هذا المبدأ قوبل بالنبذ ثم التحريم في بداية القرن الماضي نتيجة الحروب والنزاعات التي قاد إليها، ووضع المجتمع الدولي القوانين اللازمة لردعه في المبادئ العامة التي قامت عليها عصبة الأمم عام 1919، ثم تطورت روح هذه القوانين بما أضيف إليها من ملحقات وتفسيرات مع تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1946 لتتطابق وتنسجم مع العصر، وتعبر عن الأفكار العامة السائدة عن مفهوم سيادة الدول وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

 

إلاّ أن العرب، وبسبب توجههم العاطفي نحو الماضي، وتزمتهم للمعايير القديمة الذي حرَم عقليتهم من النزوع إلى معاصرة المراحل الزمنية كل في وقتها، جعلهم أسرى لمبدأ عدم الاعتراف بالآخر لإلغاء وجوده وبالتالي إنكار حقوقه. جراء ذلك تضررت حقوق ومصالح الطوائف والقوميات غير العربية التي عاشت بينهم: الأكراد، الأقباط، اليهود، وأقليات كثيرة اُلحقت بالعرب قبل 14 قرناً، وما زالت تُعامل بنفس قوانين فترة الغزو الإسلامي.

 

ورغم ما ينتجه وينميه مبدأ إنكار وجود الآخر وحقوقه من مظالم ونزاعات وحروب وعدم استقرار وتجارب مريرة تدفن المخاوف والأحقاد على مسافة قريبة من سطح البيئة الاجتماعية، التزم العرب موقفاً شوفينييا صريحاً وعنيداً في معالجة كل المشاكل التي نشأت في المنطقة مع اتساع ونضوج وعي الأقليات بحقوقها، وظهور مؤسسات دولية أقرت شرعية تلك الحقوق على ضوء المنطق والمفاهيم العامة للعصر.

 

أمثلة على ذلك:

 

1- الأكراد

أدى إنكار الدولة العراقية الحقوق القومية للأكراد، مدعومة من الجامعة العربية، إلى حروب تواصلت على مدى خمسين عاما، هي تقريباً ثلاثة أرباع عمر الدولة التي نشأت في العراق من دون جذور سيادية قوية تدعم ذلك النشوء بصورته وحدوده الأخير!

فبعد أن لفقت الأسباب الداعية إلى ضم إمارة البصرة إلى إمارة بغداد لقيام دولة جديدة في العراق، اقتضت مصالح الاستعمار البريطاني آنذاك إلحاق منطقة كبيرة من أراض مسكونة تاريخياً من قبل الأكراد بالدولة الحديثة ليكون حجم كيانها مناسباً لطموح الأمير فيصل بين الحسين، الذي رشح لإدارتها مقابل حماية مصالح بريطانيا في المنطقة.

 

وإمعاناً في إنكار حقوق الأكراد، قتل صدام حسين بين 1988 و1989 حوالي 180 ألف كردي في حملة إبادة منظمة أطلق عليها اسم "الأنفال"، ثم رش إحدى مدنهم (حلبجة) بغاز الخردل فقتل سكانها (5000 نسمة) ولزم الضمير العربي الصمت تجاه هذه المجازر البشرية، بينما اعتبرت الجامعة العربية بشخص رئيسها آنذاك (الشاذلي القليبي) كلام الصحف العالمية عما جرى كـ "مؤامرة استعمارية ضد العرب والنظام العراقي"! وفي سوريا يعتبر الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية يمنع عليهم ممارسة لغتهم وثقافتهم في العلن.

 

2- المسيحيون في مصر ولبنان

وما جرى للأكراد من تعسف قومي، حدث مثله للأقباط على شكل تزمت طائفي، وفي كلا السلوكين اعتمد العرب مبدأ إنكار وجود الآخر لتجريد حقوقه. فالأقباط الذين انصهر بهم العرب اجتماعياً، وانصهر الأقباط بهم بفعل عامل الزمن، ظلوا يكتشفون بين فترة وأخرى أن الانصهار مجرد قشرة رقيقة سرعان ما تتمزق لدى أي مطلب بالمساواة يشجع عليه تطور مفاهيم الشراكة داخل المجتمع الواحد. لذلك بقيت مصر، الدولة، في حالة توتر اجتماعي، يصعد إلى السطح ليزلزل القشرة الساكنة كلما أرادت الرغبة في الزعامة السياسية العربية أو الإسلامية تأكيد وجودها، أو عرض مطالبها.

 

وقد اتخذ التزمت الطائفي في مصر شكلاً حزبياً منظماً بظهور جماعة الأخوان المسلمين 1928، ليشق، عبر اسم الجماعة ومنهجها، المجتمع المصري إلى شقين متنافرين ومتعاديين اعتماداً على المبدأ الديني والسياسي العربي، الذي ينكر شرعية وجود الآخر غير المسلم وغير العربي ابتداءً من دخول الجيوش الإسلامية مصر عام 639.

 

ورغم اعتراف المؤرخين العرب بدور الخليط الديني والقومي غير العربي في إغناء الفكر والثقافة العربيين، بَيدَ أن الاعتراف بحقوقهم يتوقف ويتكسر عند أول صوت يتجاوز حلقة السكون المفروضة على الخليط كشرط لقبوله داخل الكيان العربي العام، المفكك سياسياً واقتصادياً، والموحد بوجه أي إشارة إلى وجود غير العرب، حتى لو كان وجوداً قوامه السكان الأصليين!

 

في لبنان، أدى وجود الميليشيات الفلسطينية المسلحة بناءً على قرار من الدول العربية إلى تشكيل ميليشيات لبنانية، سنيّة وشيعية مناصرة، رفعت جميعها شعار تحرير فلسطين، فروّعت المسيحيين بظهورها المسلح في الشوارع المكتظة باللبنانيين والسياح، مما أدى في النهاية إلى الاصطدام مع ميليشيات مسيحية تسلحت من قبل بدافع الخوف على حقوق الطوائف المسيحية من شعارات العرب القومية، فشهدت لبنان حرباً طائفية بشعة استمرت 15 عاماً، لم تنته إلا بحصول سوريا، التي لعبت دوراً قبيحاً مؤججا، على وصاية كاملة على شؤون لبنان وشعبه، اتخذت طابع الهيمنة الاستعمارية من النموذج البرتغالي المعروف تاريخيا بطغيانه.

 

في عام 2005، بعد تخلص اللبنانيين من تلك الهيمنة، عادت أسباب وغيوم حرب طائفية جديدة إلى البروز، لكن بأدوات أخرى، لا تبدي الجامعة العربية أي جهد مخلص لمنعها لسببين: الأول أن النظام السوري أيضاً يقف وراء التوتر الطائفي لإعادة هيمنته على لبنان. والثاني: أن حكومة الأغلبية الحالية التي ترفض عودة النفوذ السوري يمثل المسيحيون فيها النسبة الأكبر.

 

إذا كانت المؤسسات القومية العليا تمثل ضمير أمة ما، فإن مؤسسة كبيرة مثل الجامعة العربية قد أنشئت منذ البداية كمعبد لـ"النكبة" مهمته تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بالتحريف، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الاقتصادية والثقافية يرفع المستوى المتخلف لحياة المجتمعات العربية، وينظر بعين المساواة إلى كل الأعراق والأديان المنضوية تحت الكيانات التي تمثلها الجامعة!

 

كنا على الدوام نحلم أن يبلى ضميرنا العربي القومي من الكساح الذي ألم به منذ "النكبة" وينهض، لن نقول برؤى جديدة تسبق العصر الذي نعيش فيه، إنما على الأقل أن تكون رؤى مشرّفة وموازية لعصره! غير أن تلك الأحلام تمرغت في الوحل على يد مجموعة من الصحفيين والكتّاب وبعض المؤرخين العرب، عملوا على تشويه الحقائق ودبجوا تاريخاً ملفقاً وحزيناً للمنطقة على ضوء مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

3- اليهود:

ينظر العرب إلى القضية الفلسطينية كمشكلة في غاية التعقيد، وهي في واقع الأمر ليست كذلك إلا في عيون العرب، وعواطفهم، وفكرهم القومي والديني. وقد راكم العرب الادعاءات عن حقهم وحدهم في أرض فلسطين باشتقاق العديد من المطلقات اعتماداً على مراجع شفوية ومكتوبة دوّنها الغالب بعد الفتوحات الإسلامية، وحرم على أي شخص إعادة النظر فيها، عربياً كان أو أجنبياً. وعندما قبل العرب الاحتكام إلى الأمم المتحدة ومواثيقها لحل المشكلة الفلسطينية، وجدت مطلقاتهم تعارضاً صارخاً مع الوثائق التاريخية، المصفاة، التي بحوزة المنظمة الدولية الجديدة، لذلك ضيعوا عقوداً من الزمن في إصرارهم على صحة مستنداتهم غير المتطابقة مع تاريخ المنطقة المعترف به رسميا، المعتمد على الشواهد العينية الباتة (البراهين الأثرية غي أرض فلسطين) وما ورد في الكتب السماوية الثلاثة، وما ذكره مؤرخو روما، وقبلهم مؤرخو اليونان، وبعدهم مؤرخو اليهود، والدراسات التاريخية الحديثة.

 

قبل أن يأمر الإمبراطور أدريان (132.م) بتدمير مملكة يهودا بسبب ثورة اليهود، ومحو اسمها بإطلاق اسم (فلسطين) على المنطقة الجنوبية، لم تكن هناك أرض اسمها فلسطين. والفلسطينيون قوم جاءوا من جزيرة كريت اليونانية وأقاموا بضع آلاف من السنين جنوب صور حتى الزاوية السفلى لشرق البحر المتوسط، ثم انقرضوا كما انقرضت بلايين الأحياء من البشر (الأقوام) والحيوانات والحشرات والنباتات لأسباب جينية لم تكن معروفة في ذلك الزمان.

 

وقد دخل اليهود هذه المنطقة في عهد داود حوالي الألف الأول قبل الميلاد، وأعادوا بناء مدينة أورشليم بعد طرد اليبوسيين. واليبوسيون شعب من الحثيين وصلوا إلى فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية الحثية التي قامت في شمال تركيا الحالية في حوال القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ويقال إنهم بنوا حصناً خارج أورشليم أطلقوا عليه (صهيون) وبنوا سوراً حول المدينة. وقبل الحثيين سكن أورشليم أو استولى عليها الحوريون الذين جاءوا من الأناضول. وقبلهم الحبيرو وهم خليط من الشعوب من الساميين وغير الساميين يقال إنهم قبائل غير مستقرة ممن يبحثون عن مصادر الرزق، أشارت إليهم ألواح مصرية وورد ذكرهم في التوراة. وذكر المؤرخ اليوناني هيرودت أن الأموريين (الحبيريون) دخلوا هذه الأرض مبكراً جداً، وهم من أصول سومرية جاءوا من جنوب العراق، ومنهم ظهر الفينيقيون الذين تركوا آثاراً على سواحل الخليج العربي الغربية إلى أن وصلوا لبنان. ثم جاء اليونانيون بعد زحف الأسكندر المقدوني على الشرق. بعدهم احتل القائد الروماني بومبيَ جميع السواحل الغربية للبحر الأحمر، وكان لليونانيين والرومان علاقات بملوك الفراعنة في مصر، حيث تذهب رسلهم وقوافلهم إلى الإسكندرية عبر الطريق الساحلي الجنوبي، وعلى هذا الطريق نشأت نقاط توقف عديدة منها مدينة غزة، التي تجمع فيها خليط من المصريين والفينيقيين وبدو سيناء وقليل من عرب الجزيرة من التجار أو طالبي الرزق.

 

وعندما دخل داود وقومه قادمين من أرض ما بين النهرين، أعاد تشييد مدينة أورشليم وبنى أول هيكل لليهود، وقام ابنه سليمان من بعده بتوسيع المدينة وأعاد بناء الهيكل بمساعدة (حيرام) ملك صور ليصبح إحدى معجزات تلك الفترة في جماله ومتانة بنيانه، ورمم معبد الصخرة، وكان مزاراً ومكان صلاة للوثنيين ثم للأنبياء اليهود. وكانت أورشليم مدينة للعبادة الوثنية والسماوية تقدم فيها القرابين المذبوحة، وهي العادة التي التزم بها الإسلام بعد ذلك.

 

بعد 250 سنة على إقامتهم في المنطقة، أسس اليهود مملكة إسرائيل التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتين: السامرة في الشمال ومملكة يهودا في الجنوب، وأصبحت أورشليم مدينة مزدهرة ثقافياً وتجارياً، يقطنها خليط من اليهود واليونانيين والرومان والفرس والفينيقيين والبابليين ونسبة قليلة جداً من تجار الجزيرة العرب لم يكن وجودهم يتميز بشيء ما.

 

وكان إبراهيم (إبرام) الذي يعترف العرب بأبوته لهم ولليهود، شيد أربعة جدران في مكة وضع فيها الوثن الذي كان يعبده هو وقومه، والوثن عبارة عن حجر أسود صقيل أصبح العرب يعبدونه أيضاً، وبعد ظهور الإسلام لم يفكر النبي محمد بإزالته واعتبره رمزاً للإله وبقي العرب يتبركون به حتى اليوم.

 

وتقيم في الجزيرة العربية إحدى عشر قبيلة يهودية، لا يفترق أبناؤها عن بقية القبائل العربية في العادات والتقاليد. ويذكر أن العديد منهم أسلم خوفاً من بطش المسلمين بعد نمو قوتهم العسكرية. وقد مدح النبي محمد اليهود لاستمالتهم في فترة ضعفه، ثم ذمهم وشتمهم ولعنهم وقتل الكثير منهم في واقعة (خيبر) لأن اليهودية والمسيحية اللتين انتشرتا في الجزيرة كانت تنافس الإسلام على قلوب القبائل العربية الوثنية. وعاش اليهود في قلب الجزيرة وفي أطرافها، اليمن – البحرين – العراق – مصر، وانتشروا في جنوب أوربا، اليونان والإمبراطورية الرومانية، ووصلوا حتى إنكلترا مع المد الروماني.

 

ودمر الرومان أورشليم والهيكل عام 70 بعد الميلاد بسبب ثورة اليهود على التسلط الروماني، وكانوا قاموا بثورتين سابقتين الأولى ضد السيطرة اليونانية، والثانية ضد السيطرة الرومانية، لكننا لم نسمع عن ثورة قام بها العرب ضد أحد من الأقوام والممالك والإمبراطوريات التي حلت وعاشت بتلك الأرض التي تمتد من جنوب تركيا حتى مدينة الخليل في الجنوب، لأن العرب ببساطة لم يكونوا هناك حتى الأيام الأولى لفتح الجيوش العربية دمشق على يد خالد بن الوليد، ثم بعد معركة اليرموك (636 ميلادية) التي خسر فيها البيزنطينيون كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم على الساحل الشرقي للبحر الأحمر (سوريا ولبنان وفلسطين) يومها فقط دخل العرب بالآلاف إلى فلسطين وبقية بلدان الساحل. وفي عام 638 دخل الخليفة عمر بن الخطاب أورشليم وأطلق على المدينة اسم (القدس) وأعطى سكانها (كانوا آنئذ مسيحيين ويهود ووثنيين من الآراميين والعموريين والكنعانيين واليبوسيين) عهداً خطياً سمي بـ "العهدة العمرية" ترك لهم بموجبه كنائسهم ومعابدهم وأملاكهم وأموالهم، لكن العهد وضع عليهم قيوداً حرمتهم من التساوي مع السكان العرب الجدد.

