.
مهبة: إسم مؤنث. يسمي التونسيون مهبة المال الذي يعطونه لأطفالهم يوم عيد الفطر، غير أن أصل إشتقاقه ليس فعل "وهب" كما يبدو لأول وهلة، بل فعل "نهب". وقد انقلب حرف النون فأصبح ميما ربما لتيسير نطق الكلمة وربما لأسباب أخرى. وبالرجوع إلى الماضي يمكن ربط هذه الكلمة بتاريخ التوسع الإسلامي بالمغرب العربي المتكون أساسا من برابرة إعتبروا أن نشر الإسلام بحد السيف في ربوعهم إعتداء على حرياتهم واستعبادا لهم كأشخاص واستغلالا لممتلكاتهم وثرواتهم. إذ لم يكونوا راضين عن شيئ مما أتاهم به المسلمون، وخاصة تلك الضرائب المتعددة التي وجدوا أنفسهم مجبرين على دفعها رغم أنوفهم. فكانوا يعتبرونها نهبا لأموالهم ولمجهوداتهم من طرف أناس لا حق لهم في شيئ بينهم. وقد تغيرت الدلالة بعد ذلك بمرور الوقت جامعة بين كره البرابرة للإسلام وهذه العادة (عادة إعطاء المال للأطفال يوم العيد) التي وجدوا أنفسهم مجبرين على التقيد بها (وقد اعتبروها من قبيل الضرائب التي تطلبها الدولة طبقا للقوانين المعمول بها) خاضعين في نفس الوقت لمأزق قبول دين رغم أنوفهم ولرغبات وشهوات أطفالهم الكثيرة . فأصبحت الكلمة "نهبة" ثم "مهبة" وفي ذلك أكثر من دلالة.
.
.
في اللهجة التونسية ألفاظ ومفردات كثيرة يتداولها العامة بصفة طبيعية دون أن يعرفوا أصلها ودون أن يتبادر إلى أذهانهم أي سؤال عن تاريخ الكلمة التي يستعملونها. فللكلمات تاريخ مثل تاريخ الشعوب يهتم به علماء اللغة والباحثون في تاريخها. ولكن الدراسات المهتمة باللهجة التونسية منعدمة تماما، وربما يرجع السبب في ذلك إلى قلة المراجع التي تكاد تكون في معظمها شفاهية، هذا زيادة على عدم اهتمام التونسيين بالتدوين والكتابة كطريقة لحفظ التاريخ. وهذا ما دفعنا إلى البداية في هذا المشروع الرامي إلى تكوين قاموس للهجات التونسية وألفاظها سعيا منا إلى تقصي الحقائق والنبش في الذاكرة لكي لا يأكلها النسيان.
.
عناوين المقالات
- ...........................
- ...........................
- ...........................
.