 

وبعد استيلاء الصليبيين على تلك البلدان الساحلية ووصولهم أورشليم (1099) انسحبت أعداد كبيرة من المسلمين إلى الجزيرة العربية ومصر، ثم عادوا إليها وهذه المرة مع أعداد غفيرة من أفراد القبائل العربية لحماية أورشليم من أي غزوات جديدة بعد تحريرها من الصليبيين (1187)

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا،تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، واكتشف راعي صبي من الأردن في بداية القرن التاسع عشر مخطوطات مكتوبة على لفائف (Scrolls) باللغة العبرية في كهف قرب مدينة (كمران) على البحر الميت تتحدث عن الفترة التي ظهر فيها المسيح ويوحنا المعمدان، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفداتوحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا، تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفدات وحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وحتى القرن الثاني للميلاد لم تكن قبائل الجزيرة العربية قد أسست لها خصائص ثقافية تميزها كقومية عن القوميات المجاورة، الفينيقية، الفارسية، الفرعونية، والسومرية، والبابلية، واليهودية على وجه الخصوص. وعندما اشتقت قبائل الجزيرة جزءً من اللغة الآرامية السائدة آنذاك في عموم المنطقة، وأسست لها لغة جديدة تطورت بسرعة (العربية) برزت القومية العربية إلى الوجود للمرة الأولى.

 

نأتي الآن إلى حكاية المسجد الأقصى، الذي يعتبره المسلمون العرب مكاناً دينياً خصهم الله به منذ آدم، ويطلقون عليه "الحرم القدسي الشريف" ويضم الحرم مجموعة أماكن للعبادة من بينها مسجد قبة الصخرة الذي شيده عبد الملك بن مروان في القرن السابع الميلادي، أي بعد 72 سنة من الفتح الإسلامي، ويقع هذا المجمع الديني فوق صخرة بارزة في أعلى جبل "موريا" ويضم ثلاثة معابد قديمة لليهود وأماكن عبادة مسيحية منها "مهد عيسى" وشيد مسجد قبة الصخرة الثماني الأضلاع في موقع كان يضم كنيسة بيزنطية قديمة، قريبة من مكان هيكل سليمان الذي هدمه الرومان سنة 70 بعد الميلاد.

 

وإذ يعتبر غالبية المسلمين "الحرم القدسي" موقعاً إسلامياً لا يشاركهم أحد الحق فيه، فإنهم لا يعرفون عن وجود أماكن عبادة يهودية ومسيحية داخل سور الحرم أقدم من مسجد قبة الصخرة. ويعود اهتمام الخليفة مروان بتشييد المسجد بهذا الشكل الفخم إلى ثورة مصعب بن الزبير وأخيه وسيطرتهما على مكة، إذ أراد مروان تحويل المسلمين من زيارة الكعبة إلى زيارة مسجد القبة كبديل للرمز الديني القديم للدولة الإسلامية.

 

ويتبجح العرب كثيراً في تسامحهم ومعاملتهم الحسنة لليهود والمسيحيين الذي وقعوا تحت سيطرة المسلمين بعد الفتح الإسلامي، وهذا الكلام جزء من التحريف الذي بنى عليه العرب ثقافتهم الدينية والقومية، وما برح الكتاّب والمؤرخون في المنطقة يراكمون على أساسه صفحات إنشائية دوّنت تلك الفترة بحبر زئبقي. لأن الحقيقة تؤكد عكس هذه الادعاءات، إذ أن ميثاق (العهدة العمرية) خير اليهود والمسيحيين بين ترك ديانتهم والتحول إلى الإسلام، وبين دفع ضريبة مقابل إقامتهم وعدم التعامل معهم كذميين لا حماية قانونية لحياتهم وأملاكهم في أرضهم الأصلية. وسمح لهما القيام بأنشطة دينية عمومية، وبناء معابد جديدة أو إصلاح القديم منها بأذن الحاكم الإسلامي لكن بشروط كثيرة. وفي الفترات التالية اشترط المسلمون على أصحاب الديانتين عدم رفع أصواتهم أثناء الصلاة، وأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية في أماكن مغلقة لا تسمح بانتباه المارة. ومنعوا عليهم حمل السلاح، وركوب الخيول المسرجة، وبناء بيوت أكبر من بيوت المسلمين. وهم مطالبون بإظهار الاحترام للمسلم مثل القيام من مكان جلوسهم إذا رغب المسلم الجلوس فيه. وحرموا من الوظيفة الحكومية ومن المراكز العمومية الحساسة.

 

وقد أشاعت الآيات التي لعنت اليهود وشككت في كتابهم رغبة واسعة بين العرب في التكبر على اليهود المقيمين بينهم، وإذلالهم واضطهادهم حتى عندما لا يتوفر السبب لذلك. وبمرور الزمن دفعت هذه المعاملة اليهود إلى الخروج من مدنهم وأرضهم بأعداد كبيرة، والرحيل إلى تركيا ودول أوربا وبلدان غرب آسيا حتى روسيا. ومن بقي منهم حتى القرن التاسع عشر ظل مهمشاً، يحيى بين العرب مثل مذنب في أرض غريبة.

 

وبعد بناء سور يضم أماكن العبادة اليهودية والمسيحية والإسلامية في الحرم القدسي، حُرم على اليهود الوصول إلى معابدهم داخل الحرم، واُجبر الحاخامات على إصدار تحريم ديني يمنع أبناء دينهم من دخول الحرم حتى ظهور "المهدي" وهو هنا مهدي اليهود وليس مهدي أحمدي نجاد.

 

ويدعي العرب أن حائط المبكى أصبح ملكاً لهم لأن النبي محمد ربط دابة "البراق" في إحدى عراه عندما "أسرى به الله" من المسجد الحرام في مكة ليصلي في معبد الأقصى في أورشليم. ويسمي العرب معبد الصخرة "مسجد الصخرة" قبل أن تبنى المساجد خارج المدينة ومكة في المملكة السعودية الحالية. ورغم أن حكاية الإسراء مشكوك في واقعيتها، إلاّ أن تاريخ العرب بعد الإسلام احتوى من الغرائب ما يعطى الحق لدابة بالاستحواذ على حائط يبلغ وزنه أكثر من ألفي طن وإلحاقه بالعقارات الإسلامية! وهذا نموذج واحد من آلاف الخرافات التي وضعها المتعصبون واستخفوا بها بالعقل العربي.

الخلاصة:

1- الوقائع التاريخية المذكورة أعلاه مدوّنة في كتب التاريخ اليونانية والرومانية، وتطرق إليها المؤرخون العرب بلا تفاصيل واسعة وكأخبار متداولة في الجزيرة العربية والبلدان المجاورة لها، وثبتها أهم ثلاثة مؤرخين في القرن العشرين (توينبي، شبنغلر، ديورانت وزوجته) بعد تحليل دقيق وموضوعي، وأشار إليها (المنجد) بشكل ملخص، وجميعها تؤكد الوجود التاريخي والحضاري والثقافي الكثيف لليهود في أرض فلسطين وبقية دول الشرق الأوسط، قبل وبعد الفتح الإسلامي.

 

2- بعد صدور قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، الذي نص على أن تقوم دولة إسرائيل على 55% من أرض فلسطين وتقوم الدولة العربية على الباقي وان تقع مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، رفض العرب الاعتراف بقرار التقسيم، ورفضوا بذلك دولة جعلها القرار المذكور من حق الفلسطينيين والعرب ليحقق التوازن القانوني والتاريخي. وسمى العرب القرار بـ"النكبة" واشتركت دولهم الحديثة التي تأسست قبل إسرائيل ببضع سنين في أول حرب نظامية مع إسرائيل تخللتها مناوشات عصابات شكلها فلسطينيون وعرب قدموا من أقرب إلى أبعد المناطق العربية انتهت بخسارتهم. وإمعاناً في الخطأ أقام العرب للفلسطينيين الذي خرجوا أثناء الحرب وبعدها مخيمات يعيشون فيها، ليدللوا على أن اليهود جاءوا من الشتات في أرجاء العالم إلى فلسطين وهجّروا سكانها الأصليين.

 

3- لا أقول إن الأديان الأخرى بريئة من التعصب عندما يستخدمها البشر لتحقيق أهداف دنيوية، بَيدَ أن الثقافة الدينية للعرب، ثم خرافة "النكبة" سمحت بوجود خفافيش ما إن تظهر أسنانها اللبنية حتى تلتهم الثدي الذي ترضع منه. فلبنان والعراق وغزة هي دول ومناطق تتحلل وتتفسخ وتنقل عوامل تفسخها إلى الدول الأخرى على يد عرب، حولتهم الرغبة في التعصب والزعامة إلى ضباع هيجها العفن المنبعث من مفهوم "النكبة" فراحت تؤجج الحروب الطائفية والنزاعات الدينية والخلافات الاجتماعية، وترعى الاغتيالات السياسية وتملأ الأنفاق والبيوت بالأسلحة والذخائر بما يكفي انفجارها لإزالة بلد بأكمله إذا لم يَلن شعبها (من لان) لأنيابهم الحيوانية.

 

4- حين تعرضت شيخوخته للغدر على يد من تساهل مع أخطائهم المقيتة، كان الرئيس محمود عباس أول زعيم فلسطيني يعترف بأن كنيسة المسيحيين في غزة التي تعرضت إلى النهب والسلب من قبل عصابات حماس موجودة قبل أن "نأتي إلى غزة" وهو يعني "نحن الفلسطينيين" وبالذات سكان غزة الحاليين الذين جاءوا إليها بعد الفتح الإسلامي كخليط من بدو سيناء وبدو الجزيرة العربية، ومن أصول أخرى غير معروفة جذبتهم ثروة الدولة الإسلامية الجديدة من بلاد فارس إلى جنوب اثيوبيا، وفرضوا سيطرتهم على سكانها الأصليين من مسيحيين ويهود وفينيقيين وبيزنطيين وبقايا السومريين!

5- لن أوجه النقد إلى إسرائيل وتصرفات حكوماتها إزاء عملية السلام من أجل إرضاء غرور العرب وإشباع نهمهم التقليدي إلى شتم أعدائهم وخصومهم ، وإنكار أخطائهم القاتلة، بل أترك هذا للمطلعين على ملفات الموضوع مثل اللجنة الرباعية، والرؤساء العرب والغربيين ممن يعرفون حقائق الأمور ولا تسمح لهم أخلاقهم بتزويرها!

 

6- منعاً لسفك المزيد من الدماء البريئة التي سقطت من بين العرب وعلى يد عرب آخرين، ومنعاً لتحوّل التدهور الحاصل في لبنان والعراق وغزة والضفة الغربية إلى غرق كامل يمتد ليشمل جميع الدول والمجتمعات العربية، المطلوب من العرب الآن إعادة النظر في مسألة "النكبة" وتقديم رؤى جديدة وشجاعة لمصير المنطقة وسكانها، تعترف فيها علناً بحق اليهود المشروع في دولتهم على ضوء الحقائق التاريخية وليس استناداً إلى الكتابات الغاضبة الغوغائية التي أفرزتها وأدلجتها أضغاث الوعي المركب، المبني على الأكاذيب والتحريف والتزوير نتيجة مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

الأهم من ذلك، ولتعزيز الرؤى الجديدة المطلوبة، يجب التزام مبدأ التشهير، رسمياً، بالأفراد والفئات والجماعات والأحزاب الدينية والسياسية والأنظمة الشمولية التي أسست مجدها وزعامتها الخاوية انطلاقاً من مفهوم "النكبة" المنفتح دائماً على استيعاب المزيد من الادعاءات والأكاذيب.

 

وذلك، للخروج على العالم بوجه عربي حديث، وقيم أخلاقية لا تجيز للعربي، تحت أي ذريعة، ظلم أبنائه وأخوته والمختلف معهم دينياً أو قومياً أو أيديولوجياً.

 

 



[1] contour تقابل الكِفاف في العربية، وتعني أيضاً الشكل التطريزي للحاشية، وبالنسبة للحجر هي أشكال الخطوط التي تمثل، عمودياً، الطبقات الزمنية لعمر الحجر.

 

هل حق اليهود في فلسطين أقلُ من حق العرب؟

 

ما هي الأصول التاريخية لسكان غزة الحاليين الذين يخطفون ويذبحون باسم حقهم في فلسطين؟

 

 

يعتبر زمن الإنسان أول زمن مدوّن لفئة واحدة من بين بلايين الأحياء التي تشكلت ونمت وتطورت وعاشت ثم انقرضت من كوكبنا الأرضي ولن يتكرر نموذجها إلى الأبد.

 

وقد بدأ الإنسان بحفظ ثم تسجيل حركة زمنه متأخراً بالقياس إلى نشوئه الذي استغرق ملايين السنين. وتعود أقدم ألواح التدوين إلى ثلاثة آلاف سنة فقط، وأطلقت كلمة (تاريخ) على الأحداث والوقائع التي مثلت حركة زمن الإنسان في هذه الفترة القصيرة.

 

وكان التاريخ يكتب بالإزميل ثم بالقلم والحبر، وفي الحالتين صيغ بلغة تسجل الوقائع من وجهة نظر صانعها، وظل يذاع في المجالس وأماكن العبادة والبيوت بهدف التذكير والتخويف (العبرة) لذلك اعتمد التفخيم والكذب، وبقي كذلك حتى ظهور العلوم الإنسانية الحديثة التي لجأت إلى الحفريات (الجيولوجيا) في دراساتها المقارنة لفحص ما قاله التاريخ على ضوء ما تقدمه الشواهد المطمورة تحت الأرض من براهين.

 

وحتى قبل مرحلة التدوّين كانت معتقدات الإنسان تمليها ظروفه البيئية، وأدق متطلبات حاجاته اليومية التي تسمح له بالبقاء، حاجات مادية تساعده على العيش، وثقافية تساعده على التماسك والأمل. ولأن الدين هو لغة قبل أي شيء آخر، حسب براهين ليفي شتراوس الانثربولوجية، كانت الأديان تظهر في فترات ازدهار اللغات التي تساعد على ظهور الأفكار الجديدة، حيث يبرز من ينادي بها، ساحر القبيل في البداية، ثم (النبي) في المجتمعات الأكثر تحضراً. ولأهميتها الثقافية وجدت الأديان لها مساحة أكبر في التدوّين سواء في المراحل البدائية (رسوم الكهوف) أو المرحلة المتقدمة (الألواح المكتوبة على الطين ثم البردي أو الجلد وأخيراً الورق)

 

وإلى يومنا الحاضر، ورغم غزارة ما أعطته مدن ومقابر الأموات المدفونة والمنظورة من شواهد عينيّة باتّة، ما زال التاريخ أشبه بحجر البازلت الأسود، كلما زدتَ في حكّ سطحه الأملس، كشفت لك عروقه الكونتورية([1]) عن تركيبة جديدة ومختلفة في أشكالها ولونها وعرض خطوطها عما هي عليه في الأعلى. مع ذلك، وهذا مهم، لم يعد تاريخ الأديان أو تاريخ الثقافات والفتوح مغلقاً على الفهم كما كان قبل مائتي سنة!

 

عندما قام خفافيش السلفية في غزة بتقييد المسؤول الفلسطيني من يديه وقدميه، ورموه حياً من الطابق الرابع عشر إلى الأرض، تساءلت: أي كلمات دينية أو سياسية حُقنت بها رؤوس هؤلاء الصبية وجعلتهم يتصرفون تجاه الحياة بهذه الوحشية المريعة؟

 

لقد شاهدت بنفسي من قبل، وعلى شاشات التلفزيون، جثتي جنديين إسرائيليين ترميان من الطابق الثاني في إحدى المدن الفلسطينية إلى الأرض، وسواء كان نفس خفافيش السلفية وراء هذا العمل أو غيرهم، ما هي اللغة، أو الكذبة اللغوية (التاريخية) الكبيرة التي تمحو من قلب الشخص في هذا العصر أي نبل أخلاقي في التعامل مع إنسان آخر مغلوب على أمره وهو في حالة جثة، أو نَفس بشرية ما زالت حية؟

 

أعتقد أن العرب، الذين ينأون بأنفسهم عن أعمال كلبية كهذه، مطالبون بمساعدتي على كشف وسحق الكذبة الكبرى التي بررت وطبلت، ودعمت، منذ ستين عاماً، حيوانية لم تعد تمثل تصرفات فردية لا واعية، بل أصبحت ظاهرة ثقافية واسعة بدأت في لبنان ثم العراق وفلسطين، وتزحف بمثابرة عنيدة إلى بقية الدول العربية. والكذبة الكبرى هي ما يعتبره العرب "النكبة" أي قيام دولتين في أرض فلسطي

ن، الأولى: دولة إسرائيل التي قبلها اليهود. والثانية: دولة فلسطين التي رفضها العرب.

 

ففي زمن الإنسان الحالي، إذ يستطيع العلم بآلاته الدقيقة رصد التغيّرات المناخية المسببة للجفاف (القحط) وزحف الطبقات الأرضية المؤدية إلى الهزات السطحية، لا يمكن لشخص من هذا العصر أن يعزو دمار المدن، قديماً وحديثا،ً إلى غضب الله دون أن يعرّض نفسه للسخرية. لكن 80% من العرب الحاليين يفعلون! يفعلون ولا يخشون السخرية أو يخجلون منها! ولا تمثل هذه النسبة الضخمة الأميين فقط ممن تزخر بهم الأرياف والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة، بل بينهم طلاب جامعات، ومدرسو تعليم، وأساتذة، وخريجو معاهد عليا، وخبراء علم وتكنولوجيا، وخريجو طب، وخريجو جامعات دينية مثل الأزهر، وأساتذة تاريخ، وسياسيون تصدروا ويتصدرون المسؤولية.

 

هذه النخبة الكبيرة من المتعلمين هي التي حشرت الوعي العربي العام ضمن ثقافة ضيقة، منغلقة، معلولة، أفرزت عقلية العنف، والإرهاب، والتعصب، وحرمت أي فكرة جديدة من شروطها الجدلية، لكي يبقى الشعور الوهمي بالظلم يتحكم في النفسية العربية ويرديها في السقم الملازم واليأس والتخبط، كل هذا انصياعا لقرار الجامعة العربية (1947) الذي اعتبر فلسطين أرضاً "سليبة" لا يحق لغير العربي المسلم التمتع بكيان فيها، حتى لو كان من أهلها الأقدم جذوراً من المسلمين والعرب!

 

ومن أضغاث الوعي اللاحق، انقلبت الكذبة على العرب، فظهر صدام حسين، وحافظ الأسد، وبشار الأسد، وبن لادن، والظواهري، والزرقاوي، وحسن نصر الله، وبري، ومشعل، وهنية، والزهار الذي رمى صبيته المسؤول الفلسطيني من الطابق الرابع عشر إلى الأرض الصلبة، وأخيراً جاء من أقصى الجبال الشرقية المجاورة للشرق الأوسط أحمدي نجاد، الذي تعهد بتهيئة الفوضى والدمار المناسبين لظهور المهدي المنتظر الذي سيحل القضية الفلسطينية!

 

الآن، ونتيجة الشذوذ الفكري الذي أصاب الوعي العربي منذ ما سمي بـ"النكبة" ونتيجة تراكم الأكاذيب حولها، أصبح (الإرهاب) الكنية الملتصقة بالعربي أينما حل في العالم. ورغم ما بذلته دول عربية كبيرة ومهمة مثل مصر والسعودية والأردن وبعض دول الخليج من جهود سياسية وثقافية لترميم علاقة العرب بالعالم، ومحاصرة ثقافة الإرهاب داخل المجتمعات العربية، حالف الفشل كل هذه الجهود لسبب واحد، هو أن عملية الإصلاح، الخارجية والداخلية، انطلقت من نفس مفهوم "النكبة" وكامتداد له. مما يثبت أن لا أمل في خلاص العرب من الإرهاب، كمحنة ثقافية وسياسية، إلاّ بإيجاد منطلقات مغايرة ورؤية جديدة بعيدة كلياً عن حيطان وأروقة المعبد الديني الذي شيده العرب في زمنهم الحديث وأطلقوا عليه اسم "النكبة"

 

أيضاً، ورغم اقتناع مسؤولين وزعماء ومثقفين وشخصيات عامة فلسطينية، لا يرقى أي شك إلى وطنيتها، بواقع وجود دولة إسرائيل، فإن الـ 80% من العرب الذين ذكرناهم لا يقبلون هذه الرؤية ويكفروّنها دينياً، يدغدغ عواطفهم ويقرع لهم طبول التشدد رؤساء دول في المنطقة، وأحزاب، وترعى الجامعة العربية، بشخوص أمنائها، جوقتهم الزاعقة، حيث يعتبرون اصطدام أي سيارتين في غزة أو الضفة الغربية مؤامرة من دولة إسرائيل على مصير العرب! لأن الجامعة، كمؤسسة، نشأت ككيان قومي مهمته الرئيسية تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بتحريف الحقائق لقمع الضمير العربي كلما أراد التفكير بحرية خارج "النكبة"، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الثقافية والاقتصادية يرفع المستوى المتدهور لحياة المجتمعات العربية.

 

إذن، لماذا تحول قرار التقسيم الذي أعطى لليهود دولة في أرض فلسطين إلى جانب دولة أخرى للعرب إلى "نكبة" تشرق كل يوم على المنطقة العربية وتغيب دون أن تحمل شعاعا صغيراً من ضوء ينير الطريق لشعوبها؟ وهل كان حق اليهود في أرض فلسطين أقل من حق العرب؟ وما هي الأسس التاريخية التي تدعم ترجيح حق على الآخر؟

 

أولاً: إذا كان مبدأ عدم الاعتراف بالآخر للاستحواذ على كامل حقوقه قد ساد الفتوحات الإسلامية منذ عهد عمر بن الخطاب جرياً على عادة ذاك الزمان، فإن هذا المبدأ قوبل بالنبذ ثم التحريم في بداية القرن الماضي نتيجة الحروب والنزاعات التي قاد إليها، ووضع المجتمع الدولي القوانين اللازمة لردعه في المبادئ العامة التي قامت عليها عصبة الأمم عام 1919، ثم تطورت روح هذه القوانين بما أضيف إليها من ملحقات وتفسيرات مع تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1946 لتتطابق وتنسجم مع العصر، وتعبر عن الأفكار العامة السائدة عن مفهوم سيادة الدول وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

 

إلاّ أن العرب، وبسبب توجههم العاطفي نحو الماضي، وتزمتهم للمعايير القديمة الذي حرَم عقليتهم من النزوع إلى معاصرة المراحل الزمنية كل في وقتها، جعلهم أسرى لمبدأ عدم الاعتراف بالآخر لإلغاء وجوده وبالتالي إنكار حقوقه. جراء ذلك تضررت حقوق ومصالح الطوائف والقوميات غير العربية التي عاشت بينهم: الأكراد، الأقباط، اليهود، وأقليات كثيرة اُلحقت بالعرب قبل 14 قرناً، وما زالت تُعامل بنفس قوانين فترة الغزو الإسلامي.

 

ورغم ما ينتجه وينميه مبدأ إنكار وجود الآخر وحقوقه من مظالم ونزاعات وحروب وعدم استقرار وتجارب مريرة تدفن المخاوف والأحقاد على مسافة قريبة من سطح البيئة الاجتماعية، التزم العرب موقفاً شوفينييا صريحاً وعنيداً في معالجة كل المشاكل التي نشأت في المنطقة مع اتساع ونضوج وعي الأقليات بحقوقها، وظهور مؤسسات دولية أقرت شرعية تلك الحقوق على ضوء المنطق والمفاهيم العامة للعصر.

 

أمثلة على ذلك:

 

1- الأكراد

أدى إنكار الدولة العراقية الحقوق القومية للأكراد، مدعومة من الجامعة العربية، إلى حروب تواصلت على مدى خمسين عاما، هي تقريباً ثلاثة أرباع عمر الدولة التي نشأت في العراق من دون جذور سيادية قوية تدعم ذلك النشوء بصورته وحدوده الأخير!

فبعد أن لفقت الأسباب الداعية إلى ضم إمارة البصرة إلى إمارة بغداد لقيام دولة جديدة في العراق، اقتضت مصالح الاستعمار البريطاني آنذاك إلحاق منطقة كبيرة من أراض مسكونة تاريخياً من قبل الأكراد بالدولة الحديثة ليكون حجم كيانها مناسباً لطموح الأمير فيصل بين الحسين، الذي رشح لإدارتها مقابل حماية مصالح بريطانيا في المنطقة.

 

وإمعاناً في إنكار حقوق الأكراد، قتل صدام حسين بين 1988 و1989 حوالي 180 ألف كردي في حملة إبادة منظمة أطلق عليها اسم "الأنفال"، ثم رش إحدى مدنهم (حلبجة) بغاز الخردل فقتل سكانها (5000 نسمة) ولزم الضمير العربي الصمت تجاه هذه المجازر البشرية، بينما اعتبرت الجامعة العربية بشخص رئيسها آنذاك (الشاذلي القليبي) كلام الصحف العالمية عما جرى كـ "مؤامرة استعمارية ضد العرب والنظام العراقي"! وفي سوريا يعتبر الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية يمنع عليهم ممارسة لغتهم وثقافتهم في العلن.

 

2- المسيحيون في مصر ولبنان

وما جرى للأكراد من تعسف قومي، حدث مثله للأقباط على شكل تزمت طائفي، وفي كلا السلوكين اعتمد العرب مبدأ إنكار وجود الآخر لتجريد حقوقه. فالأقباط الذين انصهر بهم العرب اجتماعياً، وانصهر الأقباط بهم بفعل عامل الزمن، ظلوا يكتشفون بين فترة وأخرى أن الانصهار مجرد قشرة رقيقة سرعان ما تتمزق لدى أي مطلب بالمساواة يشجع عليه تطور مفاهيم الشراكة داخل المجتمع الواحد. لذلك بقيت مصر، الدولة، في حالة توتر اجتماعي، يصعد إلى السطح ليزلزل القشرة الساكنة كلما أرادت الرغبة في الزعامة السياسية العربية أو الإسلامية تأكيد وجودها، أو عرض مطالبها.

 

وقد اتخذ التزمت الطائفي في مصر شكلاً حزبياً منظماً بظهور جماعة الأخوان المسلمين 1928، ليشق، عبر اسم الجماعة ومنهجها، المجتمع المصري إلى شقين متنافرين ومتعاديين اعتماداً على المبدأ الديني والسياسي العربي، الذي ينكر شرعية وجود الآخر غير المسلم وغير العربي ابتداءً من دخول الجيوش الإسلامية مصر عام 639.

 

ورغم اعتراف المؤرخين العرب بدور الخليط الديني والقومي غير العربي في إغناء الفكر والثقافة العربيين، بَيدَ أن الاعتراف بحقوقهم يتوقف ويتكسر عند أول صوت يتجاوز حلقة السكون المفروضة على الخليط كشرط لقبوله داخل الكيان العربي العام، المفكك سياسياً واقتصادياً، والموحد بوجه أي إشارة إلى وجود غير العرب، حتى لو كان وجوداً قوامه السكان الأصليين!

 

في لبنان، أدى وجود الميليشيات الفلسطينية المسلحة بناءً على قرار من الدول العربية إلى تشكيل ميليشيات لبنانية، سنيّة وشيعية مناصرة، رفعت جميعها شعار تحرير فلسطين، فروّعت المسيحيين بظهورها المسلح في الشوارع المكتظة باللبنانيين والسياح، مما أدى في النهاية إلى الاصطدام مع ميليشيات مسيحية تسلحت من قبل بدافع الخوف على حقوق الطوائف المسيحية من شعارات العرب القومية، فشهدت لبنان حرباً طائفية بشعة استمرت 15 عاماً، لم تنته إلا بحصول سوريا، التي لعبت دوراً قبيحاً مؤججا، على وصاية كاملة على شؤون لبنان وشعبه، اتخذت طابع الهيمنة الاستعمارية من النموذج البرتغالي المعروف تاريخيا بطغيانه.

 

في عام 2005، بعد تخلص اللبنانيين من تلك الهيمنة، عادت أسباب وغيوم حرب طائفية جديدة إلى البروز، لكن بأدوات أخرى، لا تبدي الجامعة العربية أي جهد مخلص لمنعها لسببين: الأول أن النظام السوري أيضاً يقف وراء التوتر الطائفي لإعادة هيمنته على لبنان. والثاني: أن حكومة الأغلبية الحالية التي ترفض عودة النفوذ السوري يمثل المسيحيون فيها النسبة الأكبر.

 

إذا كانت المؤسسات القومية العليا تمثل ضمير أمة ما، فإن مؤسسة كبيرة مثل الجامعة العربية قد أنشئت منذ البداية كمعبد لـ"النكبة" مهمته تنضيد البيانات والدراسات المشحونة بالتحريف، بدل أن تلعب دوراً خلاقاً في مجالات التنمية الاقتصادية والثقافية يرفع المستوى المتخلف لحياة المجتمعات العربية، وينظر بعين المساواة إلى كل الأعراق والأديان المنضوية تحت الكيانات التي تمثلها الجامعة!

 

كنا على الدوام نحلم أن يبلى ضميرنا العربي القومي من الكساح الذي ألم به منذ "النكبة" وينهض، لن نقول برؤى جديدة تسبق العصر الذي نعيش فيه، إنما على الأقل أن تكون رؤى مشرّفة وموازية لعصره! غير أن تلك الأحلام تمرغت في الوحل على يد مجموعة من الصحفيين والكتّاب وبعض المؤرخين العرب، عملوا على تشويه الحقائق ودبجوا تاريخاً ملفقاً وحزيناً للمنطقة على ضوء مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

3- اليهود:

ينظر العرب إلى القضية الفلسطينية كمشكلة في غاية التعقيد، وهي في واقع الأمر ليست كذلك إلا في عيون العرب، وعواطفهم، وفكرهم القومي والديني. وقد راكم العرب الادعاءات عن حقهم وحدهم في أرض فلسطين باشتقاق العديد من المطلقات اعتماداً على مراجع شفوية ومكتوبة دوّنها الغالب بعد الفتوحات الإسلامية، وحرم على أي شخص إعادة النظر فيها، عربياً كان أو أجنبياً. وعندما قبل العرب الاحتكام إلى الأمم المتحدة ومواثيقها لحل المشكلة الفلسطينية، وجدت مطلقاتهم تعارضاً صارخاً مع الوثائق التاريخية، المصفاة، التي بحوزة المنظمة الدولية الجديدة، لذلك ضيعوا عقوداً من الزمن في إصرارهم على صحة مستنداتهم غير المتطابقة مع تاريخ المنطقة المعترف به رسميا، المعتمد على الشواهد العينية الباتة (البراهين الأثرية غي أرض فلسطين) وما ورد في الكتب السماوية الثلاثة، وما ذكره مؤرخو روما، وقبلهم مؤرخو اليونان، وبعدهم مؤرخو اليهود، والدراسات التاريخية الحديثة.

 

قبل أن يأمر الإمبراطور أدريان (132.م) بتدمير مملكة يهودا بسبب ثورة اليهود، ومحو اسمها بإطلاق اسم (فلسطين) على المنطقة الجنوبية، لم تكن هناك أرض اسمها فلسطين. والفلسطينيون قوم جاءوا من جزيرة كريت اليونانية وأقاموا بضع آلاف من السنين جنوب صور حتى الزاوية السفلى لشرق البحر المتوسط، ثم انقرضوا كما انقرضت بلايين الأحياء من البشر (الأقوام) والحيوانات والحشرات والنباتات لأسباب جينية لم تكن معروفة في ذلك الزمان.

 

وقد دخل اليهود هذه المنطقة في عهد داود حوالي الألف الأول قبل الميلاد، وأعادوا بناء مدينة أورشليم بعد طرد اليبوسيين. واليبوسيون شعب من الحثيين وصلوا إلى فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية الحثية التي قامت في شمال تركيا الحالية في حوال القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ويقال إنهم بنوا حصناً خارج أورشليم أطلقوا عليه (صهيون) وبنوا سوراً حول المدينة. وقبل الحثيين سكن أورشليم أو استولى عليها الحوريون الذين جاءوا من الأناضول. وقبلهم الحبيرو وهم خليط من الشعوب من الساميين وغير الساميين يقال إنهم قبائل غير مستقرة ممن يبحثون عن مصادر الرزق، أشارت إليهم ألواح مصرية وورد ذكرهم في التوراة. وذكر المؤرخ اليوناني هيرودت أن الأموريين (الحبيريون) دخلوا هذه الأرض مبكراً جداً، وهم من أصول سومرية جاءوا من جنوب العراق، ومنهم ظهر الفينيقيون الذين تركوا آثاراً على سواحل الخليج العربي الغربية إلى أن وصلوا لبنان. ثم جاء اليونانيون بعد زحف الأسكندر المقدوني على الشرق. بعدهم احتل القائد الروماني بومبيَ جميع السواحل الغربية للبحر الأحمر، وكان لليونانيين والرومان علاقات بملوك الفراعنة في مصر، حيث تذهب رسلهم وقوافلهم إلى الإسكندرية عبر الطريق الساحلي الجنوبي، وعلى هذا الطريق نشأت نقاط توقف عديدة منها مدينة غزة، التي تجمع فيها خليط من المصريين والفينيقيين وبدو سيناء وقليل من عرب الجزيرة من التجار أو طالبي الرزق.

 

وعندما دخل داود وقومه قادمين من أرض ما بين النهرين، أعاد تشييد مدينة أورشليم وبنى أول هيكل لليهود، وقام ابنه سليمان من بعده بتوسيع المدينة وأعاد بناء الهيكل بمساعدة (حيرام) ملك صور ليصبح إحدى معجزات تلك الفترة في جماله ومتانة بنيانه، ورمم معبد الصخرة، وكان مزاراً ومكان صلاة للوثنيين ثم للأنبياء اليهود. وكانت أورشليم مدينة للعبادة الوثنية والسماوية تقدم فيها القرابين المذبوحة، وهي العادة التي التزم بها الإسلام بعد ذلك.

 

بعد 250 سنة على إقامتهم في المنطقة، أسس اليهود مملكة إسرائيل التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتين: السامرة في الشمال ومملكة يهودا في الجنوب، وأصبحت أورشليم مدينة مزدهرة ثقافياً وتجارياً، يقطنها خليط من اليهود واليونانيين والرومان والفرس والفينيقيين والبابليين ونسبة قليلة جداً من تجار الجزيرة العرب لم يكن وجودهم يتميز بشيء ما.

 

وكان إبراهيم (إبرام) الذي يعترف العرب بأبوته لهم ولليهود، شيد أربعة جدران في مكة وضع فيها الوثن الذي كان يعبده هو وقومه، والوثن عبارة عن حجر أسود صقيل أصبح العرب يعبدونه أيضاً، وبعد ظهور الإسلام لم يفكر النبي محمد بإزالته واعتبره رمزاً للإله وبقي العرب يتبركون به حتى اليوم.

 

وتقيم في الجزيرة العربية إحدى عشر قبيلة يهودية، لا يفترق أبناؤها عن بقية القبائل العربية في العادات والتقاليد. ويذكر أن العديد منهم أسلم خوفاً من بطش المسلمين بعد نمو قوتهم العسكرية. وقد مدح النبي محمد اليهود لاستمالتهم في فترة ضعفه، ثم ذمهم وشتمهم ولعنهم وقتل الكثير منهم في واقعة (خيبر) لأن اليهودية والمسيحية اللتين انتشرتا في الجزيرة كانت تنافس الإسلام على قلوب القبائل العربية الوثنية. وعاش اليهود في قلب الجزيرة وفي أطرافها، اليمن – البحرين – العراق – مصر، وانتشروا في جنوب أوربا، اليونان والإمبراطورية الرومانية، ووصلوا حتى إنكلترا مع المد الروماني.

 

ودمر الرومان أورشليم والهيكل عام 70 بعد الميلاد بسبب ثورة اليهود على التسلط الروماني، وكانوا قاموا بثورتين سابقتين الأولى ضد السيطرة اليونانية، والثانية ضد السيطرة الرومانية، لكننا لم نسمع عن ثورة قام بها العرب ضد أحد من الأقوام والممالك والإمبراطوريات التي حلت وعاشت بتلك الأرض التي تمتد من جنوب تركيا حتى مدينة الخليل في الجنوب، لأن العرب ببساطة لم يكونوا هناك حتى الأيام الأولى لفتح الجيوش العربية دمشق على يد خالد بن الوليد، ثم بعد معركة اليرموك (636 ميلادية) التي خسر فيها البيزنطينيون كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم على الساحل الشرقي للبحر الأحمر (سوريا ولبنان وفلسطين) يومها فقط دخل العرب بالآلاف إلى فلسطين وبقية بلدان الساحل. وفي عام 638 دخل الخليفة عمر بن الخطاب أورشليم وأطلق على المدينة اسم (القدس) وأعطى سكانها (كانوا آنئذ مسيحيين ويهود ووثنيين من الآراميين والعموريين والكنعانيين واليبوسيين) عهداً خطياً سمي بـ "العهدة العمرية" ترك لهم بموجبه كنائسهم ومعابدهم وأملاكهم وأموالهم، لكن العهد وضع عليهم قيوداً حرمتهم من التساوي مع السكان العرب الجدد.

 

وبعد استيلاء الصليبيين على تلك البلدان الساحلية ووصولهم أورشليم (1099) انسحبت أعداد كبيرة من المسلمين إلى الجزيرة العربية ومصر، ثم عادوا إليها وهذه المرة مع أعداد غفيرة من أفراد القبائل العربية لحماية أورشليم من أي غزوات جديدة بعد تحريرها من الصليبيين (1187)

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا،تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، واكتشف راعي صبي من الأردن في بداية القرن التاسع عشر مخطوطات مكتوبة على لفائف (Scrolls) باللغة العبرية في كهف قرب مدينة (كمران) على البحر الميت تتحدث عن الفترة التي ظهر فيها المسيح ويوحنا المعمدان، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفداتوحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وبالإضافة إلى أورشليم، شيد اليهود مجموعة كبيرة من المدن والقلاع العسكرية مثل طبريا، تصيبوري، غاملا وقلعتا هيروديون ومتسادا التي قاوم فيها اليهود حصاراً للرومان استمر ستة أشهر، انتحروا جميعهم بعدها لكي لا يقعوا أحياءً بيد الرومان، وشيدوا الكنيس اليهودي في بلدة كاتسرين بهضبة الجولان. واكتشفت مواقع لها علاقة بحياة المسيح في كفر ناحوم والطابغة، وتم اكتشاف المواقع الأثرية للمدن البيزنطية والرومانية- قيصريا وبيسان وبنياس وكذلك بلدات النقب عوفدات وحالوتصا ومامشيت. لكن، من بين جميع هذه الآثار لا يوجد أثر واحد شيده العرب خلال كل تلك الفترات! فكيف حدث هذا إذا كانت أرض فلسطين عربية من الناحية التاريخية؟

 

وحتى القرن الثاني للميلاد لم تكن قبائل الجزيرة العربية قد أسست لها خصائص ثقافية تميزها كقومية عن القوميات المجاورة، الفينيقية، الفارسية، الفرعونية، والسومرية، والبابلية، واليهودية على وجه الخصوص. وعندما اشتقت قبائل الجزيرة جزءً من اللغة الآرامية السائدة آنذاك في عموم المنطقة، وأسست لها لغة جديدة تطورت بسرعة (العربية) برزت القومية العربية إلى الوجود للمرة الأولى.

 

نأتي الآن إلى حكاية المسجد الأقصى، الذي يعتبره المسلمون العرب مكاناً دينياً خصهم الله به منذ آدم، ويطلقون عليه "الحرم القدسي الشريف" ويضم الحرم مجموعة أماكن للعبادة من بينها مسجد قبة الصخرة الذي شيده عبد الملك بن مروان في القرن السابع الميلادي، أي بعد 72 سنة من الفتح الإسلامي، ويقع هذا المجمع الديني فوق صخرة بارزة في أعلى جبل "موريا" ويضم ثلاثة معابد قديمة لليهود وأماكن عبادة مسيحية منها "مهد عيسى" وشيد مسجد قبة الصخرة الثماني الأضلاع في موقع كان يضم كنيسة بيزنطية قديمة، قريبة من مكان هيكل سليمان الذي هدمه الرومان سنة 70 بعد الميلاد.

 

وإذ يعتبر غالبية المسلمين "الحرم القدسي" موقعاً إسلامياً لا يشاركهم أحد الحق فيه، فإنهم لا يعرفون عن وجود أماكن عبادة يهودية ومسيحية داخل سور الحرم أقدم من مسجد قبة الصخرة. ويعود اهتمام الخليفة مروان بتشييد المسجد بهذا الشكل الفخم إلى ثورة مصعب بن الزبير وأخيه وسيطرتهما على مكة، إذ أراد مروان تحويل المسلمين من زيارة الكعبة إلى زيارة مسجد القبة كبديل للرمز الديني القديم للدولة الإسلامية.

 

ويتبجح العرب كثيراً في تسامحهم ومعاملتهم الحسنة لليهود والمسيحيين الذي وقعوا تحت سيطرة المسلمين بعد الفتح الإسلامي، وهذا الكلام جزء من التحريف الذي بنى عليه العرب ثقافتهم الدينية والقومية، وما برح الكتاّب والمؤرخون في المنطقة يراكمون على أساسه صفحات إنشائية دوّنت تلك الفترة بحبر زئبقي. لأن الحقيقة تؤكد عكس هذه الادعاءات، إذ أن ميثاق (العهدة العمرية) خير اليهود والمسيحيين بين ترك ديانتهم والتحول إلى الإسلام، وبين دفع ضريبة مقابل إقامتهم وعدم التعامل معهم كذميين لا حماية قانونية لحياتهم وأملاكهم في أرضهم الأصلية. وسمح لهما القيام بأنشطة دينية عمومية، وبناء معابد جديدة أو إصلاح القديم منها بأذن الحاكم الإسلامي لكن بشروط كثيرة. وفي الفترات التالية اشترط المسلمون على أصحاب الديانتين عدم رفع أصواتهم أثناء الصلاة، وأداء صلواتهم وشعائرهم الدينية في أماكن مغلقة لا تسمح بانتباه المارة. ومنعوا عليهم حمل السلاح، وركوب الخيول المسرجة، وبناء بيوت أكبر من بيوت المسلمين. وهم مطالبون بإظهار الاحترام للمسلم مثل القيام من مكان جلوسهم إذا رغب المسلم الجلوس فيه. وحرموا من الوظيفة الحكومية ومن المراكز العمومية الحساسة.

 

وقد أشاعت الآيات التي لعنت اليهود وشككت في كتابهم رغبة واسعة بين العرب في التكبر على اليهود المقيمين بينهم، وإذلالهم واضطهادهم حتى عندما لا يتوفر السبب لذلك. وبمرور الزمن دفعت هذه المعاملة اليهود إلى الخروج من مدنهم وأرضهم بأعداد كبيرة، والرحيل إلى تركيا ودول أوربا وبلدان غرب آسيا حتى روسيا. ومن بقي منهم حتى القرن التاسع عشر ظل مهمشاً، يحيى بين العرب مثل مذنب في أرض غريبة.

 

وبعد بناء سور يضم أماكن العبادة اليهودية والمسيحية والإسلامية في الحرم القدسي، حُرم على اليهود الوصول إلى معابدهم داخل الحرم، واُجبر الحاخامات على إصدار تحريم ديني يمنع أبناء دينهم من دخول الحرم حتى ظهور "المهدي" وهو هنا مهدي اليهود وليس مهدي أحمدي نجاد.

 

ويدعي العرب أن حائط المبكى أصبح ملكاً لهم لأن النبي محمد ربط دابة "البراق" في إحدى عراه عندما "أسرى به الله" من المسجد الحرام في مكة ليصلي في معبد الأقصى في أورشليم. ويسمي العرب معبد الصخرة "مسجد الصخرة" قبل أن تبنى المساجد خارج المدينة ومكة في المملكة السعودية الحالية. ورغم أن حكاية الإسراء مشكوك في واقعيتها، إلاّ أن تاريخ العرب بعد الإسلام احتوى من الغرائب ما يعطى الحق لدابة بالاستحواذ على حائط يبلغ وزنه أكثر من ألفي طن وإلحاقه بالعقارات الإسلامية! وهذا نموذج واحد من آلاف الخرافات التي وضعها المتعصبون واستخفوا بها بالعقل العربي.

الخلاصة:

1- الوقائع التاريخية المذكورة أعلاه مدوّنة في كتب التاريخ اليونانية والرومانية، وتطرق إليها المؤرخون العرب بلا تفاصيل واسعة وكأخبار متداولة في الجزيرة العربية والبلدان المجاورة لها، وثبتها أهم ثلاثة مؤرخين في القرن العشرين (توينبي، شبنغلر، ديورانت وزوجته) بعد تحليل دقيق وموضوعي، وأشار إليها (المنجد) بشكل ملخص، وجميعها تؤكد الوجود التاريخي والحضاري والثقافي الكثيف لليهود في أرض فلسطين وبقية دول الشرق الأوسط، قبل وبعد الفتح الإسلامي.

 

2- بعد صدور قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، الذي نص على أن تقوم دولة إسرائيل على 55% من أرض فلسطين وتقوم الدولة العربية على الباقي وان تقع مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، رفض العرب الاعتراف بقرار التقسيم، ورفضوا بذلك دولة جعلها القرار المذكور من حق الفلسطينيين والعرب ليحقق التوازن القانوني والتاريخي. وسمى العرب القرار بـ"النكبة" واشتركت دولهم الحديثة التي تأسست قبل إسرائيل ببضع سنين في أول حرب نظامية مع إسرائيل تخللتها مناوشات عصابات شكلها فلسطينيون وعرب قدموا من أقرب إلى أبعد المناطق العربية انتهت بخسارتهم. وإمعاناً في الخطأ أقام العرب للفلسطينيين الذي خرجوا أثناء الحرب وبعدها مخيمات يعيشون فيها، ليدللوا على أن اليهود جاءوا من الشتات في أرجاء العالم إلى فلسطين وهجّروا سكانها الأصليين.

 

3- لا أقول إن الأديان الأخرى بريئة من التعصب عندما يستخدمها البشر لتحقيق أهداف دنيوية، بَيدَ أن الثقافة الدينية للعرب، ثم خرافة "النكبة" سمحت بوجود خفافيش ما إن تظهر أسنانها اللبنية حتى تلتهم الثدي الذي ترضع منه. فلبنان والعراق وغزة هي دول ومناطق تتحلل وتتفسخ وتنقل عوامل تفسخها إلى الدول الأخرى على يد عرب، حولتهم الرغبة في التعصب والزعامة إلى ضباع هيجها العفن المنبعث من مفهوم "النكبة" فراحت تؤجج الحروب الطائفية والنزاعات الدينية والخلافات الاجتماعية، وترعى الاغتيالات السياسية وتملأ الأنفاق والبيوت بالأسلحة والذخائر بما يكفي انفجارها لإزالة بلد بأكمله إذا لم يَلن شعبها (من لان) لأنيابهم الحيوانية.

 

4- حين تعرضت شيخوخته للغدر على يد من تساهل مع أخطائهم المقيتة، كان الرئيس محمود عباس أول زعيم فلسطيني يعترف بأن كنيسة المسيحيين في غزة التي تعرضت إلى النهب والسلب من قبل عصابات حماس موجودة قبل أن "نأتي إلى غزة" وهو يعني "نحن الفلسطينيين" وبالذات سكان غزة الحاليين الذين جاءوا إليها بعد الفتح الإسلامي كخليط من بدو سيناء وبدو الجزيرة العربية، ومن أصول أخرى غير معروفة جذبتهم ثروة الدولة الإسلامية الجديدة من بلاد فارس إلى جنوب اثيوبيا، وفرضوا سيطرتهم على سكانها الأصليين من مسيحيين ويهود وفينيقيين وبيزنطيين وبقايا السومريين!

5- لن أوجه النقد إلى إسرائيل وتصرفات حكوماتها إزاء عملية السلام من أجل إرضاء غرور العرب وإشباع نهمهم التقليدي إلى شتم أعدائهم وخصومهم ، وإنكار أخطائهم القاتلة، بل أترك هذا للمطلعين على ملفات الموضوع مثل اللجنة الرباعية، والرؤساء العرب والغربيين ممن يعرفون حقائق الأمور ولا تسمح لهم أخلاقهم بتزويرها!

 

6- منعاً لسفك المزيد من الدماء البريئة التي سقطت من بين العرب وعلى يد عرب آخرين، ومنعاً لتحوّل التدهور الحاصل في لبنان والعراق وغزة والضفة الغربية إلى غرق كامل يمتد ليشمل جميع الدول والمجتمعات العربية، المطلوب من العرب الآن إعادة النظر في مسألة "النكبة" وتقديم رؤى جديدة وشجاعة لمصير المنطقة وسكانها، تعترف فيها علناً بحق اليهود المشروع في دولتهم على ضوء الحقائق التاريخية وليس استناداً إلى الكتابات الغاضبة الغوغائية التي أفرزتها وأدلجتها أضغاث الوعي المركب، المبني على الأكاذيب والتحريف والتزوير نتيجة مبدأ عدم الاعتراف بالآخر.

 

الأهم من ذلك، ولتعزيز الرؤى الجديدة المطلوبة، يجب التزام مبدأ التشهير، رسمياً، بالأفراد والفئات والجماعات والأحزاب الدينية والسياسية والأنظمة الشمولية التي أسست مجدها وزعامتها الخاوية انطلاقاً من مفهوم "النكبة" المنفتح دائماً على استيعاب المزيد من الادعاءات والأكاذيب.

 

وذلك، للخروج على العالم بوجه عربي حديث، وقيم أخلاقية لا تجيز للعربي، تحت أي ذريعة، ظلم أبنائه وأخوته والمختلف معهم دينياً أو قومياً أو أيديولوجياً.

  

 

[1] تقابل الكِفاف في العربية، وتعني أيضاً الشكل التطريزي للحاشية، وبالنسبة للحجر هي أشكال الخطوط التي تمثل، عمودياً، الطبقات الزمنية لعمر الحجر.

 

لقراءة المقال الأصلي، إضغط هنا.

Partager cet article
Repost0
9 avril 2012 1 09 /04 /avril /2012 15:08
Révision ou arrêt des poursuites contre les "athés" Mehdia

 

Sakharov-680.jpg

 

NON A LA DICTATURE RELIGIEUSE!!

 

Human Right Watch:

(Tunis) – La peine de prison de sept ans prononcée le 28 mars 2012 contre deux Tunisiens pour avoir publié des écrits perçus comme offensants envers l’islam illustre la nécessité d’abroger les lois répressives datant de l’ère Ben Ali, a déclaré Human Rights Watch aujourd’hui.


L’un des hommes condamnés, Ghazi Ben Mohamed Beji, a publié en juillet 2011 un extrait intitulé L’Illusion de l’islam, tiré d’un essai qu’il avait écrit et diffusé sur www.scribd.com, un site libre dédié au partage de publications. Dans l’introduction, il écrit que son intention est de montrer « le visage répugnant de l’islam ». L’essai traite de façon satirique de certains aspects de la biographie du prophète Mohammed, tournant en dérision sa vie sexuelle en termes crus. L’autre homme, Jabeur Ben Abdallah Mejri, a publié des photos sur sa page Facebook, contenant des caricatures du prophète tirées du livre de Beji, ainsi que des écrits satiriques sur l’islam et le prophète. 

« Tant que ces lois répressives de l’ère Ben Ali sont en vigueur, les autorités seront tentées de les utiliser à chaque fois que cela les arrange politiquement », a déclaré Sarah Leah Whitson, directrice de la division Moyen-Orient et Afrique du Nord à Human Rights Watch.

Le Tribunal de première instance de la ville de Mahdia a prononcé les peines de prison assorties d’amendes s’élevant à 1 200 dinars tunisiens (790 dollars US). Les hommes, tous deux âgés de 28 ans, ont été inculpés et condamnés ensemble par le tribunal de Mahdia pour avoir publié des documents « de nature à nuire à l'ordre public ou aux bonnes mœurs » en vertu de l’article 121(3) du code pénal, un article adopté par les législateurs en 2001.

Mejri est en prison à Mahdia depuis le 5 mars. Beji, qui a fui en Europe le 9 mars, a été condamné par contumace.

L’affaire est au moins la troisième dans laquelle les autorités ont introduit des chefs d’inculpation relevant d’un discours jugé insultant envers l’islam ou la moralité, depuis que la nouvelle Assemblée nationale constituante du pays s’est réunie en novembre 2011. 

Les poursuites contre Mejri et Beji faisaient suite à une plainte déposée le 3 mars par Foued Cheikh Zaouali, un avocat de la ville de Mahdia. Il a soutenu que Mejri avait « porté atteinte au prophète par des photos et des écrits, ainsi qu’aux valeurs sacrées de l’islam, causant une fitna (division) entre les musulmans ». L’avocat a déclaré à Human Rights Watch qu’il avait déposé plainte après avoir consulté la page Facebook de Mejri et y avoir trouvé les caricatures. La plainte originelle ne concernait que Mejri, qui a été arrêté le 5 mars et a comparu devant le juge d’instruction le même jour.

Dans le procès-verbal de l’interrogatoire de Mejri, obtenu par Human Rights Watch, celui-ci a déclaré que les photos et les écrits de sa page Facebook reflétaient son athéisme et le fait qu’il ne croyait pas en l’islam. Lors d’une seconde comparution devant le juge d’instruction le 7 mars, Mejri a déclaré qu’il avait intentionnellement porté atteinte à l’image du prophète et de l’islam en publiant des dessins que lui avait fourni Beji, un des ses amis, et il s’en est excusé, d’après le procès-verbal.

Le 9 mars, la Cour de première instance de Mahdia a ouvert une enquête criminelle contre Mejri et Beji pour avoir « nui à l'ordre public et aux bonnes mœurs » en vertu des articles121(3) et 226 du code pénal, ainsi que de l’article 86 du code des télécommunications.

L’article 121(3) du code pénal définit comme un délit « la distribution, la mise en vente, l'exposition aux regards du public et la détention, en vue de la distribution, de la vente, de l'exposition dans un but de propagande, de tracts, bulletins et papillons d'origine étrangère ou non, de nature à nuire à l'ordre public ou aux bonnes mœurs ». L’article 226 énonce qu’une personne portant atteinte aux bonnes mœurs en s’étant « sciemment, rendu coupable d'outrage public à la pudeur » est passible d’une peine de prison. L’article 86 du code des télécommunications, adopté en 2001, prévoit une peine de prison de un à deux ans et une amende pouvant atteindre 1 000 dinars pour quiconque « nuit aux tiers ou perturbe leur quiétude à travers les réseaux publics des télécommunications ». 

Beji avait déjà rencontré des problèmes à cause de ses déclarations et de son comportement reflétant ses opinions athées. Il a déclaré à Human Rights Watch par téléphone :

Le 5 mars, un parent m’a informé que mon ami Jabeur Mejri avait été arrêté à Mahdia à cause de ses écrits jugés blasphématoires. J’ai décidé de m’enfuir en Libye, mais je n’y suis resté qu’un seul jour, car la situation là-bas ne me semblait pas sûre. Donc je suis retourné en Tunisie. Le 9 mars, j’étais chez mes grands-parents quand ma mère a appelé pour m’avertir de ne pas rentrer à la maison car la police fouillait notre maison et me cherchait. J’ai décidé de m’échapper.

J’étais déjà inquiet pour ma sécurité, car quelques semaines auparavant, j’avais commencé à recevoir des menaces via des coups de téléphone anonymes et à me faire insulter dans la rue. Je me sentais comme un paria et mes amis m’ont tourné le dos. Je suis d’abord parti en Algérie, mais je ne me sentais pas en sécurité là-bas, donc j’ai décidé de partir en Turquie, et de là en Europe.


Beji, qui est agronome, a déclaré qu’il avait décidé d’écrire son livre après avoir été licencié de son travail dans une gare ferroviaire, puis d’un emploi dans une usine. Il attribue ces deux licenciements à des collègues qui n’acceptaient pas son athéisme, ses remarques critiques sur l’islam, et son refus de jeûner pendant le mois de ramadan. 

Jugé par contumace, Beji a droit d’après la loi tunisienne à un nouveau procès, s’il se rend aux autorités. Toutefois, le juge pourrait décider de le placer en détention provisoire, comme il l’a fait dans le cas de Mejri. Mejri a depuis fait appel de ce jugement.

Dans une autre affaire impliquant des actes d’expression jugés insultants, Nasreddine Ben Saïda, directeur du quotidien Ettounsiyyaa passé une semaine en détention provisoire en février, avant d’être condamné, le 8 mars, à payer une amende de 1 000 dinars (657 dollars US) pour avoir publié une photo d’une star du football posant avec sa petite amie à moitié nue.

Les autorités ont également continué à poursuivre Nabil Karoui, directeur de Nessma TV, en vertu de l’article 121(3) du code pénal, pour avoir diffusé le film d’animation Persépolis, qui contient une représentation picturale de Dieu, interdite par l’Islam selon de nombreux musulmans. Inculpé depuis octobre 2011, Karoui est resté en liberté provisoire, tandis que son procès a connu de nombreux reports.  

Selon le Pacte international relatif aux droits civils et politiques (PIDCP), les gouvernements ne peuvent restreindre le droit à la libre expression que pour protéger la moralité publique, si la restriction répond strictement aux critères de nécessité et de proportionnalité, et n’est pas discriminatoire, y compris sur les plans de la religion ou de la croyance. Pourtant, les lois que les autorités tunisiennes ont utilisées pour poursuivre de tels actes d’expression sont trop larges et leur ont permis de punir des gens pour leurs discours sur le seul motif qu’ils étaient jugés insultants envers l’islam.

Le comité des droits de l’Homme des Nations Unies, dans ses commentaires généraux sur l’article 19 du PIDCP, a considéré que le droit à la libre expression protège les discours qui pourraient être jugés insultants ou blessants par les fidèles d’une religion particulière, à moins que ces discours reviennent à un « appel à la haine nationale, raciale ou religieuse qui constitue une incitation à la discrimination, à l'hostilité ou à la violence ». Le comité des droits de l’Homme fait autorité pour interpréter le PIDCP. 

Sur le droit à la liberté de religion et de conscience – énoncé dans l’article 18 du PIDCP – le comité des droits de l’Homme a affirmé en 1993 que l’article 18 protégeait « les convictions théistes, non théistes et athées, ainsi que le droit de ne professer aucune religion ou conviction ».

L’Assemblée nationale constituante est en cours de rédaction d’une nouvelle constitution qui établira les principes selon lesquels les lois du pays seront éventuellement révisées. 

« Mejri et Beji ont peut-être choqué certains Tunisiens par leurs publications, mais ce n’est pas une raison de les emprisonner », a déclaré Sarah Leah Whitson. « L’Assemblée nationale constituante devrait rédiger une constitution intégrant de solides garanties à l’égard de la liberté d’expression et de conscience, qui fourniront une base solide pour abolir la peine d’emprisonnement visant les délits d’expression non violents. »



Mahammedi-Bouzina Samira

 

 

 

Signez la pétition sur le site Petitons24.com: Cliquez ici

 

 

 

 

.

Partager cet article
Repost0
20 janvier 2012 5 20 /01 /janvier /2012 20:01

Source: TunisiaIT.com

 

 

mar.17.01.12
Nabil Karoui, patron de la première chaîne du Maghreb, Nessma TV. raconte à nos confrère delesoir-echos.com comment la chaîne a vécu, de l’intérieur, la fuite du dictateur Ben Ali. Interview !

Comment avez-vous vécu la révolution à l’intérieur de la chaîne ?

Avant la chute de Ben Ali, nous étions soumis à une licence, très restrictive, car il fallait parler ni de politique, ni de social, ni de rien; on était donc une chaîne d’entertainment. Ça marchait plutôt bien. Lorsque les événements ont éclaté en Tunisie, on était très peinés car on voyait ce qui se passait, tout le monde était sur Facebook, on voyait les vidéos des manifestants, et celles de nombreux morts, sauf que quand on allait à l’antenne, c’était très soft, car on était tenu en laisse. Quatre jours avant le 30 décembre, un responsable m’appelle pour me dire que le président te demande de faire une émission pour contrecarrer France 24 et Al Jazeera qui « vendent des bobards sur la Tunisie » : complot étranger, terrorisme, bref un classique de tous les tyrans. Je lui ai dit que je n’avais pas de journalistes formés pour ce travail, pour qu’il me lâche la grappe. Le problème c’est qu’il avait insisté, ils voulaient profiter de notre notoriété, surtout qu’on n’avait pas d’antécédents « Benaliesques ». Le lendemain, je leur ai donné mes conditions, qui étaient d’avoir une autorisation de tournage à Sidi Bouzid.

Quelle avait été leur réaction ?

Le ministre de la Communication de l’époque était horrifié, et moi soulagé. Mais le soir même, j’ai obtenu l’accord. J’avais alors envoyé un journaliste sur place, le 30, nous avons diffusé l’émission. Ben Ali s’attendait à ce qu’on lui lèche les pieds. Mais l’émission était tout sauf élogieuse envers lui. L’émission a été un véritable tremblement de terre, d’autant plus que le lendemain, plusieurs journaux ont profité de l’occasion pour oser, à leur tour. Le pouvoir était, du coup, terrifié. J’ai été convoqué par le procureur, je devais aller en prison le 10 janvier, et la chaîne devait être remise à mon associé. Mais bon, le mal était déjà fait.

Qu’en est-il du 14 janvier ?

Arrivé le 14, nous qui n’avions jamais fait de news, avions enchaîné plus de 12 heures de direct. Et deux mois durant, nous passions entre six et huit heures de direct par jour. Nous avions dû convertir toute notre équipe, ceux qui faisant du divertissement ont dû, malgré eux, faire de la politique. Et comme c’était le couvre-feu, on dormait à 300 ici, invités comme journalistes. C’était un vrai squat. On devait faire des réunions de rédaction à 2h du matin. C’était à ce moment où on avait pris une espèce de pouvoir médiatique dans le pays, parce qu’Al Jazeera et France 24 avaient perdu leur attrait.

Est-ce qu’on pourrait voir un jour la création d’une chaîne 100% news appartenant à Nessma ?

Non, ce n’est pas notre vocation. Entre nous, l’information ne rapporte que « sdaa rass ». Je vous parle en business man, il n’y a aucune chaîne d’information qui gagne de l’argent. Derrière France 24, il y a le gouvernement français, et derrière Al Jazeera il y a l’émir du Qatar, et moi j’ai qui derrière ? Pour gagner ma vie, je préfère diffuser la Coupe d’Afrique ou la Star Academy, c’est beaucoup plus lucratif. Malgré tout, contre notre plein gré, on se trouve encore obligé à faire des news, surtout après ce qui s’est passé le 14 octobre, on est tout à coup devenu une icône de la liberté.

Vous parlez de la diffusion de Persepolis ?
Oui, on vient de faire une étude récemment. Il en ressort que les principales forces politiques en Tunisie sont Ennahda et Nessma (rires). C’est incroyable. On est devenu un parti politique sans le vouloir. En fait, le modèle de société moderniste qu’on défend au Maghreb est tout le contraire de ce que souhaitent faire les islamistes.

Vous n’êtes pas très optimiste !

Je suis réaliste. On n’est pas en train d’aller vers la Tunisie démocratique qu’on voulait. Ils ont gagné par leurs urnes, tant mieux pour eux. En fait, le vrai problème que nous, les Arabes, avons, c’est qu’on ne nous pas appris ce mot magique : « l’alternance ». Et il n’y a pas de démocratie dans alternance. On est plutôt habitué à l’alternance dans le foot, mais pas en politique. En plus de cela, ceux qui sont dans le gouvernement sont toujours membres de la Constituante, alors que normalement ils devraient céder leurs fauteuils. Tout cela est un mauvais signe pour l’avenir démocratique. Il y a un grave problème de gouvernance et de conflit d’intérêt. Il ne faut pas oublier que ce n’est qu’un gouvernement transitoire, ce ne sont pas des Législatives qui se sont déroulées, or ils se croient vainqueurs des Législatives.

Est-ce que vous avez des lignes rouges ?

Bien sûr. Ce sont les lignes rouges de la société. On est dans un pays arabe et musulman. Nous sommes une chaîne maghrébine, mon objectif c’est qu’on soit une chaîne familiale, grand public. Notre but n’est pas de choquer. Mais je veux que ce soit une chaîne moderne. On est une chaîne généraliste grand-public, mais on maintient notre idéal moderniste. Une dernière chose. Le 23 janvier, je passerai au tribunal, et je risquerai 3 ans de prison. Je n’aurai jamais dû passer au tribunal, car ça n’a pas de sens. Tout cela parce que j’ai diffusé un film, alors que le film a eu une autorisation pour être diffusé dans les salles tunisiennes. La version tunisienne de Persepolis a été financée par une association de femmes tunisiennes. Ceux qui doivent être en prison ce n’est pas moi, ce sont ceux qui ont voulu saccager les locaux de la chaîne et ceux qui ont attaqué mon domicile. Les gens qui ont brûlé ma maison ont été relaxés. Le problème c’est que mon procès est le premier procès politique depuis le départ de Ben Ali. J’ai 600 avocats contre moi, et dans une seule plainte, tenez-vous bien, il y a 150 000 personnes contre moi. Je vais bientôt entrer dans le Guiness book.

 


Réda MOUHSINE

Partager cet article
Repost0
20 janvier 2012 5 20 /01 /janvier /2012 19:53

En réponse à Hacen Rémaoun, Addi Lahouari a publié dans l’édition de dimanche du Soir d’Algérie une contribution qui appelle quelques remarques.
L’article final de la Déclaration universelle des droits de l’homme (DUDH) traduit la crainte, qu’avaient ses rédacteurs,que tel droit ou telle disposition consigné dans ce document soit instrumentalisé à l’encontre d’une partie ou de l’ensemble des droits qui y sont énoncés. D’où l’anticipation posée en son article 30. Pour parer au risque décrit, ils apposent un véritable «scellé» en clôture de la déclaration : «Aucune disposition de la présente Déclaration ne peut être interprétée comme impliquant pour un État, un groupement ou un individu un droit quelconque de se livrer à une activité ou d’accomplir un acte visant à la destruction des droits et libertés qui y sont énoncés. » La contribution d’A. Lahouari publiée dans le Soir d’Algérie illustre parfaitement la pertinence de cet article 30. Il nous faut considérer le plaidoyer de A. Lahouari non seulement dans sa pertinente condamnation de principe de la torture et du rejet sans appel qui en découle, mais aussi dans la finalité qu’il donne à cette condamnation. Son argumentaire, s’il est recevable dans sa critique de l’autoritarisme de l’État, ne l’est absolument pas dans son obstination à(re)légitimer les attitudes conciliantes à l’égard de l’obscurantisme islamiste. Il n’y a que l’auteur, lui-même, pour croire que sa contribution peut passer pour un avis exprimé avec la rigueur de l’universitaire, et que son caractère partisan étroit, dissimulé et camouflé échappera aux lecteurs. Ce n’est pas la première fois que le promoteur de la thèse de la fécondité de la régression islamiste mobilise «sa science» pour enrober des positionnements politiques conciliants avec l’islamisme. Alors qu’il est attendu de lui qu’il nous explique où il en est de la vérification de sa théorie ; une théorie, dont nous attendons toujours les délices, puisque le fond de l’idée est qu’il ne fallait pas se braquer sur les fruits amers dont la «dégringolade» régressive nous a gavés avec magnanimité. Le voilà qu’il étend aux droits de l’homme le sort qu’il a fait à la sociologie. La DUDH est mobilisée au service du clergé islamiste. La DUHC et le droit humanitaire en général sont présentés, de façon tendancieuse et spécieuse, comme opposables aux seuls États. Pas un instant il n’explique que l’antagonisme entre les droits de l’homme et l’islamisme est essentiel. Elle n’est pas dans les formes, ou les aspects de détails, elle est dans l’essence même de chacun des deux corpus. S’il a absolument raison d’affirmer que l’État algérien, dans le traitement de la violence islamiste, devait, et doit, s’interdire tout recours à la torture ; toute atteinte aux «droits naturels» des individus, cette protection des individus et de leurs droits ne peut en aucun cas être invoquée pour fonder, promouvoir et porter des conceptions attentatoires aux droits de l’Homme. Les «droits naturels» de ces individus leurs octroient-ils le «droit» de construire leur État islamique ? Pour échapper à cette question, A. Lahouari introduit, en filigrane de son argumentaire, une confusion entre islamisme et islam. «L’habitus religieux n’est pas que chez les islamistes. Il existe aussi chez ceux qui réifient des constructions sociales au détriment du droit naturel des individus à la vie et à leur intégrité physique.» On voit bien là que l’opposition entre l’islamisme et le souverainisme tatillon d’un côté, et la DUDH, de l’autre, n’est pas de même nature. Les souverainismes tatillons, qui ont succédé aux luttes pour les indépendances et ont accompagné les politiques développementalistes, en contrevenant aux droits de l’homme, en les bafouant, trahissent leur propre nature et dérogent à leur vocation de promotion de ces droits. Alors que l’islamisme en s’opposant à ces droits, ou en les instrumentalisant, exprime son essence totalitaire, négatrice des droits politiques des individus et de la citoyenneté. Il faut reconnaître qu’il y a bien plus de facilité à porter atteinte aux droits naturels des individus dans les systèmes théocratiques (Iran, Afghanistan, Pakistan, Soudan, Arabie saoudite…), qu’en Algérie par exemple. Le propos de M. Lahouari perd encore plus de son crédit, lorsque, entraîné par ses a priori idéologiques et ses affinités politiques, il cite un ancien ministre des gouvernements de Boumediene, parmi les sommités du droit international. Certainement qu’à l’appui de ce jugement, il pourrait nous fournir quelques ouvrages de référence en la matière, que le vénérable Ali Yahia Abdennour aura signés de sa plume (La plateforme de Sant’Egidio mise à part) ?! Alors que la torture était pratique courante, Ali Yahia Abdennour n’était nullement gêné ni par cette pratique ni par la proximité d’un dictateur. Mais comment attendre cela de quelqu’un qui, encore aujourd’hui, met son action politique au service du fascisme ? Le propos de A. Lahouari finit de fondre comme neige au soleil, et se révèle dans toute son inconsistance, lorsqu’après les doctes explications censées démontrer l’avance acquise, outre- Méditerranée, sur l’intellectuel resté au pays des généraux «condamnés» à attendre la fécondité promise, il finit par s’emmêler les pinceaux et trahir sa totale ignorance en la matière où il prétend donner des leçons. Il confond les Tribunaux internationaux dont la compétence connaissait des limites de durée et de territorialité, et la Cour internationale de justice, instituée par le statut de Rome, dont la compétence est réputée universelle, ou du moins est-elle projetée en tant que telle. Même mieux, il va dans la confusion jusqu’à croire que la signature d’un traité international vaut ratification et donc transposition dans le droit national. L’Algérie est l’un des Etat signataires du traité de Rome, mais à ce jour, elle n’a pas procédé à sa ratification, ce qui exclut l’Algérie de compétences de la Cour pénale internationale. Ce n’est pas pour autant que l’Algérie, quels que soient les évènements et les circonstances, se trouve hors du champ de compétences de la CPI, une situation qui pourrait être qualifiée de génocide, d’atteintes graves aux droits de l’homme, une situation où l’État algérien paraîtrait avoir renoncé à son devoir de protection de ses citoyens peuvent enclencher des actions de la CPI (par auto-saisine de son procureur, ou injonction du Conseil de sécurité de l’ONU) à l’encontre de l’État algérien. La question est donc de savoir si cet État risque et peut se mettre dans cette situation. La «communauté internationale» est loin d’être cette harmonie parfaite qui se mobilise pour la veuve et l’orphelin, et le droit humanitaire est trop souvent réduit à un faire-valoir des volontés impériales des puissances qui dominent le monde. Le droit humanitaire préfigure une société mondiale plus égalitaire, plus juste, plus humaine, mais il faudra que toutes les forces de progrès s’investissent dans cette nouvelle lutte pour un monde fait par l’Homme pour l’Homme.
M. B.


Source de cet article :
http://www.lesoirdalgerie.com/articles/2012/01/17/article.php?sid=128881&cid=41

Partager cet article
Repost0
15 janvier 2012 7 15 /01 /janvier /2012 15:09

كاستورياديس: لن تجد أصولياً واحداً يحب الفلسفة

أحد المفكرين القلائل الذين جمعوا بين الفلسفة والتحليل النفسي

باريس: هاشم صالح 

يعتبر كاستورياديس أحد المفكرين القلائل الذين جمعوا بين الفلسفة والتحليل النفسي. بمعنى آخر فإنه يفكر في المجتمع والفرد على حد سواء، ولا يهمل الفرد ونفسيته العميقة كما يفعل الماركسيون والإيديولوجيون مثلاً. وهو يعرّف الفلسفة على النحو التالي: إنها تعني أن نتحمل مسؤولية كل مشاكل عصرنا وهمومه عن طريق الفكر. فالفكر هو الذي يوضح للناس حقيقة ما يجري حولهم، وهو الذي يضيء لهم الطريق عندما تدلّهم العواصف والخطوب، وتضيع الرؤية ويحار الناس.

المفكرون الكبار أو الفلاسفة هم المنارات التي تشع على مدار العصور والأزمان. وهذه المنارات المشعة تمتد من سقراط وأفلاطون وأرسطو إلى كاستورياديس نفسه مروراً بديكارت وكانط وهيغل ونيتشه وفرويد وعشرات غيرهم.

يقول كاستورياديس في رده على سؤال طرح عليه بخصوص مساره الفكري وكيف كان او كيف حصل:

- لقد كنت مشغوفاً بفرويد منذ صغري. وقد تنبهت منذ البداية إلى ضرورة أخذ البعد النفسي والجنسي للفرد بعين الاعتبار، وليس فقط البعد الاجتماعي والاقتصادي كما يفعل الماركسيون. ولكن تركيزي على البعد الجماعي أو الاجتماعي كان هو الأقوى بسبب تأثير الماركسية عليّ حتى عام 1960. بعدئذ انخرطت في تحليل نفسي لذاتي، وأصبحت فيما بعد محلّلاً نفسياً بدوري. بدءاً من تلك اللحظة أصبح مستحيلاً عليّ أن أظل ماركسياً. فقد بدا لي أن فلسفة ماركس تعاني من نقص رهيب وكبير ألا وهو: إهمالها لفردية الإنسان وأعماقه السيكولوجية وتركيزها فقط على الحياة الجماعية حتى لكأن الناس قطيع لا عواطف لهم ولا مشاعر ولا احساس. ثم إن الأخطر من ذلك هو إهمال ماركس لما ادعوه بالتأسيس الخيالي للواقع الاجتماعي-التاريخي. فماركس لم يكن مهتماً إلا بدراسة البنى التحتية، أي المادية والاقتصادية، وكان يهمل الخيال أو المخيال الاجتماعي ويعتبره مجرد انعكاس سطحي للبنى التحتية. وهذا خطأ رهيب، لأن الصورة التي يشكلها المجتمع عن نفسه في فترة ما من فترات تاريخه لا تقل أهمية وحسماً عن العوامل المادية. فالمخيال الاجتماعي المشكل من عقائد وتصورات وخيالات أمر أساسي. ولكل مجتمع رؤياه العامة للعالم والوجود. ولا ينبغي إهمالها بأي شكل. وقد تتخذ هذه الرؤية الصيغة الدينية او الفلسفية او الاسطورية الخ..

ولكن ألا يقترب نقد كاستورياديس للماركسية هنا من نقد جان بول سارتر؟ فسارتر أيضاً دعا إلى المصالحة بين الوجودية والماركسية وعاب على الماركسية إهمالها للذات الفردية وللعوامل النفسية؟.. على هذا السؤال يرد كاستورياديس قائلاً:

لم أتابع أعمال سارتر إلا قليلاً. اطلعت من قبيل الواجب على كتابه الشهير "نقد العقل الجدلي"، ولكنه لم يقنعني أبداً. ولم أستطع أبداً أن أقرأ كتابه عن فلوبير "أبله العائلة". في الواقع إن سارتر لم يفهم أي شيء من نظرية فرويد. فهو يعترض مثلاً على المصطلح الأساسي الذي يؤسس التحليل النفسي، قصدت مصطلح اللاوعي. ويقول محتجاً على فرويد: ما هو هذا الوعي الذي لا يعي بذاته؟ وهذا سؤال غبي جداً، لأن من طبيعة اللاوعي ألا يكون واعياً بذاته. ومصطلح اللاوعي أو تجربة اللاوعي إذا شئنا هي تجربة مؤكدة تشهد عليها حقيقة الذات الفردية، والمجتمع، والتاريخ. ولكن السيد سارتر لا يراها. وبالتالي فهو لم ير شيئاً يذكر..

لننظر الآن، ولو للحظة، الى البعد المشكِّل أو المؤسِّس للمجتمع والتاريخ. ما هو هذا البعد؟ إنه مقدرة المجتمعات البشرية على أن تشكل مخيالها الخاص في كل فترة من الفترات: أي عقائدها وتصوراتها، او رؤياها المحددة للعالم والتي تفرقها عن غيرها. فالعالم الإغريقي القديم مثلا شكل رؤية معينة عن العالم وعاش عليها حتى مات وانقرض. والعالم العبراني-المسيحي شكل رؤية معينة أو خيالية عن العالم وعاش عليها حتى مجيء العصور الحديثة. وهي الرؤية التي تجسدها الديانة اليهودية- المسيحية. بعدئذ حلَّت الرؤية التنويرية العلمانية الحديثة محلها. وهي رؤية علمية فلسفية لا دينية لاهوتية. والعالم الرأسمالي الحالي شكل رؤية معينة عن العالم، وهي رؤية قائمة على توسع الإنتاج والاستهلاك إلى ما لا نهاية، ولا يزال يعيش عليها حتى الآن..فكلما استهلكت واستمتعت ماديا وغرائزيا اكثر كلما حققت وجودي اكثر، او على الأقل هذا ما يعتقده الناس في المجتمعات الرأسمالية. ونلاحظ أن أوروبا الحديثة استخدمت تراث اليونان والرومان والعبرانيين والعرب وغيرهم لكي تشكل رؤيتها الخيالية للعالم وتعيش عليها. بالطبع فإنها عجنت كل هذه العناصر وطبختها وصهرتها لكي تخرج بصيغة جديدة تختلف عن كل عنصر مأخوذاً على حدة. فلا شيء يدخل إلى المجتمع من الخارج إلا إذا هضم واستوعب، والا فانه يلفظ وينبذ. ولا شيء يدخل إلى النفسية الفردية إلا إذا استوعب وهضم أيضاً. وهنا نلاحظ التماثل أو التوازي بين آلية الفرد، وآليَّة المجتمع في الهضم والاستيعاب. مصيبة ماركس هي أنه لم يفهم أبداً الدور الذي تلعبه التصورات الخيالية أو العوامل النفسية في تطور المجتمع. لقد كان عقلانياً صرفاً لا يفهم دور الأسطورة الخيالية أو العقيدة المثالية في حياة المجتمعات والشعوب. من هنا الطابع البتري بل والاختزالي للنظرية الماركسية فيما يخص الدين مثلا. إنها تبتر أحد الأبعاد الأساسية للإنسانية لكيلا تركز على بعد واحد فقط: هو البعد المادي الاقتصادي.ولهذا السبب سقطت الماركسية.

ولكن كيف يقيِّم كاستورياديس في المحصلة النهائية أهمية ماركس وأهمية فرويد؟ على هذا السؤال يجيب قائلاً:

ماركس مفكر كبير. هذه حقيقة. وسوف تبقى صورته معلقة في محراب الفكر إلى جانب عشرين مفكرا آخر من أمثال: توكفيل، مونتيسكيو، هوبز، أفلاطون، سقراط، الخ.. هناك شيئان تعلمناهما من ماركس، وسوف يبقيان. الأول هو التركيز على أهمية المحيط الاجتماعي للفرد البشري أو أهمية البيئة التي ولد فيها في تشكيل شخصيته. ثم إحداث القطيعة مع كل تصور فرداني أو جوهراني أو مثالي يتجاوز الواقع او يقف فوقه. ولكن هذه القطيعة تظل لدى ماركس نفسه مختلطة، غامضة غير واضحة. مع ذلك فله الفضل في تعليمنا كيف ننظر إلى المجتمع ككل متكامل. والثاني هو أنه فكر في العناصر الفعلية في المجتمع والتي يمكن أن تؤدي إلى تحويله أو تغييره نحو الأفضل: أي انتاج السلع المادية الضرورية للحياة وأدوات هذا الانتاج ودور الطبقة العاملة الخ..

وأما فرويد فالأمر عنده مختلف جداً. فما سيزول من فكره هو الطابع البطريركي لشخصيته، والطابع الوضعي أحياناً لمواقفه المعرفية. ولكن هذه أشياء يمكن أن نجتزئها من فكر فرويد ويظل مع ذلك صحيحاً وصالحاً بالنسبة لنا. ولكن ينبغي أن نذهب إلى أبعد مما ذهب إليه. وهذا ما أحاول فعله أنا شخصياً.

والآن ما هي العلاقة بين التحليل النفسي والفلسفة أو ماذا قدم التحليل النفسي للفلسفة؟ يقول كاستورياديس في محاضرة شهيرة: لقد قدم لنا التحليل النفسي الحقائق الثلاث التالية. أولاً: إن التحليل النفسي على المستوى الأنطولوجي يرينا نمطاً من الكينونة تجهله الفلسفة التقليدية. فالتحليل النفسي هو الذي يكشف لنا عن أعماق النفس البشرية لأول مرة. وثانياً: إن التحليل النفسي يجبرنا على أن لا نرى الكائن البشري ككائن عقلاني فقط. وإنما هو كائن خيالي أيضاً، أو مليء بالصور والخيالات اللاعقلانية بل وحتى الهائجة. فتحت الوعي الظاهري يربض الوعي الباطني أو اللاوعي. وهو عبارة عن قارة مظلمة، مترجرجة، موحشة، لا يعلم الا الله ما فيها. وثالثاً: إن التحليل النفسي يضيء لنا تصرفات الفرد وبواعثها بشكل لم يسبق له مثيل من قبل عن طريق سبر أعماق هذه القارة المظلمة بالذات. فعن طريقه نفهم لماذا يتصرف الانسان بهذه الطريقة لا بتلك.

وأما الفلسفة الحقيقية أو العظيمة فيعرفها كاستورياديس على النحو التالي: إنها الفلسفة التي تفتح الطريق لتجاوزها نحو أفق أرحب. لماذا؟ لأن كل فلسفة كبرى تميل بطبيعة الحال إلى أن تنغلق على ذاتها وتعتبر نفسها الحقيقة المطلقة أو التفسير النهائي للعالم والمجتمع والتاريخ. وهنا يكمن خطر الدوغمائية أو الأصولية الانغلاقية. ولهذا السبب يدعو كاستورياديس إلى تجاوز التراث الفلسفي المسيطر: أي التراث الإغريقي-الغربي. ولكنه لا يعترف "بموت الفلسفة" كما يزعم بعضهم حالياً. فالفلسفة لا تموت، ولكنها تتجدد باستمرار. فالتراث الفلسفي الإغريقي-الغربي مستمر منذ أفلاطون وأرسطو وحتى كانط وهيغل. وهو تراث عظيم بدون شك، ولا يمكن أن يموت بالمعنى الكامل للكلمة، ولكن ينبغي تجاوزه لأن الحياة لا تتوقف. ثم يردف كاستورياديس قائلاً: لقد كنت مبهوراً بالفلسفة مند نعومة أظفاري: أي مند أن كان عمري ثلاثة عشر عاماً. فبما أني اغريقي الأصل وعشت طفولتي في "أثينا" فقد استغللت بيع الكتب بالترخيص لكي أشتري مجلدين كبيرين لتاريخ الفلسفة. والتهمتهما في فترة قصيرة. وهكذا اطلعت على أفلاطون وكانط، وأرسطو، وهوسيرل، وهيغل، وماكس فيبير على الترتيب، بالإضافة إلى ماركس بالطبع. ومنذ ذلك الوقت ما انفككت أقرأ كتب الفلسفة. فمن لا يقرأ التراث الفلسفي ليس مثقفاً. ثم جئت إلى باريس عام 1945 لكي أحضر الدكتوراه في الفلسفة. وكان موضوعها هو أن كل نظام فلسفي عقلاني يؤدي بالضرورة إلى مآزق ومسائل عويصة في نهاية المطاف. ولا يمكن حلّها إلا عن طريق تأسيس نظام فلسفي جديد، وهكذا دواليك. وقد تخلصت من ماركس ورفضت نظامه الفلسفي حوالي عام 1960 عندما ابتدأت أبلور نظريتي عن التأسيس الخيالي للمجتمع. لا ريب في أني تأثرت بالتراث الفلسفي اليوناني-الأوروبي مثلي في ذلك مثل بقية المفكرين الآخرين. ولكن تأثري بأرسطو كان هو الأكبر. فأرسطو جاء "بعد التنوير" بمعنىً من المعاني. وبالتالي فإن حالته التاريخية تشبه حالتنا إلى حد ما. ولكن أرسطو لم يجئ فقط بعد التنوير، وإنما جاء أيضاً بعد تلك الردة الهائلة والشرسة على التنوير. وهذه الردة الرهيبة نظمها أكبر فيلسوف ظهر في التاريخ البشري حتى الآن: قصدت أفلاطون، أستاذ أرسطو. فأفلاطون هو الذي بلور الفلسفة اللاهوتية أو المثالية المضادة للعقلانية التنويرية. انه هو الذي بلور نظرية المثل التي تتعالى على الواقع الارضي وتقع في السماء. ثم جاء أرسطو كرد فعل ضده، ولكن أرسطو كان تلميذه ولا يمكن فهمه بدون فهم أستاذه الذي انقلب عليه: أرسطو

Partager cet article
Repost0
15 janvier 2012 7 15 /01 /janvier /2012 14:48

لقد كانت مصادر تمويل حركة النهضة نقطة استفهام كبرى ولا تزال كذلك لأسباب نجهلها نحن التونسيون. هناك إخفاء متعمد من قبل قياديي الحركة لمصدر الثروة، مما أدى إلى بروز تخمينات التي تتحدث عن إيران والسعودية وقطر إلخ... لكن المعلومة الدقيقة غابت للأسف عن الجميع
سأحاول في هذا المقال إبراز أحد مصادر التمويل وعلاقته المباشرة بحركة النهضة
تعتبر جمعية " المجتمع المسلم الأمريكي" ، ومقرها في واشنطن" من أبرز ممولي الحركة ولا يمكن أن نتعجب لذلك عندما نعلم أن نجل راشد الغنوشي والمسمى "سهيل الغنوشي" كان رئيسها. فالجمعية تعتبر من أهم البؤر للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية ولها من الأموال ما يكفي لتمويل الحملة الإنتخابية للنهضة وبقية الأحزاب التونسية. ويمكنكم الإطلاع على موقع الجمعية في الرابط التالي :http://www.masnet.org/main/
ولقد تم استبعاد سهيل الغنوشي على خلفية انشقاقات تمت صلب الجمعية والتي نجهل أسبابها بالظبط وإليكم هذا الرابط
وما يمكن لنا تأكيده أن هذه الجمعية هي محل عديد التحقيقات الفيديرالية وتتهمها عديد الجهات بدعم الإرهاب، وكالعادة إليكم بعض الروابط
إن ما يمكن لهذه الجمعية توفيره من أموال لحركة النهضة، إضافة إلى الأموال المتأتية من المنظمات الدولية المناهضة للتعذيب والمساندة للمساجين السياسيين، يمكنها تفسير هذا البذخ الذي تعيشه الحركة. فهاته الأموال لم يتمتع بها أحد من مساجين التيار الإسلامي، بل بقيت بين أحضان الغنوشي وصالح كركر الذي اشترى نزلا في فرنسا والمدعو لطفي زيتون المكلف بأموال الحركة في المهجر. 
Partager cet article
Repost0
15 janvier 2012 7 15 /01 /janvier /2012 14:45
mannouba
 
لو اقترح أحدهم على قياديي النهضة، تكوين جمعية إسلامية أو أي مكون من مكونات المجتمع المدني، يرعى الإسلام، بعيدا عن اللعبة السياسية، لرفضوا ذلك رفض اليهود للنازية، لأن همهم الوحييييد هي الكراسي وللأسف وجدوا أتباع من أصحاب العقول البسيطة.
 
قال تعالى : "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم المفسدون ولكن لا يشعرون" صدق الله العظيم
نصيحتي إلى أعضاء النهضة، رغم معارضتي لهم، إذا قررتم الدخول في اللعبة السياسية، فلديكم رجل شريف إسمه عبد الفتح مورو، ساندوه واستمعوا إليه، بعيدا عن المجرم المدعو راشد الغنوشي الذي زج بشرفاء النهضة في مواجهة مسلحة مع بن علي في 1990، هم في الحقيقة لا طاقة لهم بها. راشد الغنوشي سيبقى تاريخه يلاحقه ولو انغمس في ماء زمزم.
فاستغلوا وجود شرفاء في حركتكم، حتى تكسبوا ثقة الشعب بما في ذلك العلمانيون.
فنحن لن ننسى الماء فرق ولن ننسى تفجيرات الفنادق الساحلية، لن ننسى إرهاب الطلاب في الجامعات التونسية، لن ننسى تجنيد التلاميذ القصر لسرقة المواد الكيميائية من المعاهد، لن ننسى تفننكم في صناعة المولوتوف، لن ننسى قتلكم للأيمة الذين مدحوا بورقيبة، لن ننسى حادثة باب سويقة، لن ننسى إعتدائكم على رواد المقاهي في شهر رمضان، وضربكم للفاطرين بمرضاهم ومعاقيهم بالسلاسل الحديدية، لن ننسى صاروخ ستينقر الذي كنتم تعدونه لضرب الطائرة الرئاسية المتوجهة للصين، ولن ننسى نيتكم تفجير قنطرة بنزرت وكل هذا للإنقضاض على الحكم. 
لعنة الله على من باع أمن وطنه تحت سترة الدين. 
لم اعرف لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة موقفا واحدا مشرفا أو حتى نضاليا.
فهل أن تفجيرات فنادق المنستير وسوسة مواقف بطولية تحسب لراشد الغنوشي ؟ وهل ان التفاف راشد الغنوشي على الثورة موقفا بطوليا يحسب لراشد الغنوشي ؟ ام هل اختيار راشد الغنوشي للمنفى الاختياري بعدما زج بأتباعه ومريديه في حقول ألغام بن علي فقتل من قتل وسجن من سجن وهرب من هرب أمّا
عن الشيخ الهمّام فلا تسأل. فهو في جنائن بريطانيا يأكل من أموال دافعي الضرائب البريطانيين ومن قوت الفقراء والمساكين لا يحس صقيع زنزانات تونس ولا أسواط جلاّدي قباب وزارة الداخلية ولا مباغتات أمن دولة بن علي ذووا الأكتاف العريضة والرؤوس الحليقة تتبعهم كلابهم الوديعة في ساعات الفجر الأولى...
لقد اختار شيخكم الصدام... لكن من حق التونسيين أن يعرفوا التالي:
ألم تفرج السلطة عن جميع أعضاء وقيادة الحركة سنة 1988 ؟ ألم يقع الافراج عن جميع أعضاء المجموعة الأمنية للحركة ؟ هذه المجموعة التي كانت تعمل من أجل التخريب والقتل. ألم يقع منح ترخيص للحركة الطلابية القريبة من النهضة وهي الاتحاد العام التونسي للطلبة ؟ ألم تمضي الحركة على الميثاق الوطني وكانت ممثلة في المحامي نورالدين البحيري ؟ ألم يقع اشراك أحد قياديي الحركة وهو عبد الفتاح مورو في
المجلس الاسلامي الأعلى ؟ ألم يقع الترخيص للحركة بإصدار صحيفة الفجر ؟ ألم يقع العفو على راشد الغنوشي من حبل المشنقة ومنحه جواز سفر والسماح له بالسفر للخارج بكل حرية ؟ ألم يقع السماح لحركة النهضة بالمشاركة في انتخابات 1991 ولو بقوائم مستقلة ؟ 
وعوض أن يستغل شيخكم هذه المكاسب وعوض ممارسة ضبط النفس والعمل على المصالحة مع المحيط السياسي والاجتماعي التونسي وعوض بناء حركته بكل حكمة وتعقل عمد إلى استعراض بطشه باكرا فدخل في صدام مع الدولة وبدأ مسلسل الرعب ففر شيخكم هاربا متخفيا عبر المسالك الوعرة إلى الجزائر... ثم إلى السودان... فالتحقت به مجموعات صغيرة من أتباعه. لا أظن أنكم لا تعرفون كيف تنكر شيخكم لمجموعة من أتباعه الذين فروا من تونس والذين بقوا معلقين بدول المرور كليبيا والسودان والجزائر
وسوريا وتركيا وعندما التحق به بعض الناجين بالخارج قال لهم إن المصلحة العامة والحفاظ على كيان الحركة اقتضى أن نترك البلاد فليس لكم عليّ حرج ولا متابعة. لم يجد هؤلاء المغرّر بهم الذين وجدوا أنفسهم يبيتون في العراء يتضورون جوعا، لم يجدوا من عزاء غير الاحتكام للصبر ولمشيئة الله الذي فرّج عن كربتهم حيث عرفوا النكبة التي مني بها قياديو النهضة فحمد هؤلاء التابعين الله بأن الحركة لم تحكم تونس. 
لقد تنكر لهم الشيخ وبعضا من القياديين وعاملوهم معاملة تنم عن احتقار وجهوية مقيتة. اسألوا الإخوة الذين فروا من الاظطهاد من تونس وأرادوا اللحاق بشيخهم سيروون لكم كيف تنكرت لهم القيادة بالخارج فذاقوا من العذاب والحرمان وطالهم الاقصاء والتشكيك في براءة الذمة والتخوين، فكان مصابهم مضاعفا. فتراكم على الكثير من الذين اغتروا بسياسة النهضة المصائب وتوالت عليهم الشدائد ولعل أشده ظلم ذوي القربى من قيادات النهضة ولكم أن تسألوا راشد الغنوشي وبعضا من زمرته عن
موت تونسي يدعى مجاهد الذيبي بالسودان...
مثلما لم ينسى التاريخ سياسة بن علي الارهابية فإنه كذلك لن ينسى سياسة النهضة الارهابية. لقد دقت ساعة الحسم وحانت ساعة المسائلة ونريد ان نعرف إجابات عن بعض الأسئلة حتى تكتمل الصورة :
هل أن مهاتفة الغنوشي لسيف الاسلام القذافي بعد هروب الطاغية بن علي ومحاولة كسب القذافي في صفه موقفا بطوليا يحسب لراشد الغنوشي ؟ أم أنه كان يقصد كسب ود القذافي ليكون في صفّه بالمال وإن لزم بالعتاد فالأخ القائد يداه سخية ومعطاءة ولا أظنه لو كتب له النجاة أن يبخل على الشيخ وحركة الشيخ بجوده ؟
هل أن الدعوة للقتال بين التونسيين موقفا بطوليا يحسب لحركة النهضة فها هو القاسمي وهو أحد القياديين اللاجئين في نيوشتال السويسرية عمد في مدونته أثناء اشتعال الاضطرابات في تونس إلى الدعوة الصريحة لاستعمال الشباب الأحزمة الناسفة حتى يستشهدوا في سبيل الله وهو الآن متابع من طرف حزب سياسي بسويسرا بتهمة التحريض على قتل نفس بشرية بدون وجه حق... ؟
هل ان استفراد الغنوشي بقيادة أبدية للحركة موقفا بطوليا يحسب له وهو الذي يدعو للتداول على الكراسي وللمشورة وللمحاسبة ؟
هل وقعت محاسبة رئيس حركة النهضة عن كل التجاوزات المالية التي قام بها طيلة رئاسته للحركة ؟
هل يمكن لزعيم النهضة أن يبين لنا أين ذهبت الخمسة ملايين دولار التي أودعها حسن الترابي في حساب الهاشمي الحامدي بلندن ؟ 
هل يمكن لزعيم حركة النهضة أن يروي الرواية الصحيحة التي جعلت حبل الود بينه وبين الحامدي ينقطع دون رجعة حتى أن الحامدي صرح بأن راشد الغنوشي الذي أراه اليوم هو شخص ميت ؟
هل يمكن الوثوق في شخص حوّل حركة النهضة لمزرعة خاصة لا يستشير أحدا من رفاقه ولا يمكن لأحد محاسبته فهو يستمد مرجعية دينية أجهل مصدرها تجعله فوق كل محاسبة او مسائلة ؟ أتحدى أي كان من المدافعين والمؤمنين بهذه الحركة ان يطلعون على أحد القياديين في الحركة الذي يمكن ان يدلي برايه.
واخيرا هل يمكن الوثوق في حركة ترأسها قيادة بهذه الصفات أن تحكم تونس ؟
وهل يمكن أن نرضى بحركة صعب عليها تقديم اعتذار للشعب التونسي على جرائمها، بل واعتبروا البعض منها "أحداث صغيرة" ؟
وهل يمكن أن نرضى بحركة أخفت جل جرائمها على الشعب التونسي الذي يتعطش للحرية والشفافية ومعرفة تاريخه ؟
وهل يمكن أن نرضى بحركة كانت على علم بانقلاب 7 نوفمبر 1987 وتسترت عليه حتى تقوم بانقلاب ثان يوم 9 نوفمبر 1987 ؟
هل... هل .... هل... هل....هل.... هل.... هل.... هل....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Partager cet article
Repost0
15 janvier 2012 7 15 /01 /janvier /2012 14:42

قد نكون أخطأنا في التّعامل مع تصريحات حمّادي قنابل آاااه ... عفوا الجّبالي في ما يخصّ مسألة الحطاب الربّاني والخلافة الراشدة السادسة، لكن الواقع هو أنّ الخليفتنا مقتنع إيديولوجيّا وعقائديّا أن الخلافة قادمة وأنّه من الممكن أن يكون الخليفة السّادس بعد أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان ومعاوية وعمر بن عبد العزيز.
بعضكم سيتّهمنا بالتّهجم على شخص الوزير الأوّل الجّبالي، وسيكيل الإتهامات لنا جزافا، لكن يوم 28 فيفري 2011 قام الجّبالي بتصريح صحفي لمجلّة حقائق "Réalités" يعطينا الحق في تخوّفنا وشكوكنا في المنهج السّياسي لحركة النّهضة.
في ما يلي سنقوم بذكر أهم ما جاء في التصريح الصّحفي : 
1/ إقتداء حركة النّهضة بالنموذج الثوري الخميني الإيراني، وتطوّرها عبر الزّمن ويضيف الجّبالي "إنّنا اليوم حركة لها تاريخ ومكاسب لا يمكن إنكارها" 

"On est passé d’un mouvement de prédication dans les années soixante-dix du siècle passé à un mouvement de jeunes politisés sous l’effet de la révolution iranienne, et de notre forte présence à l’université. Ensuite on est devenu un mouvement politique et protestataire avec ses points négatifs et positifs. Nous sommes aujourd’hui un mouvement qui a une longue histoire et des acquis indéniables." 
لكن كما ورد في التّصريح، لا حديث عن منهج التّطوّر وإلى هذا اليوم لا نعلم ما هي مكاسب الحركة !!! هل العمالة لقطر وأمريكا مــكـــاسب ؟؟؟ 


2/ في سؤال عن تطبيق الشّريعة يقول حمّادي الجّبالي : "لنكن واضحين : لن نحلّ ما حرّم الله ولن نحرّم ما حلّل الله وإلا لن نكون حزبا إسلاميّا "



"Soyons clairs. Ennahdha n’autorisera pas l’illicite clairement édicté par Dieu et n’interdira pas le licite permis par Dieu lui-même, sinon nous ne serions plus un mouvement islamiste." 


هناك سؤال يطرح نفسه : ألم يحن الوقت لتقولوا الحقيقة للشعب التّونسي ؟ هل النّهضة حزب إسلامي أم مدني ؟ 

في الحقيقة أتفهّم قيادات الحزب وأجد لهم أعذارا (كما أوجد راشد الخريجي أعذارا للإرهاب وللحرق والرّش بماء الفرق) فلا يخفى على أحد أن حركة النّهضة تعاني من إنشقاقات داخلها فنجد الشّق السّلفي الجهادي والشّق الإخواني "خوانجيّة" والشّق الإصلاحي التّقدّمي ... لكن إلى أي شقّ ينتمي حمّادي الجّبالي ؟؟ 


3/ إنطلاقا من تصريح حمّادي الجّبالي أنّ الحركة ستطبّق الشّريعة إذا طلب من ذلك من طرف الشّعب، نفهم أن خليفتنا لا يمكن أن يحسب على التّيار الإصلاحي، فهو إمّا من أنصار السّلفيّة أو إخوانجي بمرجعيّة سيّد قطب. وإليكم نص التصريح :


Si la société arrive à réaliser les conditions de la justice, est-ce que votre mouvement appellerait alors à appliquer la loi divine telle qu’elle est prescrite dans le Coran ?

Oui, Nous sommes tout d’abord avec les finalités et l’esprit de la Chariaâ, mais si le jugement divin est clairement signifié, nous ne pouvons pas l’abroger.


Donc Ennahdha appellera, à terme, à appliquer ces sentences ?

Oui et que cela soit clair. C’est notre démarche. Nous privilégions l’esprit de la Chariaâ, mais nous ne pouvons pas être contre sa lettre quand celle-ci est clairement exprimée dans les textes sacrés. 




لكن السّؤال المطروح : ما معنى أن يطلب الشّعب منكم تطبيق الشّريعة ؟ هل فوزكم في الإنتخابات هو تصريح شعبي مثلا ؟ هل سيكون ذلك عن طريق إستفتاء مثلا؟ هل ستنتظرون إحكام السّيطرة على أجهزة الدّولة للقيام بانتخابات تمكّنكم من التحكّم في نتائجها تكون مدخلكم لتطبيق الشّريعة ؟ هل 50% زائد 1 نتيجة تعطيكم الحق في تطبيق الشّريعة ؟

!!! لم أتصوّر يوما أن أتحدّث عن الشّريعة وتطبيقها من عدمه في سياق حديثي عن رئيس الحكومة التّونسيّة ها ها ها ها ... 

في الحقيقة، إن تفسير ما جاء على لسان حمّادي الجّبالي له تفسيرين إثنين لا ثالث لهما :
1- هناك حمّاديان جباليان أحدهم قام بهذا التّصريح والآخر هو رئيس الحكومة الحالي وأحنا "غلّطونا"
2- أن رئيس الحكومة الحالي تلوّن كالحرباء وأحكم وضع قناعه ولبس رداء الديمقراطيّة عن مضض وهمّه الوحيد هو الكرسي وإحكام السّيطرة على قطاعات الدّولة بما يضمن له وللحركة التي ينتمي إليها الإستمراريّة والإستحواذ على الحكم.

وبالرّغم من ذلك سألعب دور الغبيّ وسأفترض أن الإحتمال الأوّل هو الصّحيح ... ماهوش طحين وإلا تلحيس بل إيمانا منّي بمقولة : جيب فيها مهبول تعيش.





إليكم رابط المقال الذي وقع حذفه بقدرة قادر من موقع مجلّة حقائق : http://jamiatalhurriyat.org/blog/?p=328
Partager cet article
Repost0

Sites partenaires

Rechercher

Whos Amung Us

مقالات مختارة للكاتب من موقع الحوار المتمدن

مدونة #مالك_بارودي

Texte Libre

Translate this with Google